بعد نقلها أكثر من 100 ألف جندي إلى الحدود .. هل انقلبت الصين على كوريا الشمالية..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
بدأت جمهورية الصين الشعبية نقل قوة قوامها بين 150 الى 160 الف جندي الى حدودها مع كوريا الشمالية، و يأتي هذا التحرك العسكري الصيني مع اقتراب قوة امريكية من سواحل كوريا الشمالية و تهديدات ترامب بتوجيه ضربة و قائية لها.
اثار نقل القوة الصينية الى حدود كوريا الشمالية عدد من التسأولات عما وراء هذه الخطوة الصينية في هذا التوقيت الذي تشهد فيه شبه الجزيرة الكورية أزمة محتدمة بين كوريا الشمالية و بين الولايات المتحدة، و فيما اذا كانت بكين قد غيرت موقفها تجاه كوريا الشمالية الى الضد باتجاه موقف الولايات المتحدة.
تصريحات الرئيس الامريكي ترامب المطالبة الصين ان تقرر فيما اذا كانت ستساعدنا في كوريا الشمالية ام انها لن تساعدنا و قوله بان الولايات المتحدة قادرة على تسوية الملف الكوري الشمالي منفردة، يمكن قراءتها على انها ممارسه للضغط على الصين لتغيير موقفها تجاه بوينغ يانغ و الانخراط مع الولايات المتحدة في مواجهة “الخطر الكوري الشمالي”.
أنهى الرئيس الصيني زيارة للولايات المتحدة التي كان الملف الكوري الشمالي هو احد ملفات النقاش بين الادارتين، و حركت الولايات المتحدة قوة بينها حاملة طائرات باتجاه كوريا الشمالية و صاحب ذلك تهديد و وعيد لترامب بأن كوريا الشمالية قد تواجه ضربة وقائية من قبل الولايات المتحدة، و يصاحب ذلك تحريك قوة صينية كبيرة بهذا الحجم باتجاه الحدود الكورية الشمالية، فهل انقلبت الصين على حليفها الكوري الشمالي و هي تتموضع لمساعدة الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية..؟ استجابة لطلب الولايات المتحدة و تفاهماتهما التي تمت معها اثناء زيارة الرئيس الصيني للولايات المتحدة مؤخرا.
التموضع الصيني و الامريكي في النظام العالمي وفي كثير من الملفات المعتملة في العالم، و كذا التنافس الاقتصادي الحاد بينهما و تخوفات الولايات المتحدة من النمو الصيني الذي قد يترتب عليه كسر الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة، و أيضا المنافسة في اطار الهيمنة العالمية التي بدأت الصين دخولها على خلفية المواقف الامريكية التي تراها معادية تجاها، كل ذلك لابد له ان يمنع اي تقارب امريكي صيني لدرجة انقلاب الصين على حليف لها، طالما كان ورقة من اوراق الصين في وجه الولايات المتحدة و حلفائها في منطقتها، كما ان حالة العدائية التي ابداها ترامب تجاه الصين هي قضية اخرى تمثل عائق امام التقارب الصيني الامريكي الى حد كهذا خصوصا في ظل تقلبات ترامب المفاجئة و مهما كانت التطمينات و المحفزات التي قد تقدمها الولايات المتحدة للصين.
حديث ترامب حول الدور الصيني في الملف الكوري كان مصحوبا بمحفزات مثل وعوده بمقابل تجاري كضرب مثل لما ستجنيه الصين في حال قررت ان تتعاون مع الولايات المتحدة في مواجهة كوريا الشمالية، و تقديم ترامب لمحفزات بحد ذاته يعني ان تصريحات ترامب لم تكن بقصد الضغط وانما بقصد ارسال رسالة الى الصين بأن الولايات المتحدة تتوجه جديا لمعالجة ملف كوريا الشمالية و هو ما يجب ان تكون الصين موجودة في هذه المعالجة كي لا تمضي الولايات المتحدة فيها منفردة كون الملف الكوري هو احد ملفات المنطقة الصينية.
مع إنتفاء ماذهب اليه بعض المحللين السياسيين في تفسير توجيه الصين قوتها الى الحدود الكورية الشمالية بأنها ضمن تفاهم صيني امريكي لمعالجة امريكية صينية مشتركة للملف الكوري و الخيار العسكري او التلويح به هو احد خيارات هذه المعالجة لما سبق الحديث عنه، إلا ان السؤال يظل قائما وهو ما وراء تحريك الصين لقوات بهذا الحجم باتجاه كوريا الشمالية في هذا التوقيت..؟.
ما قامت به الولايات المتحدة بتحريك قوة عسكرية باتجاه شبه الجزيرة الكورية هي خطوة عسكرية و تلويح مباشر باستخدام القوة، و بالتالي فهي تحمل رسالة بأن التدخل العسكري بتوجيه ضربة لكوريا هو أمر مراد ايصاله للادارة الكورية، و التصريح به كان مباشر ايضا بالحديث عن ان كوريا قد تواجه ضربة كتلك التي وجهت لسوريا.
ايصال رسالة كهذه لكوريا الشمالية هي رسالة باتجاه الصين كذلك، و هي ذات علاقة بجانبين: الاول هو الاثار التي ستترتب على أي ضربة امريكية لكوريا الشمالية من موجات نزوح محتملة، و من التلوثات النووية المترتبه على احتمال ضرب مفاعلات نووية، و نحو ذلك من الاثار المحتملة لأي ضربة امريكية. الجانب الاخر هو الرد على الرسالة الامريكية العسكرية لمعالجة الملف الكوري برسالة مقابلة هي ان الصين تأخذ الرسالة الامريكية العسكرية بجدية و تتعامل في ضوء ذلك بتحركات عسكرية، كذلك التعامل مع اي تطورات محتملة في ملف ذو علاقة مباشرة بالامن القومي الصيني بشكل مباشر.
مع ان أغلب العوامل المحيطة بالملف الكوري الشمالي هي ضد امكانية توجيه الولايات المتحدة لضربة لكوريا الشمالية في الظرف الحالي، إلا ان القرار الطبيعي بالنسبة للصين هو التعامل مع كل الاحتمالات بما فيها وقوع الضربة، تبعا لمفهوم الحيطة و الحذر، و هذا القرار الطبيعي هو الارجح لتفسير توجيه الصين لقوة كبيرة من جيشها باتجاه الحدود مع كوريا الشمالية بالتزامن مع وصول القوة الامريكية الى قبالة السواحل الكورية كتحوط لأي تطوارات قبل ان تتفاجأ بها الصين و تزيد صعوبة التعامل تجاهها.
المصدر: الغاية نيوز
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا