ارتزاق دولي على معاناة اليمنيين من اجتماع الرباعية في لندن الى لقاء بن سلمان وترامب في واشنطن!!
يمنات
عبد العزيز ظافر معياد
انعقد اجتماع اللجنة الرباعية الدولية (السعودية، الامارات، أمريكا، بريطانيا) زائدا سلطنة عُمان لمناقشة الازمة اليمنية في لندن، الاثنين 13 مارس 2017، بتمثيل منخفض على مستوى سفراء الدول الخمس الممثلين في اليمن بعد ان كان مقررا انعقاده على مستوى وزراء خارجية تلك الدول وبمشاركة المبعوث الدولي الى اليمن، وهى مفاجئة معاكسة أطاحت بمفاجئة الإعلان عن اجتماع للرباعية لم يكشف عنه الا قبل ثلاثة ايام، ومع هذا التراجع هوت آمال اليمنيين مجددا باستشعار الدول المؤثرة لمعاناتهم وتفاعلها مع دق غالبية المنظمات الدولية لناقوس الخطر للوضع الإنساني الحرج في اليمن.
– تخفيض مستوى التمثيل في اجتماع لندن، انعكس سلبا على نتائجه وربما ان لا نتائج محددة له كما يبدو حتى هذه اللحظة، بعد ان كان يؤمل منه تعزيز فرص إعادة احياء مسار المفاوضات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والمتوقفة منذ نهاية سبتمبر الماضي، ومساعي ولد الشيخ احمد للحصول على دعم تلك الدول لخارطة الطريق المقدمة من قبله بعد اجراء تعديلات ثانوية على بعض بنودها.
– جاء التمثيل المتدني ليعكس في الغالب وجود خلاف او تفاوت فيما بين الدول الخمس تجاه المقترحات المطروحة لتعديل الخارطة، كما يكشف عن جهود سعودية كبيرة وتحركات سريعة لـ”محمد بن سلمان” لاحتواء الضغوط الدولية المتسارعة على بلاده الرامية لوقف العمليات العسكرية المتوقعة في ميناء ومدينة الحديدة، و يبدو ان ضغوط الرياض كانت وراء اجهاض الاجتماع على مستوى الوزراء وتأجيل اجتماعهم الى وقت يتم تحديده لاحقا، كما يؤشر الى تأجيل استئناف المفاوضات المباشرة التي يسعى اليها ولد الشيخ لطرفي الازمة الى ما بعد اسقاط الحديدة عسكريا كما ترغب به الرياض.
– من الواضح ان تحذيرات ستيفين أوبراين، وكيل الأمم المتحدة للشئون الإنسانية، وكذا تحذيرات المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن المستوى الخطير الذي وصل اليه الوضع الإنساني في اليمن، وما قد يتسبب فيه وصول العمليات القتالية الى الحديدة من كارثة إنسانية مؤكدة، قد يكون ضحيتها 19 مليون انسان في المحافظات الشمالية لليمن، كانت سببا رئيسيا في تصاعد الضغط الدولي على السعودية لتجميد عملية الحديدة العسكرية.
– كما ان تصريحات نائبة المندوب الأمريكي الأخيرة في مجلس الامن في الـ 10 من مارس الجاري، ورسالة 53 عضوا في الكونغرس لوزير الخارجية، تطالبه فيها بإبقاء الميناء مفتوحا وتتحدث عن عدم وجود حل عسكري للأزمة، أوحت بتفهم أمريكي لخطورة الوضع الانساني، ويبدو ان محمد بن سلمان استشعر خطورة ذلك، ما دفعه للمسارعة لزيارة واشنطن.
– على الأرجح فإن لقاء ابن سلمان مع الرئيس الأمريكي ترامب الخميس المقبل، سيتحدد بموجبه مصير العملية العسكرية في الحديدة، واعتقد جازما ان الموافقة الامريكية وإعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، بل وحتى المشاركة الامريكية الفعالة فيها ستكون باهضة الثمن للغاية، ويظهر ان ابداء واشنطن نوعا من التفهم للمخاطر الإنسانية لإغلاق الميناء، رغم صدق مواقف بعض أعضاء الكونغرس، الا ان تفهم إدارة ترامب له لا يخرج عن كونه نوع من انواع الابتزاز للسعودية لرفع الثمن المطلوب منها للقبول بالمخاطرة بحياة ملايين اليمنيين اكثر من كونه اهتماما أمريكيا بالوضع الإنساني في اليمن.
– وبصورة لا تختلف كثيرا عن الابتزاز الأمريكي للسعودية، يمكن فهم اللهجة القوية وغير المسبوقة التي صدر بها بيان الخارجية الروسية في الـ 13 من مارس الجاري بشأن الوضع في اليمن، فقد سارعت موسكو لاستغلال تصاعد مستوى التحذيرات الاممية في الأيام الاخيرة بشأن خطورة الوضع الإنساني في اليمن، إضافة الى ارتكاب طيران التحالف لمجزرة دوار الخوخة قبل ايام، لتصعيد لهجتها الرافضة للعملية العسكرية المرتقبة في ميناء ومدينة الحديدة والتباكي على الوضع الانساني.
– سعت موسكو لاستخدام الملف اليمني من جديد كورقة مساومة في وجه السعودية و واشنطن للحصول على تنازلات في الملف السوري، وبالذات مع حديث البيان الروسي عن إيلاء السعودية وحلفائها لاهتمام كبير للوضع الانساني في سوريا مقابل تجاهل وتضليل في الوضع الإنساني في الملف اليمني، كما يظهر الابتزاز الروسي جليا في حديث البيان عن تنامي خطر القاعدة وداعش في جنوب اليمن، وكأن ما تطلبه موسكو له علاقة بالجماعات السورية الأصولية والتي تحظى بحماية واشنطن والرياض تحت مسمى المعارضة المعتدلة.
– كما يكشف البيان الروسي عن ادراك موسكو بان التجهيزات لشن العملية العسكرية الواسعة في الحديدة قد اكتملت تقريبا، ولم يعد هناك سوى اتخاذ القرار السياسي لإطلاقها، لذلك سارعت بإصدار البيان للحصول على مكاسب الوقت الضائع ليس اكثر، ولا أعتقد ان هناك تحولا جوهريا في الموقف الروسي، الذي لم يتغير أصلا طيلة سنتين فكيف سيتغير في ليلة وضحاها..؟.
– اجمالا يمكن القول انه رغم ما تظهره التحذيرات والتفاعلات الدولية المختلفة مع التطورات في اليمن، من تنامي القلق الدولي من الكارثة الإنسانية الأخطر على مستوى العالم ومآلاتها المأساوية خاصة في حال وصول المعارك الى الميناء البحري الرئيسي لدخول البضائع والمساعدات الدولية الى اليمن، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن حالة غير مسبوقة من الارتزاق والمتاجرة بأرواح ومعاناة ملايين اليمنيين من قبل القوى الدولية الرئيسية الفاعلة في الملف اليمني.
المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا