11 فبراير بين الثورة والمؤامرة
يمنات
عبد الوهاب قطران
الثورة ليست كتابة مقال ، أو رسم لوحة او دعوة الناس للعشاء أو عمل مزوق بابرة ، فلا يمكن أن تكون شيئا على هذا القدر من اللطافة واللياقة والاعتدال وسعة الصدر والصفاء والهدوء.
الثورة انتفاضة وفعل عنيف تتوسله طبقة ما للاطاحة بالطبقة الاخرى.
الثورة عملية مستمرة ، انتقال من وضع الى وضع ، نستطيع ان نقول انه في 11فبراير ظهر امل كبير جدا، لكن لصوص الثورات ، قوى الثورة المضادة ورعاتهم واسيادهم بالخارج الاقليمي والدولي ، نسجوا المؤامرة مبكرا، وصوروا للشباب والجماهير الثورية المزيف وعيها، ان الثورة هي فعل يتم بتنحية رجل واخراجه من السلطة هو علي عبد الله صالح ، جرى استبدال رجل برجل ، صالح بنائبه هادي فقط، واعادة توزيع السلطة بين الاحزاب السياسية المتكلسة المتفسخة التى شاخت وهرمت وتعفنت ، في حين ان الثورة عملية تغيير اشمل كثيرا جدا من مجرد الخلاص من رجل، فالرجل ذهب لكن الاوضاع التى كرست وتراكمت في الـ33سنة الماضية وربما قبلها كان لابد ان تزول ، والثورة تتحقق ليس فقط عندما تغير رجلا لكن عندما تغير واقعا، لقد نسجت المؤامرة على الثورة والشعب اليمني والعاصمة صنعاء ومحيطها التى اطلقوا عليها بحقد وخبث “المركز المقدس” من قبل الدول التى لديها مصالح باليمن ، امريكا بريطانيا السعودية قطر ومن اطلق عليهم الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية التى اختزلت الثورة في نقل السلطة من الرئيس الى نائبه، وارادوا في اليمن أوضاعا بما يخدم مصالحهم، وهذا هو الخطاء التى وقعت فيه قوى الثورة التى انخدعت بالتسوية وذهبت تبايع نائب الرئيس رئيسا عبر صناديق الاقتراع كمرشح وحيد اوحد عملا بالمبادرة السعودية، و باركت ماسمي مؤتمر حوار وطني بموفنبيك وبموجبه وضعت اليمن تحت الفصل السابع والوصاية ورضت بانتخاب هادي رجل امريكا وعبدها المبتذل الذليل الذي مضى في تنفيذ مخططات المتأمرين السعودية وامارات النفط وبقية من اطلقوا عليهم الدول العشر، بتقسيم اليمن الى اقاليم طائفية ومذهبية متصارعة محتربة.
تكتك هادي واشعل حرب الجميع ضد الجميع ، وضرب القوى المتصارعة ببعضها البعض واغرق اليمن بحروب طائفية استنزافية ، تنفيذا لمخططات شيطانية اجنبية متربصة بثروات هذا البلد الغازية والنفطية ، والشعب انخدع والكل وقع بالخطاء ، اذ لم يدركوا ان الدول الكبرى لها مصالح وهي بلا قلب ولاينبغي ان يكون لها قلب ، فالدول الكبرى لها مصالح فقط ، وهذا هو الوضع الطبيعي، هناك اشياء كان العالم ومايزال يضحك علينا فيها..
نجحوا في تنفيذ مخططاتهم الاجرامية التمزيقبة التفتيتية، لانه لم يكن احد من قوى الثورة الحقيقية يمتلك خطة أو تصور وهناك وجد الارتباك ودخلت المؤامرة مبكرا منذ نزول الجنرال، علي محسن الاحمر للساحة لحماية الثورة ، بعد ان تم قتل شباب الثورة بطريقة غامضة ومخطط لها بجمعة الكرامة، كانت خيوط المؤامرة تنسج بين اوباما ووزيرة خارجيته كلينتون والسعودية وقطر، وقيادة الاخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي، الذي سلم لهم طوعا قرار وفعل الثورة ، كانت لديهم خطة واضحة ومحددة، كانوا الاداة الامنية لاستلام السلطة بدعم ومباركة امريكية، بهدف تدمير الدول العربية واذكاء الحرب الطائفية سنية شيعية لتستنزف الشعوب المنتفضة وتنهك ليسهل تقسيمها ونهب ثرواتها ، وتفكيك جيوشها ، وحكموا هنا من خلف نائب الرئيس اللذي نصبوه رئيسا وكتبوا للرئيس الاستقالة وصاغوا المسرحية وجرى توزيع السلطة وكعكتها بين مختلف الاحزاب كلا بحسب حجمه، بالمناصفة مع حزب النظام المؤتمر.
شباب الثورة فتحوا الابواب للتغيير بعد ان بدى امام كل الناس ان كل طرق المستقبل قد سدت ، وأن سبل التغيير قد اغلقت ، فأتوا كقوة من خارج السياق وكسروا كل الحواجز ، وفتحوا الابواب وكسروها ثم خافوا لافتقارهم للنظرية الثورية ولقيادة ثورية موحدة ، فوقفوا صامتين ، في حالة رهبة جرى تدجينهم وتطويعهم بالساحات من قبل الاخوان المسلمين ، وسرقة ثورتهم وقفوا ولم يواجهوا..
هناك حقائق استراتيجية كثيرة جدا في هذا البلد غائبة ، هناك حقائق سياسية كثيرة غائبة ، هناك ارتباطات وتعهدات كثيرة غائبة ، هناك حقائق اقتصادية ومالية غائبة ، و الى اليوم كل الحقائق مغيبة، في كل الثورات ماكان خافيا من الحقائق يكشف وينشر على الناس ، لكي نعرف ماذا جرى..؟
لابد أن يقدم لنا أحد تقريرا بحقيقة ماجرى الجميع متواطئين على طمس الحقيقية وتغييبها الى اللحظة.
فلا أحد يستغل يعلن كيف يستغل..؟ فكل من يستغل يأتي لكي يستغل وضع عام موجود عندك ، ويحاول ان يلويه بما يناسب مصالحه ، امريكا تريد السيطرة على اليمن كموارد ومواقع ، امريكا قادة المؤامرة منذ اللحظة الاولى لثورة 11فبراير، لانها راغبة في ان تكون هنا، وهي تختار نقاط ضعفنا واين نحن..؟ وما هي الاجواء الموجودة هنا..؟ والى اي حد نحن متماسكين ، وقد خدعوا الشباب هنا و املوا في اوباما الخير..
على من تبقى من طلائع ثورة 11فبراير ولم يتورط بالفساد والخيانة ، ان يدركوا انه ضحك عليهم في اشياء كثيرة جدا ، ضحكوا عليهم بالمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار والاقلمة والفدرلة واليمن الاتحادي وجنات الاقاليم ، وصدقوا وصدق من بعدهم الشعب اليمني ،كل الاكاذيب التى سوقها المتأمرين ، وفي كل مرة يسوقوا للشعب اكذوبة ويضحكوا عليه ومشكلته انه يصدق ، ولابد من القول ان واجب طلائع الثورة من ظلوا هنا بالداخل ان يعترفوا ان 11 فبراير فشلت وتعثرت واحبطت ، وان يدرسوا اسباب فشلها والعوامل الموضوعية التى سهلت لقوى الثورة المضادة سرقة الثورة واجهاضها والاستيلاء عليها ، آن الوقت ان ناخذ الامور بجدية ونأخذها بدرس ، ونحاول وليس أن نجلس ونتفرج على مايجري في وطنا اليمن ، ثم نكون جادين فيما نفعله..
لايمكن أن تكون الثورة تسلية وكتابة منشورات بالفيسبوك فقط ، المسائل تحتاج اكثر من ذلك..
هل يمكن أن تكون ثورة بتلك الطريقة التى قمتم بها أو التى حدثت ورأينها بالملايين وكان اول اجراء تفعله انتخاب هو اقرب للبيعه لنائب الرئيس رئيسا ، ووضع اصابعكم في حبر فسفوري ، وكان ذلك منتهى طموحكم؟
الثورة لابد ان تحقق تغيير على الارض ، تحقيق هدف العدالة الاجتماعية ، والحرية والتقدم والديمقراطية وكفاءة الاداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون.
الثورة ليست خروج الشباب والجماهير بالمليون ، تلك افتتاحية الثورة، اما اهدافها فهو التغيير على الارض تغيير الواقع اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وفكريا بالدرجة الاولى ، التغيير الشامل في كل مناحي الحياة وصياغة المستقبل من جديد وهنا الفوز.
نعم 11فبراير ثورة شعبية ولكن يجب ان نعترف انها فشلت ، ولم تستطيع تحويل النجاح الى نصر ، لعدة اسباب، منها انها بدون قيادة وطنية موحدة ،بدون مشروع ونظرية ثورية مرشده وهادية يعتمد عليها كمرجع ، فشلت لعدم وجود القائد الثوري الملهم الكريزما المتسلح بالوعي الثوري العميق ،قائد نافذ البصيرة لدية شغف بالعمل الثوري ويتمتع بنظرة ثاقبة، ولغياب ذلك تعثرت الثورة عن وضع نظامها، وعهدت لمحسن وال الاحمر وحزب الاصلاح تسلم امانة شرعية الثورة طوعا، لانعدام المشروع والقائد، كان يجب على شباب الثورة ان يتولوا السلطة بانفسهم، ولكن ذلك استحال لان قوى الثورة لم تكن مستعدة ولامهيئة، كما ان كل المشاكل المتراكمة لعقود أنطلقت من عقالها بعد انفتاح ابواب الامل بالثورة، وكانت الثورة بدون حامل سياسي ما سهل سرقتها واحتوائها وتحويلها الى مؤامرة على الشعب والدولة والجيش بقيادة الاخوان المسلمين وامريكا والسعودية وبقية امراء النفط.
القوى الخارجية استغلت مطلب التغيير وحركته واستعجلته وبذلك أسأة الى حركة التغيير واسأة الى فكرة الثورة، وادى ذلك الى تدمير اليمن وتمزيقها وتسليمها للقوى الاستعمارية مجددا..
لقد تعمد اوباما الرئيس الامريكي ووزيرة خارجيته كلينتون تسمية الثورات العربية بالربيع العربي ، وهي تسمية مريبة ، لانها قرنت بالربيع والربيع فصل قصير بين الشتاء والصيف، ومسميات الربيع كلها فاشلة من ربيع اوروبا 1848م الى ربيع براغ 1968م كلها خيبات امل.
لقد استولى اوباما وكلينتون على الثورات العربية ، وتحول اوباما الى بساتني الربيع العربي، يزوق وروده وزهوره بعبارات منمقة خادعة مظللة، الديمقراطية وحقوق الانسان وتداول السلطة سلميا، و اوكل الى دول مجلس التعاون الخليجي، مجلس” قيادة الثورة “ثورات الربيع العربي، وبذلك كانت ثورة 11فبراير فاشلة احتوتها امريكا وامارات النفط الرجعية وحولتها مؤامرة على اليمن واغرقتها في حرب طائفية ذات طابع رجعي.
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا