لـ”المفوضية السامية لحقوق الانسان”: إذا لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
بيان صحفي عجيب غريب صدر بالأمس بخصوص المدنيين في المخا المدينة التي صُبّت على روؤس مدنييها حمم الموت جوا وبرا وبحرا ولم تسمعهم أو تنتبه لما يعانونه من ويلات لا مفوضية حقوق الانسان ولا غيرها من المنظمات الإنسانية و الحقوقية الأممية والدولية و المحلية .
هذا التبلد تجاه المدنيين هي سمة النظام العالمي و الأممي في ما يتعلق بالجوانب الإنسانية و الحقوقية وقد عرفناه ، فان ينتهي الجناة من مجازرهم بحق المدنيين ولا تتمكن المنظمات المعنية ان تفعل شيئا للضحايا هو امر عهدناه كثيرا وليس في الامر جديد ، لكن أن يصدر بيان لمفوضية حقوق الأنسان لغسل جريمة الجناة فذلك من أغرب الغرائب و حالة ترقى الى التواطؤ مع القتلة .
يبتدي البيان باظهار قلقه و إهتمامه بأوضاع المدنيين في مدينة المخا اليمنية الساحلية التي هاجمتها قوات التحالف السعودي طوال الثلاث الاسابيع الماضية ، و يضيف بأنه نظرا لشدة المعارك و للقصف الجوي و الإشتباكات في المخا أصبح من ” المستحيل ” لمراقبي المفوضية أن يقفوا على الوضع الإنساني في المدينة .
كأني بلمفوضية تدين نفسها بنفسها فاذا كان مراقبيها استحال عليهم الوقوف على معاناة المدنيين نتيجة الحرب فهل سيكون من الممكن للمدنيين المتحارب على روسهم ان يخرجوا ؟! ، والسوال هو ما الذي جعل وصول المراقبين مستحيلا ؟ هل هو قناص الحوثي ؟! و بكل بساطة يمكن القول ان ما جعل وصول المراقبين مستحيلا هو ما جعل خروج المدنيين مستحيلا كذلك .
مدينة المخا مدينة آهلة بالسكان قرر التحالف السعودي فجئة أن يحولها إلى جبهة قتال ، قطع عنها المواصلات وضرب أبراج الإتصالات و منع الدخول والخروج منها و إليها و عزلها عن العالم و حولها إلى سجن كبير لسكانها المدنيين و لعدد من المقاتلين اليمنيين معهم و صب على روؤس الجميع حممه وقذائفه جوا وبرا و بحرا .
الغريب في بيان المفوضية السامية أنه أستبدل مراقبيه الذي قال أنه أصبح من المستحيل وقوفهم على الوضع الإنساني في المدينة – والأمر هو كذلك بالفعل لمحاصرة المدينة وعزلها عن العالم الخارجي و قصفها على روؤس من فيها من قبل تحالف العدوان – بما أسماهم ” مصادر موثوقه ” !!.
هذه المصادر الموثوقة التي تم تصميم ” رسالة ” بيان المفوضية بناء على ماقالته أكدت أن الحوثيين منعوا المدنيين من الخروج و أن قناصون حوثيون قتلوا مدنيين حاولوا أن يخرجوا من المدينة ما يعني أن الحوثيون إستخدموا المدنيين دروعا بشرية !! ، كلها دون ان تكلف نفسها ان تفكر ولو قليلا في هل كان هنالك فرصة لخروج المدنيين من المدينة اصلا حتى يقال ان القناصون الحوثيون هم من منع خروجهم !! .
هكذا أدى بيان المفوضية دوره في غسل الجرائم بحق المدنيين التي أرتكبها التحالف السعودي في المخا ، و هكذا أهدر بيان المفوضية حق المدنيين في توجيه الإتهام للمتهم الرئيس بقتلهم ، او على الاقل عدم توجيه التهمة لغيره دون قيام ادلة او ضروف قوية تسمح بذلك .
هذه المصادر الموثوقة لم تتمكن من رصد المقاتلات و الأباتشي في الجو و المدافع والصواريخ في البر و الصواريخ من البوارج في البحر كذلك ، ولكنها لكونها في غاية الموثوقية تمكنت من أن ترصد القناص الحوثي الذي منع المدنيين من الخروج من المدينة !! .
لا تقف الغرابة عند مصادر المفوضية السامية لحقوق الإنسان ” الموثوقة ” التي شاهدت قناص الحوثي ولم تشاهد قوة عاتية طوقت المدينة بمن فيها وأمطرتها قصفا جوا وبرا وبحرا ، ولكن الغرابة تتواصل لتصل حد الادهاش في إستنتاج المفوضية تبعا لمصادرها ” الموثوقة ” أن الحوثيين إستخدموا المدنيين دروعا بشرية !! .
هكذا بكل سفور الحوثيون المحاصرون داخل المدينة مع مدنييها هم من منع المدنيين من الخروج من المدينة وليس من حول المدينة فجأه الى جبهة قتال و قطع المواصلات والإتصالات عنها وعزلها عن العالم و أمطرها بقذائفه جوا وبرا وبحرا و دفع بجنوده لإقتحام أحيائها و شوارعها .
وأيضا ليست ذلك كل الغرابة فلازال هناك في جعبة بيان المفوضية ماهو اكثر ادهاشا ، فبناءا على مصادرها ” الموثوقة ” كانت قد استنتجت أن الحوثيين أستخدموا المدنيين دروعا بشرية !!وكأن الحوثيين إختطفوا المدنيين من محافظات أخرى وجلبوهم إلى المخا ليحتموا بهم !! ، وليس أن هولاء المدنيين هم سكان المدينة الذي وجدوا أنفسهم وسط حرب طاحنة كان التحالف السعودي هو من حوّل فيها مدينتهم إلى جبهة قتال و قطع مواصلاتهم وإتصالاتهم و عزلهم عن العالم الخارجي و أمطرهم بالقذائف من كل نوع ودفع بقواته لإقتحام الاحياء والشوارع الذي لازال اهلها بداخلها !! .
هكذا أسهم بيان المفوضية السامية ” المحايد ” جدا و المبني على مصادر ” موثوقة ” جدا في غسل جرائم التحالف السعودي بحق المدنيين في المدينة ، و لم يكلف نفسه أن يشير إلى تحويل مدينة آهلة بالسكان إلى جبهة قتال ، ولم يشر إلى قطع الإتصالات و المواصلات وعزل المدينة عن العالم الخارجي و لم يشر إلى قصف المدينة بمن فيها جوا وبرا وبحرا بإستثناء ايراده لحالة واحدة بهدف ذر الرماد في العيون ولتمرير الكذبة الكبرى بشأن من هو المذنب الرئيسي بحق المدنيين في المخا.
الم يكن على المفوضية أن تشير إلى أن التحالف السعودي هو من هاجم مدينة آهلة بالمدنيين وحولها إلى جبهة قتال ؟ البعض قد يقول هناك ملابسات سياسية تحيط بالملف اليمني قد تمنع مثل هذا القول ، ومع أن هذا القول واهي كون مهمة المفوضية هي حماية المدنيين وليس حماية الملابسات السياسية لكن دعونا نمرر هذا التبرير الواهي ، ألم يكن على المفوضية أن تتواصل مع التحالف السعودي لتأمين ممرات آمنة لخروج المدنيين و تشرف على قيام ذلك على الارض ثم بعد ذلك تقدم رأيها في من كان السبب في إحتجاز المدنيين وتسبب في قتلهم بالقذائف ؟ هل فعلت المفوضية السامية ذلك ؟ أم إكتفت بالقول أن مراقبيها كان من المستحيل عليهم الوصول للوقوف على الوضع الإنساني ؟! وكأن مهمتها الرئيسية هي إحتساب عدد الضحايا و ليس عمل ما يمكن لها لحماية المدنيين . و التدخل لتأمين ممرات آمنه للمدنيين كان من الممكن لها و بكل سهولة ، ولو كانت فعلته فإما أن توجد ممرات آمنه وتنقذ المدنيين أو أن يتحدد لديها رسميا من الذي كان السبب في إحتجاز المدنيين دون الحاجة لتوريط نفسها ” بمصادر موثوقة ” .
مصادر المفوضية ” الموثوقة ” شاهدت القناص الحوثي ولم تشاهد الطائرات و المدافع و البوارج !! وقد يكون الامر ان لديها عمى الوان فيما يتعلق بالطائرات و المدافع و البوارج ، لكنها أيضا لم تشاهد قناصي جنود التحالف السعودي !! ، ثم هل كانت مسألة الطائرات و المدافع و البوارج تحتاج للمصادر المصابة بعمى الألوان هذه و ” الموثوقة ” لدى المفوضية أم أن الخبر كان شاغلا لمختلف وسائل الاعلام التي غطت ماتسميه عملية ” الرمح الذهبي ” الذي قالت أنها عملية باشرها التحالف السعودي لتحرير ميناء ومدينة المخاء ؟! .
لملابسات يعرفها الكثير دعونا نمرر للمفوضية أن لا تتحدث بالحق ولكن كيف وهي الان تتحدث بالباطل ؟!! فبيانها الصحفي الصادر في 10 – فبراير – 2017 الخاص بالمخا نقل مسألة إحتجاز المدنيين تحت النيران ممن كان السبب المباشر فيها عن عمد وقصد و هو التحالف السعودي إلى طرف آخر هو بحد ذاته محاصر مثله مثل المدنيين ، أليس هذا غسل جهارا نهارا للجريمة التي إرتكبها التحالف السعودي بحق المدنيين في المخا ؟ .
ستكون المفوضية أكثر غرابة إذا تصورت أنني هنا ادافع عن القناص الحوثي أو عن الحوثيين ، فالدفاع عن الحقيقة هو دفاع عن المدنيين وليس دفاعا عن اي شيئ اخر ، فالمدنيون كان من حقهم أن تفعل المفوضية ما يمكنها لتأمين ممرات آمنه لخروجهم ، وكان من حقهم في حال فشلها في ذلك ان تحمل المسئولية للمتسبب عن دراية وواقعية بصورة رسمية ، وكان من حق المدنيين أن لا تسهم المفوضية في غسل جريمة من تسبب في تحويل مدينتهم إلى جبهة قتال و من حاصرهم تحت نيران قاذفاته جوا وبرا وبحرا وعزلهم عن العالم الخارجي ، وكاقل تقدير كان من حقهم الا توجه تهمة استخدام المدنيين لاي طرف الا بناء على يقين كامل بما تقول به.
غسل الجريمة بهذا السفور هو عمل لا شك مدفوع الأجر ، لا أوجه التهمة هنا للمفوضية ككل و لكن لأحدما هو من كان وراء خروج بيانها الأخير الخاص بالمخا الغير مهني و الغير منطقي و الغير انساني و الغير قانوني ، و على المعنيين في المفوضية التفتيش عن من هو الذي قبض الثمن .. ثمن غسل جريمة التحالف السعودي بحق مدنيي المخا ، و كل ذلك إستنادا إلى ” ظهر مصادر موثوقة “.
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا