هل ستجرؤ الولايات المتحدة على توجيه ضربات اخرى لسوريا..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
اعلن البيت الابيض ان الولايات المتحدة قد تشن ضربات اخرى لسوريا في حال تكرر استخدام الكيماوي.
تمارس الولايات المتحدة منذ ما بعد الضربة التي وجهتها لسوريا بذريعة استخدام الكيماوي حالة من استعراض العضلات بشكل واضح ، فمن توجييها لحاملة طائرات باتجاه شبه الجزيرة الكورية الى تصريحات البيت الابيض بان امريكا قد تشن ضربات اخرى لسوريا في حال تكرار استخدام الكيماوي و الى تصريحات تيلرسون و زير خارجيتها من ايطاليا اثناء اجتماع وزراء خارجية الدول السبع الكبرى.
استعراض العضلات الامريكي هذا هو محاولة للاستفادة من الضربة الامريكية لسوريا الى اقصى حد ممكن وهذا الامر هو في حق توجيه قوة باتجاه شبه الجزيرة الكورية كنوع من التلويح بالقوة باتجاه كوريا الشمالية، على اثر ازمة حادة على خلفية تطوير كوريا الشمالية لقدراتها الصاروخية و النووية، لكنه في حق تصريح البيت الابيض وتصريحات تيلرسون هو فرد عضلات بهدف المكابرة واخفاء الاثر السلبي الذي ادرك البيت الابيض انه ترتب على توجيه الضربة لسوريا بقرار منفرد ، فتصريحات البيت الابيض و تصريحات تيلرسون جاءا بعد تصريحات سابقة لترامب بان الولايات المتحدة لن توجة ضربات اخرى لسوريا وانها وجهت الضربة كنوع من العقاب لنظام السوري لاستخدامه الكيماوي ومجاوزة الخط الاحمر و بعد ابلاغ الجانب الروسي و انها كافية لعقاب النظام السوري.
ردود الفعل الروسية على الضربة الامريكية كانت غاية في الحدة و الخطورة فقد ترتب عليها رفد قوة النظام السوري بانظمة دفاع و ترتب عليها ايضا قرار بزيادة في حضور القوة الروسية في سوريا و في المنطقة كما ترتب عليها ايضا انسحاب روسيا من اتفاقيات كانت تمثل صمام امان لعدم انفجار الموقف في سوريا نتيجة اي احتكاك غير مقصود و كذا توجيه بيان تحذيري صارخ وقوي من روسيا وايران، ولا زال التصعيد الروسي جاري ومنه اجتماع منتظر لمجلس الاتحاد الروسي لادانة الضربة الامريكية لسوريا وما يترتب على ذلك من تخويل اوسع لبوتين في التصرف تجاه اي حوادث قادمة في سوريا.
ردود الفعل الروسية على الضربة الامريكية تجعل الخطوة التالية في سوريا بالنسبة للولايات المتحدة اكثر خطورة وحسابات الاقدام على اي ضربة اخرى تختلف كلية عن حسابات الضربة التي وجهتها لمطار الشعور، لكن حدة الردود الروسية و الايرانية بقدر ما اضعفت من الهيبة التي كان البيت الابيض يريد ترتيبها على ضربته لسوريا واصبح الصمت محسوب على الولايات المتحدة كصورة من صور الاقرار بالخطاء، وكان لابد للبيت الابيض ان يعمل على الظهور بمظهر غير المكترث و المكابر فخرج البيت الابيض بتصريحه و خرج وزير خارجية الولايات المتحدة بتصريحاته في ايطاليا كذلك.
ما يعزز النظر لتصريح البيت الابيض وتصريحات تيلرسون بانها استعراض عضلات لايعني مطلقا ان توجيه ضربة جديدة لروسيا هو امر ممكن الحدوث بنفس حسابات الضربة الاولى لسوريا هو التقييد في تصريح البيت الابيض بالقول “في حال تمت استخدام الكيماوي مرة اخرى” بمعنى انه لم يتحدث بنفس لغة البيان الروسي الايراني الذي طرح بصورة مباشرة ان الامر متعلق بسعي الولايات المتحدة للهيمنة على العالم و التصرف خارج الشرعية الدولية ولم يكن التذرع بالكيماوي الا لتحقيق اهداف الهيمنة الامريكية، بينما كان التصريح الامريكي محددا بتكرار الضربة في حال تكرار استخدام الكيماوي دون ان يحاول طرح اي جانب اخر للرد او التعرض للبيان الروسي الايراني.
ايضا ما يعزز فكرة فرد العضلات لا اكثر هو تصريحات تيلرسون بان وجود الاسد امر مهم لاي حل سياسي في سوريا مع انه سبق لترامب ان صرح بتغير وجهة نظره تجاه الاسد فيما يتعلق بالحل في سوريا و كأن تيلرسون اراد ارسال رسالة لروسيا بان الولايات المتحدة لن تعمل لتغيير المعادلات في سوريا بالقوة وان موقفها من الاسد لازال كما هو قبل الضربة رغم تصريحات ترامب السابقة.
استعراض العضلات الامريكي هذا يعكس ضعف اداء السياسة الامريكية الخارجية و عدم القدرة على تبني مواقف غير مترددة و غير متحولة تبعا لوضع الولايات المتحدة و تصرفاتها هي ذاتها وليس تبعا لاداء الاطراف الاخرى في الملفات السياسية التي تتعامل معها.
و تدرك الولايات المتحدة تماما انه لاقدرة لها حاليا على المجازفة بضربة اخرى لسوريا حتى لو اختلقت ذريعة كتلك التي اختلقتها لضربتها الاولى، فالرسائل الروسية كانت واضحة بان الرد قد رتب له و وقوع اي رد تجاه اي ضربة قادمة سيفرض على الولايات المتحدة الثأر على خلفية الرد وهو امر يتطلب حسابات اوسع بكثير من حسابات توجيه ضربة و هي تعلم تماما انه لايمكن حاليا الاقدام على اي خطوة ستفضي الى تصرفات تحتاج حسابات وقرار اوسع بكثير لملابسات كثيرة بينها الوضع الداخلي الامريكي و كذا الجانب القانوني للمواجهة الاوسع و مدى الاستعداد لخوضها، اضف الى ذلك حجم التضحية التي ستترتب على الاقدام على اي خطوة واسعة للمواجهة وكل ذلك يجعل من تصريحات الولايات المتحدة مختلفة المستويات مجرد استعراض عضلات مقرّ بالذنب.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا