المواطن اليمني بين غلاء متصاعد وسيولة منعدمة
يمنات
تتحدث البيانات الرسمية الحديثة عن انتكاسة حادة للإستقرار المعيشي في أوساط المجتمع اليمني الذي حولت فاتورة الحرب حياته إلى جحيم، فمعدل دخل الفرد في تدهور متواصل، ومعدل التضخم العام في أسعار السلع الأساسية يتصاعد دون توقف، والقوة الشرائية للعملة اليمنية تتآكل يوماً بعد آخر وتفقد قيمتها في السوق، وكل هذا التدهور الجماعي يجري في ظل عجز حكومتي صنعاء وعدن عن إيقافه.
وسجل المستوى العام لأسعار السلع والمنتجات الأساسية في السوق اليمني خلال العام 2016 ارتفاعات حادة بلغت 60 % للأغذية مقارنةً بمتوسط الأسعار قبل الحرب، وارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 40%.
إرتفاع التضخم
وتزامناً مع تصاعد التحذيرات الدولية من انهيار الأوضاع الانسانية وخروجها عن السيطرة، أكّد تقرير حديث، صادر عن وزارة المالية في صنعاء، ارتفاع معدل التضخم لأسعار المستهلك في الفترة بين شهري مارس 2015 وأكتوبر 2016 ، بنسبة 34 %، منها 24 % سجلت خلال العام 2015، ونسبة 10% سجلت في عام 2016.
وعلى العكس من اتجاه أسعار المستهلك، سجلت القيمة الشرائية للريال اليمني في السوق انخفاضاً بلغ نسبة 42 % بسبب تقلبات أسعار الصرف في السوق الموازي خلال الفترة ذاتها، ليفقد الريال اليمني 100 ريال من قيمته الشرائية منذ بدأ الحرب حتى نهاية 2016.
إرتفاعات الأسعار
التقرير التفصيلي لمؤشر الأسعار الصادر مؤخراً عن وحدة الأمن الغذائي في وزارة التخطيط في صنعاء، أشار إلى ارتفاعات متباينة في أسعار السلة الأساسية للغذاء في السوق اليمني.
وأكد التقرير ارتفاع أسعار القمح بنسبة 25.83 % عن مطلع العام 2015، وسجلت أسعار الدقيق ارتفاعاً بنسبة 24.23 % خلال الفترة عينها.
كذلك ارتفعت أسعار السكر بنسبة 48.66 % عن أسعارها قبل الحرب، وسجل الأرز ارتفاعاً بلغ 42.29 % خلال الفترة نفسها، وارتفع معدل أسعار زيت الطبخ بنسبة 33.17 %. ومع تراجع كمية الإنتاج المحلي من الحبوب، من 393 ألفاً و962 طناً عام 2014 إلى 275 ألفاً و773 طناً عام 2015، ارتفعت أسعار الذرة الرفيعة بنسبة 51.99 %. وفي ظل ارتفاع الطلب على المنتجات المحلية من الحبوب المختلفة في عدد من المحافظات، سجلت أسعار الدخن المنتج محلياً نسبة 54.76 % كما سجل ارتفاعاً في سعر الذرة الشامية بنسبة 69.56 % عما كانت عليه أسعارها في السوق قبل الحرب.
الاتجاهات السعري
رغم اتجاه الاتجاهات السعرية لأسعار المواد الأساسية نحو الانخفاض عالمياً نتيجة وفرة الإنتاج منذ مطلع العام 2015، إلا أنها لم تنعكس إيجاباً على الأسواق اليمنية التي تستورد 90 % من احتياجاتها من القمح من الأسواق الخارجية و100 % من احتياجاتها للأرز والسكر.
قدرات منهارة
مصدر في وزارة التخطيط في صنعاء أكّد أن مصدر دخل المواطن يعد عاملاً وسيطاً بين ارتفاع معدل تضخم الأسعار واستهلاك الفرد حتى في حالة ارتفاع أسعارالسلع والمنتجات.
وأشار المصدر، في تصريح لـ”العربي”، إلى أن أزمة السيولة أدت إلى تهالك القدرات الشرائية للمستهلك نتيجة تراجع مستويات الدخل وانعدامه لدى معظم اليمنيين الذين فقدوا فرص أعمالهم بسبب الحرب، أو بسبب أزمة السيولة والصراع السياسي على البنك المركزي الذي أدى إلى توقف صرف مرتبات موظفي الدولة الذين يشكلون 22 % من قوة العمل للشهر الرابع.
وشدد المصدر على أنه نتيجة للأسباب المذكورة “فإن أي تغيير جديد في المستوى العام للأسعار لن يستطيع المواطن مواجهته”.
الطبقة الوسطى
التدهور المعيشي طاول الطبقة الوسطى التي كانت تمثل إلى ما قبل الحرب بسنوات 48.34 % من عدد السكان، إلا إنها تقلصت خلال العامين الماضيين إلى ما بين 8 و12%، وذلك بعد أن تفاقمت مشاكل الدخل وأصبحوا يحصلون على أقل من 39 % من دخلهم السابق.
وأكّد “المركز اليمني لدراسات الدخل” في تقرير جديد انخفاض معيار إنفاق الطبقة المتوسطة على الغذاء من 54.7 % عام 2010 إلى 12 % خلال العام الفائت، وأشار إلى انخفاض الأهمية النسبية للسلع غير الغذائية وارتفاع الأهمية النسبية للسلع الغذاية، لأن “المجتمع يخشى أن يحدق به الجوع ولم يعد قادراً على شراء السلع غير الغذائية باستثناء وسائل الوقود والطاقة الشمسية فقط”.
المصدر: العربي