حين حضرت اليمن وغابت المخاوف .. بكى الجميع من أجل الوطن
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن..
ذرف الجميع دموعه و ليثبت ان الوطن هو محبوب الجميع، جميعنا بمختلف صفوفنا نحب اليمن.
– هذه حقيقة لا مجال لنقاشها فالدموع التي ذرفها الجميع عندما غنى عمار العزكي للوطن هي شاهد الجميع، و الدموع في موقف كهذا هي شاهد صدق..
شخصيا لم اشاهد ارب ايدول لا الليلة و لا من قبل، و لكنني وجت وجع الجميع على وطنه من خلال منشورات الجميع في الفيسبوك و ما كان الا أن بكيت ايضا.
– بكى الجميع، الحوثي بكى و الاصلاحي بكى و المؤتمري بكى و الاشتراكي بكى و الحراكي بكى و الجميع بكى، اصحاب مطلع بكوا و اصحاب منزل بكوا، ابناء الجنوب بكوا و ابناء الشمال بكوا، كل من عاش تلك اللحظة من كل محافظات اليمن دون استثناء بكوا .. بكوا جميعا وجع وطنهم.
– تلك هي لحظة الحقيقة ولحظة الصدق، لحظة اندفاع مكنونات نفوسنا و اشهار صوت عقولنا الباطنة بدموع لا نقدر على حبسها.
– لم يحبسها الحوثي لأن الاصلاحي بكى، و لم يحبسها الاصلاحي لأنه شاهد دموع الحوثي، و لم يحبسها الصالحي لأن الهادوي بكى و لم يحبسها الهادوي لأن عيون الصالحي ذرفت، لم يحبسها اصحاب مطلع عنادا لأصحاب منزل و لا اصحاب منزل نكاية بأصحاب مطلع، لم يحبسها أبناء الجنوب نكاية بأبناء الشمال و لا ابناء الشمال حبسوها مكابرة امام ابناء الجنوب.
– لحظة كنا جميعا نعبر عن الحقيقة الحقيقة التي تغطيها طبقات من زيف السياسة و درن المصالح و أثقال العجز و سوء البصيرة.
– كلنا يحب اليمن حتى من سينكر ذلك عن نفسه لاتصدقوه و من سينكر ذلك بحق غيره لا تصدقوه ايضا، كلما في الامر اننا عدنا لتحمل تلك الطبقات المتراكمة التي ثرنا عليها في لحظة صدق، ثورنا عليها بدموعنا و نحن نسمع “حبي لها”.
– كلنا يحب اليمن شهدت بذلك دموعنا في تلك اللحظة، لكن لما نتقاتل و لما نتصارع و لما جاء من خارجنا من يقتلنا و يدمر بلدنا و نحن جميعا نحب اليمن..؟. سؤال في غاية الاهمية لماذا اذا ما تعيشه اليمن من وجع و كل ابنائها الذين هم وقود الحرب أو ضحيتها يحبونها لدرجة ذرف الدموع في لحظة صدق..؟
– تلك اللحظة التي ذرف الجميع دمعه لم تكن لحضة صدق وحسب و اذا كان اعتبارها لحضة صدق صلح للحديث السابق فان الحديث التالي يحتاج توصيف اخر يضاف لها .
– تلك اللحظة كانت لحظة الشجاعة، تلك اللحظة كانت لحظة انعدام الخوف .. نعم في تلك اللحظة حضرت اليمن و غابت المخاوف، لا محل لحسابات السياسات و لا حسابات المصالح ولا حسابات الولاءات و لا حسابات المكاسب و المنافع.
كان الجميع في تلك اللحظة ينفعل لليمن من داخله و لم يكن يحسب حساب شيء او يخاف على شيء او من شيء.
– لم يكن هناك اي حسابات بالفعل، اجهش الجميع بصدق و شجاعة، لما سيخفي الحوثي دموعه و هو يذرفها لليمن و ليس للاصلاح او غيره، و لما سيخفي الاصلاحي دموعه و هو يذرفها لليمن و ليس للحوثي او غيره، و لماذا سيخفي الصالحي دموعه و هو يذرفها لليمن و ليس للهادوي او غيره، و لما سيخفيها الهادوي وهو يذرفها لليمن و ليس للصالحي او غيره، ولما سيخفي الانفصالي دموعه و هو يذرفها لليمن و ليس للشمال او غير الشمال، و لما سيخفي الوحدوي دموعه و هو يذرفها لليمن و ليس للانفصالي او غيره، و لما سيخفي اي منا دموعه وهو يذرفها لليمن و اليمن فقط..؟؟ و عندما تذرف الدموع لليمن و لليمن فقط ليس هناك مانخاف ان نخسره او نخاف ان نفقده.
– صدقوني انها لحظة تجرد الجميع فيها من الخوف، نسوا الانتماءات الاقل من الوطن، نسوا الولاءات لغير مشروع الوطن، نسوا التعصبات الضيقة ايا كان عنوانها او اتجاهها او رؤيتها او تبريراتها.
– الكل هنا ثار على الخوف كلية و قرر ان يترك التعصبات و ان يذرف دموعه لليمن و لليمن فقط.
– انه وطننا جميعا .. كل هذه الصراعات و كل هذا الجرم الذي يمارس فوقنا نحتاج فقط لنثور و ننفضها من امزجتنا و نفوسنا، نحتاج لأن نظهر بحقيقتنا بما داخلنا بمكنونات نفوسنا … نحتاج لأن نظهر كفعل لا كرد فعل.
– ياسادة كنتم جميعا صادقون و شجعان .. أيها المتناحرون كنتم جميعا شجعانا و صادقون كما لم تكونوا في اي لحظة اخرى.
– أيها اليمانيون كلكم في جوهركم للوطن، و اكثركم في ممارساتكم ليس للوطن، عندما يستبد بكم الخوف و تتحكم فيكم الهواجس و التوجس تفقدون الوطن و تتشكلون صنوفا و انواعا و مشاريع لا تبحث عن وطن و لكن تبحث عن اختزال الوطن و الوطنية عليها و تجرد غيرها من الوطن و الوطنية.
– أيها اليمانيون ما يقتل الوطن و يسحل الوطنية هما سكين الفساد و سيف التسلط، هما ما يحمله اكثركم ضد بعضكم فيموت الوطن و تصبح الوطنية جثة هامدة … فنقتتل على الوطن و الوطنية كل منا مدعيا بهما و مجردا لغيره منهما و في الحقيقة لا وطن و لا وطنية يبقيان للجميع.
– يا اصل العرب ، يا من ذرفتم دموعكم: شتتكم الفساد و التسلط، و مزقكم اربا .. حولكم الفساد والتسلط إلى متناحرين .. جلبا عليكم لعنات الجوار و لعنات الاقليم و لعنات العالم .. الفساد و التسلط هما ما يخلق الخوف و يدفع باتجاه التكتل بأوعية اضيق من الوطن و مكونات اصغر من الوطن للتعصب و الاستقواء ضد ضيق و اصغر اخر .. الفساد و التسلط هما ما يزرع الخوف و يبذر التعصبات و العصبيات بشتى صورها و اشكالها.
– الوطن نحن جميعا و اللاوطن الفساد و التسلط.
– لا تصدقوا بعد دموع اليوم كل من يضع لكم معالم للوطن و مواصفات للوطنية و معايير للولاء، كل ذلك هي مواد خام يشكلها كلا تبعا لما يناسبه.
– أيها اليمنيون صدقوا فقط و فقط من عف يده عن مال الوطن و من مسك يده عن ابناء الوطن، غير ذلك لا وطن و لن تذرفوا دموعكم بعد اليوم لأنكم ستعودون لمعالم و مواصفات و معايير المتورطون في الفساد و الغارقون في التسلط.
– أيها اليمانيون لا وطن و لا وطنية مع الفساد و التسلط ولا فساد و تسلط يبقيان وطن او وطنية.
– أيها اليمانيون الامر قبل كل هؤلاء من راسمي المعالم و واضعي المواصفات و مهندسي المعايير هو بيدكم انتم ، قبل ان تصغوا لهم و تسلموا لهم فلتروهم بفلتر الوطن و الوطنية و قيموهم بمقياس الوطن و الوطنية .. عفة اليد من الفساد و مسك اليد عن التسلط، و من فشل في هذا المعيار لا تصدقوه.
– ابكوا ايها اليمانيون على وطنكم و وطنيتكم و قد حق لكم ان تبكوا، لم يظلم شعب عربي كما ظلمتم و لم يتاجر الولاة بشعب كما تاجروا بكم، و لكن اعلموا انكم جزء أصيل ومحوري من هذا الظلم، و من هذه المتاجرة بتشيعكم و اصطفافكم هنا او هناك دون ان تكلفوا انفسكم ان تعتنوا بوضع الفساد و التسلط هنا أو هناك حيثما تتبضعون للاصطفاف.
– أيها اليمانيون لا وطن و لا وطنية حتى لو صرختم ضد الفساد و التسلط الذي يطال كل صف منكم، لا وطن ولا وطنية لكم الا اذا عفيتم ايديكم و مسكتموها و صرختم ضد ما يطال غير صفكم من فساد و تسلط قبل ان تصيحوا على ما يطال صفكم. حينها سيكون لنا وطن و سنتسم بوطنية.
– أيها الكرام ارض و تاريخا و نسبا و قيما و تراثا و عفة و حمية و بأسا .. ابكوا لكن عندما تذرفوا دموعكم لا تنسوا ان الفساد و التسلط هما من بضّعنا عُصابيات ضد بعضنا و حتى تناحرنا .. و الفساد و التسلط هما من حولنا الى حوامل لمشاريع الغير على ارضنا و على حساب عيشنا و حياتنا و مصالحنا و سكينتنا .. بل و دمائنا و مستقبلنا..
– اذرفوا دموعكم لليمن و انبذوا الفساد و التسلط كمبدأ، حينها سيستجيب الجميع للجميع لأنه ليس هناك من يشعر بظلم من احد بل و سيشعر الجميع بالسند من الجميع .. انبذوا الفساد و التسلط كمبدأ و حينها لن يكون هنالك خوف يدمرنا.
– اليمن بلادنا .. و عزها عز لنا.
للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا