تضارب الاجندات السعودية الاماراتية .. هل حكمت على هادي ان يظل “مغترب”..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
تداولت عدد من وسائل الاعلام خبر طلب السلطات السعودية من هادي وحكومته العودة الى عدن وممارسة سلطاتهما من هناك.
عام ونصف تقريبا انقضت منذ ما تسميه حكومة هادي بـ”تحرير” محافظات الجنوب تم خلالها محاولات عديدة لاعادة ما يسميه التحالف السعودي بـ”الشرعية” إلى عدن لممارسة سلطاتها من هناك، لكن كل تلك المحاولات بأت بالفشل، و لم يتمكن هادي و حكومته من الاستقرار في عدن، فضلا عن ممارسة سلطات حكومية لهما من هناك.
يسبب فشل اعادة هادي و حكومته الى عدن احراج كبيرا للتحالف السعودي و اضعافا لموقفهما في مساندة هادي و حكومته، خصوصا مع تكرر الحشود الكبيرة التي يتمكن طرف صنعاء من حشدها في مناسبات مختلفة ما يعكس صورة لدى الرأي العام ان الطرف الذي يسنده التحالف السعودي لايحظى بأي شعبية على الارض ما يضعف الحديث عن شرعيته للحكم في اليمن، فالحشود التي يتمكن الطرف المسمى بـ”الانقلاب” حشدها في مناطق سيطرته لا يتمكن طرف ما يسمى “الشرعية” من حشد ربعه أو حتى أقل في المناطق المفترض انه السلطة فيها المسماة بالمناطق “المحررة”.
لكن القضية لا تقف عند الاحراج و تعري الحجة التي يتعرض لهما التحالف السعودي، و انما يتعداه الى اجندات توليفة التحالف السعودي نفسه و مدى انسجامها بين مكونات التحالف و تحديدا السعودية و الامارات، ففشل اعادة هادي و حكومته الى عدن و سلطتهما الى محافظات جنوب اليمن لا يصاحبه فراغ سلطة، و انما هناك سلطة واقع تدير السلطات المحلية في عدن و في محافظات الجنوب الاخرى هذه السلطة هي مكونات من الحراك الجنوبي موالية للامارات و غير قابلة بقيام سلطة هادي في عدن لاعتبارات متعلقة بشكل الدولة اليمنية.
سلطة هادي هي السلطة التي يشن التحالف السعودي حربه العدوانية في اليمن تحت ذريعة اعادتها للسلطة باعتبارها السلطة “الشرعية” و لكن الأمر ليس كذلك من ناحية الاجندات الحقيقية التي يتم العمل لها من تحت الطاولة، و خصوصا اجندات الامارات المتحدة في المحافظات الجنوبية.
كان الصراع في اليمن يتم بين التحالف السعودي و بين طرف صنعاء في سبيل اعادة هادي و حكومة بحاح الى الحكم في بداية الامر، و لكنه الآن فيما يتعلق بالمحافظات الجنوبية يتجسد كحالة صراع بين السعودية و الامارات لاعادة هادي و حكومة بن دغر الى السلطة في تلك المحافظات، فهادي و حكومته هما عنوان الحضور السعودي في المحافظات الجنوبية، بينما غيابهما عن السلطة هناك هو عنوان الحضور الاماراتي فيها.
منذ الاطاحة ببحاح رجل الامارات من رئاسة الحكومة و كذا تعيين محسن نائب لهادي تبدل الموقف الاماراتي تجاه ما يعرف بـ”الشرعية” جذريا، فقد تحولت السلطة المسماة بـ”الشرعية” الى خصم جوهري للامارات، فباضافة كون القوة العسكرية او مايعرف بـ”الجيش الوطني” و كذا جزء كبير مما يعرف بـ”المقاومة” محسوبتان على الاصلاح و محسن فقد مسخت هذه السلطة لتمثل حكومة لمنظومة الاخوان في اليمن بشكل جوهري، و بذلك تكون هذه السلطة غير مقبولة على الاطلاق من قبل الامارات التي تخوض صراعا ضد الاخوان على مستوى المنطقة و لن تقبل بقيام او استقرار لسلطة للاخوان فيها وجود جوهري في محافظات جنوب اليمن، لأنها ستكون قد سمحت بقيام الاخوان على حدودها.
في ظل فشل كل محاولات اعادة هادي و سلطته الى عدن و ادارتهما لسلطاتهما الحكومية من هناك يقوم التساؤل البديهي هل ستنج محاولة اعادتهما الى عدن هذه المرة ام انها ستجد نفس مصير سابقاتها و ستفشل ويغادر هادي و حكومته الى الرياض، و غيرها من العواصم العربية من جديد.
الارجح ان هذه المحاولة ستفشل مثلها مثل سابقاتها بل انها الان اكثر تعقيدا من سابقاتها كونها تاتي بعد حالة صراع للاجندات الاماراتية السعودية في الجنوب خرجت في اكثر من موقع ومناسبة إلى العلن، بمعنى ان فرصة تسوية ساحة المحافظات الجنوبية لوجود هادي وحكومته كسلطة فيها هو امر غير ممكن لمعارضة مبدئية اماراتية له، و هي المعارضة التي تجسدت في كثير من المواقف دون وجود هادي و حكومته كسلطة كاملة السيطرة بكثير فالامارات اعاقت و تمنع وجود سلطات محلية او ادارية دون مستوى الرئاسة و الحكومة كما حصل في الصراع على مطار عدن الدولي و غيره من الصراعات على التعيينات و السلطات في محافظات جنوب اليمن.
يبدو أن الملف اليمني يزداد تعقدا يجعل من حظ هادي العاثر اكثر صعوبة و ضياع، و في ظل الاجندات الحاصلة حاليا في الملف اليمني سواء الخاصة بالاطراف اليمنية او الخاصة بأطراف التحالف السعودي لا وجود لفرصة حقيقية لهادي و حكومته للعودة كسلطة لا في عدن و لا في صنعاء و قدره ان يستمر رئيسا مغترب لحين غير معروف.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا