اليمن .. مسار سياسي عالق وسط تناقضات ومواقف غامضة ومتصادمة وقرار مجلس الأمن الدولي لم يحدث أي تغيير
يمنات
معاذ منصر
الحديث عن جولة سياسية مرتقبة في اليمن، أحد العناوين البارزة في الأزمة اليمنية، هذه الأيام، خصوصاً بعد ظهور مؤشرات سياسية جديدة، وحراك سياسي وديبلوماسي شهدته المنطقة وبعض العواصم الأوربية، بما في ذلك إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن جولة مباحثات جديدة، بعد اجتماع الرباعية في ألمانيا، وتلا ذلك دعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانتقال نحو عملية سياسية، عُبر عنها بالقرار الأخير.
وتوقع مراقبون سياسيون أن تثمر هذه الجهود، خصوصاً في ظل الحديث عن البحث عن تفاهمات خليجية إيرانية بشأن ملفات عدة في المنطقة، وأبرزها ملف اليمن.
ومن المتوقع أن يقوم ولد الشيخ بزيارة إلى كل من الرياض ومسقط وعدن وصنعاء، للبحث عن اتفاق جديد، وتقارب ظل وما زال صعباً، بين أطراف الصراع في اليمن.
لا جديد
“العربي” توجه إلى نائب رئيس الوزراء في حكومة أحمد بن دغر، وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، مستفسراً عن مصير وحقيقة هذه الجولة السياسية، وعن إمكانية نجاحها.
ونفى المخلافي كل حديث مشابه، بصورة قاطعة، قائلاً: “إن ما جرى ويجري الحديث عنه هو عبارة عن تحليلات لا صحة لها، وأن لا جديد حتى الآن بشأن هذه الجولة وبشأن إمكانية اتفاق قادم”.
من خلال تصريح المخلافي، يبدو أن مسألة الاتفاق السياسي ما تزال معقدة وصعبة، وأن الجهود الأممية للمبعوث الدولي ستلحق بسابقاتها من الجولات، والجهود التي ظلت وما زالت تدور في ذات الدائرة المفرغة من أي جديد، من شأنه تقبل الأطراف السياسية المتصارعة العودة إلى طاولة الحوار.
الأطراف اليمنية، ومن خلال حديثها، يبدو أنها غير مهتمة، وغير مستعدة للخوض في اتفاق سياسي، ولا مهتمة بزيارات ولد الشيخ المتكررة، التي تعتبر أن لا جديد فيها، وهي تقول إنها لا تنتظر من الرجل الاتيان بجديد يجعلها على الأقل تفكر بالذهاب نحو حلول سياسية تنهي الحرب.
توقعات
ما يمكن الإشارة إليه، هو أن توقعات جولة سياسية جديدة ربما عززها موقف مجلس الأمن الدولي، وقراراه رقم 2342 الأخير بشأن اليمن، والذي أكد على “الحاجة الملحة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل في اليمن”.
لكن ما لم يوضحه مجلس الأمن الدولي في دعوته الأطراف إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي، عدم التطرق الصريح إلى هذا الاتفاق، الأمر الذي جعل البعض يتساءل: هل القرار الأممي 2342 يدفن مبادرة كيري أم يدفع بها إلى حيز التنفيذ..؟
قرار مجلس الامن
متابعون اعتبروا أن الانتقال السياسي يقصد به مظلة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي السابقة، وفق ظاهر بنود القرار، في حين يرى البعض ممن لم يقتصر على وصف القرار بأنه “لم يحمل جديداً” أنه وبالنظر إلى النقطة الرئيسية في القرار فإنها تعني وبشكل واضح التنفيذ الحرفي لمبادرة كيري وخارطة الطريق التي تقدم بها المبعوث الأممي في أغسطس الماضي، والتي تم رفضها بشدة من قبل حكومة عبد ربه منصور هادي، ولهذا السبب فقد عبر مجلس الأمن عن أسفه وحزنه الشديد لتدهور الأوضاع الانسانية في اليمن، كما أعرب المجلس عن “القلق الشديد من وجود مناطق باليمن تحت سيطرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومن الآثار السلبية المترتبة على ذلك، وأيضاً من الوجود المتزايد للجماعات المنتسبة لتنظيم داعش الإرهابي ومن احتمال نموها مستقبلاً”.
واعتبر مراقبون قرار مجلس الامن الدولي أول قرار يلزم هادي بنقل السلطة بموجب خارطة الطريق الأممية (أو مبادرة كيري)، ويستند هؤلاء المراقبون بهذا الاستنتاج إلى عدة أمور، من بينها عدم صدور أي تعليق رسمي مؤيد للقرار، من قبل حكومة هادي، أو رافض له، غير تعليقين في “فيسبوك”؛ الأول: للوزير عبد الملك المخلافي، الذي رحب بالقرار في جانب تمديد العقوبات على الرئيس السابق، والثاني: للدكتور ياسين سعيد نعمان، الذي فهم القرار وفسره على اعتبار أنه جاء ليدفن مبادرة كيري وخارطة الطريق الأممية المرفوضة من قبلهم.
ويشير مراقبون في قراءتهم لمحتوى القرار، إلى أن القرار صدر بالإجماع، وليس هناك أي اعتراض سعودي عليه، أو أي تعليق رسمي بشأنه، ما يعني أنه تأكيد إلزامي على تنفيذ خارطة ولد الشيخ، التي رحب “المؤتمر الشعبي العام” في صنعاء يومها بالتعامل الايجابي معها، وهي الخارطة التي لم تعترض عليها الرياض يومئذ.
ويضيف متابعون أن مجلس الأمن عادة يخاطب الحكومات بالدرجة الأولى، وعلى اعتبار أن جهة الخطاب الرسمي الأممي في هذا الشق منه، ينصرف مباشرة إلى الرئيس هادي وحكومته، كسلطة “شرعية” تعترف بها الأمم المتحدة، فإنها إذاً (حكومة هادي) المعنية بتنفيذ عملية الانتقال السياسي، وفقاً لخطة ولد الشيخ، التي قضت بتنحي علي محسن الأحمر من منصبه كنائب للرئيس، وتعيين نائب توافقي للرئيس تنتقل إليه صلاحيات الرئاسة، وتشكيل حكومة وفاق وطني، وبقاء هادي شكلياً كرئيس لمدة زمنية محددة. ثم تنفيذ خطة الانسحاب التدريجي للطرف الآخر من المدن والمحافظات وتسليم السلاح… إلخ.
مسار سياسي عالق
ولكن الواضح هو أن قرار مجلس الأمن الدولي لم يحدث أي تغيير ولم يحظ بأي اهتمام واعتبار، خصوصاً من قبل الأطراف السياسية اليمنية، التي يدعوها القرار إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي، في ظل شبه إجماع على انتقاد هذا المجلس وقراراته التي أثبتت أن لا تأثير لها ولا استجابة.
وهكذا يظل المسار السياسي في اليمن عالقاً وسط تناقضات ومواقف غامضة من جهة، ومتصادمة من جهة أخرى. والشاهد أنه لا يوجد ما هو مشجع على عودة الأطراف المتصارعة في اليمن إلى الجلوس على طاولة الحوار. والجميع كما يبدو لا يريد حلاً سياسياً إلا وفق ما يراه.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا