هل ستفلح ملايين ابن زايد في تليين الموقف الروسي من معركة الحديدة كما فعلت ملايين ابن سلمان في بداية العدوان..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
قال وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف يوم امس، الخميس 20 أبريل2017 إن روسيا تجري محادثات لتزويد الإمارات ببضع عشرات من طائرات “سو-35” المقاتلة.
يأتي هذا التصريح لوزير الصناعة و التجارة الروسي بالتزامن مع زيارة يقوم بها ولي عهد الامارات محمد بن زايد لموسكو و التقائه بالرئيس الروسي فلادمير بوتين.
يخوض التحالف السعودي الذي تمثل الامارات عموده الثاني حربا عدوانية في اليمن و توجهه في الفترة الاخيرة هو لمهاجمة ميناء الحديدة بمشاركة الولايات المتحدة، لكن تفسير حاجة الامارات لشراء طائرات روسية مقاتلة هو ذو علاقة عسكرية بحرب التحالف السعودي في اليمن و معركة الحديدة تحديدا هو تفسير لا محل له. فدول التحالف السعودي تمتلك من المقاتلات ما يفوق حاجة المعركة في اليمن بكثير كما ستضاف لها مشاركة امريكية في الهجوم على ميناء الحديدة كما يُخطط، كما ان صفقة كهذه تتكون من “بضع عشرات من المقاتلات الحديثة” في حال الاتفاق عليها فإنجازها وتسليمها سيتطلب لسنوات.
يتحدث التحالف السعودي في الفترة الاخيرة الماضية عن احدى اكبر واهم معاركه في اليمن وهي “المرحلة الثانية” من معركة الساحل الغربي و التي ستُهاجم فيها الحديدة و مينائها، وهذه المعركة هي معركة ذات خصوصية بين كل المعارك وكل الجبهات التي قاتل فيها التحالف السعودي على مدى عامين مضيا من حربه العدوانية في اليمن، واهمية هذه المعركة بالنسبة للتحالف السعودي هو انه يعول عليها في تحقيق الاجندات في الملف اليمني بعد تعثّر كل التجارب التي تمت في الجبهات الاخرى على مدى العامين الماضيين.
معركة الحديدة هي معركة تمثل اخر حلقة في سلسلة من الحلقات التي اقدم عليها التحالف السعودي لمحاولة التعويض عن اخفاقه العسكري بالتحول الى المقامرة بالمدنيين على امل تحقيق نصر عسكري بالترتيب على ذلك، فمن نقل البنك المركزي من صنعاء وتوقف دفع المرتبات الى اغلاق مطار صنعاء الدولي و وصولا لمهاجمة ميناء المخا و انتهاء بمهاجمة ميناء الحديدة هي سلسلة تمثل تنفيذا لقرار بالعقاب الجماعي و فرض حالة حصار خانقة يترتب عليها زعزعة واضطراب يسمحان بتحقيق نصر عجز التحالف السعودي عن الظفر به في الجبهات دون المقامرة الواسعة بالمدنيين رغم الفارق الهائل في ميزان القوة العسكرية لصالحه.
تهتم الامارات بهذه المعركة بشكل خاص وكانت اول من وجّه طلب المساعدة الامريكية للتحالف السعودي في هذه المعركة، وحجم المعركة وحساسيتها من ناحية و مترتباتها الانسانية الكارثية و محوريتها في التأثير على معادلات القوى في الملف اليمني من ناحية اخرى فرض كل ذلك العمل على تهيئة افضل الظروف الممكنة لهذة المعركة.
على غير عادة المواقف الروسية تجاه الملف اليمني خرجت روسيا بالتحذير من الاقدام على مهاجمة ميناء الحديدة و دعت لاجتماع لمجلس الامن لمناقشة الملف اليمني على خلفية توقعات معركة الحديدة ما يجعل من نقطة مهاجمة ميناء الحديدة نقطة حساباتها اكثر تعقيدا من ناحية التنافس الاقليمي و العالمي من اي نقطة اخرى في الملف اليمني ، لكن مع خروج الموقف الروسي هذا عن السير المعهود في الملف اليمني الا انه لم يكن خروجا حادا بالقدر الذي يمكن توقع ان يتسبب في إرباك المخطط المعد لمعركة الحديدة وتحولها الى ورطة اضافية للتحالف السعودي في اليمن.
بعد حالة من برود التنافس في الملف السوري اندفعت الولايات المتحدة و وجهت ضربة صاروخية لسوريا قفزت بالتوتر في الملف السوري و ملف التنافس الاقليمي و ملف التنافس العالمي الى مستوى يفوق اي وقت سابق منذ بداية احداث الملف السوري.
الموقف الروسي من الملف اليمني بعد ضرب سوريا
الموقف الروسي تجاه الملف اليمني هو اهم عامل يمكن ان يحول معركة الحديدة الى ورطة كاملة الاركان لدول التحالف السعودي وترتيبا على قفزت التوتر في مختلف الملفات تبعا لضربة سوريا اصبح الملف اليمني اكثر حساسية بالنسبة لروسيا و اصبحت توقعات مفاجئة الموقف الروسي في الملف اليمني و في معركة الحديدة تحديدا اعلى بكثير من قبل الضربة الامريكية لسوريا.
كلما وجد الحلف الامريكي في المنطقة نفسه في ورطة نتيجة تصرفات ترفع حدة الموقف الروسي يتم الإيعاز للحلفاء العرب القادرين على الدفع بالتوجه الى موسكو و محاولة امتصاص الحنق الروسي، ومن بعد الضربة الامريكية لسوريا توجه وزير الخارجية القطري الى موسكو و تباحث معها في ملف مكافحة الارهاب مع علم روسيا بتورط قطر في دعم “جبهة النصرة” و غيرها من جماعات ارهابية و جماعات مسلحة في سوريا.
اقدم التحالف السعودي بتغطية امريكية على شن حربه العدوانية في اليمن دون التحصل على تخويل دولي بذلك و توجه من ايامه الاولى لمسألة تغطية هذه الحرب بالتخويل الدولي وكانت الموقف الروسي الطبيعي و الذي واجهه التحالف السعودي في البداية هو الرفض الروسي للقرار المقدم لمجلس الامن بشأن اليمن و تدخل مايسمى “التحالف العربي”، وتم حينها استخدام السعودية لامتصاص الحنق الروسي لضمان مرور القرار الاممي و توجه ولي ولي العهد السعودي الى موسكو و افلح في زيارته التي عقد فيها اتفاقات تجارية بـ 300 مليون دولار مع روسيا في تغيير الموقف الروسي من المعارض الى الممتنع و مع فرض تعديل جوانب معينه في صيغة القرار الاممي الذي مر من مجلس الامن دون اعتراض او موافقة روسيا.
الارتفاع في حدة الموقف الروسي بعد الضربة الامريكية لسوريا لم تكن زيارة وزير خارجية قطر كافية لامتصاصها و لازال الموقف الروسي غير مأمون تجاه الخطوات القادمة، وفي طليعتها مهاجمة ميناء الحديدة، و الامر يتطلب جهدا اعلى أعلى لتحقيق النتيجة مع روسيا هذه المرة بتوجه ولي عهد الامارات لبحث ملف محاربة الارهاب كذلك، كأحد عناوين الزيارة ومن دولة حالها كحال قطر فيما يتعلق بالمواقف الداعمة في سوريا.
العرض الاماراتي
اتفاقات بـ 300 مليون دولار مع روسيا تمت في زيارة ولي ولي عهد السعودية في بداية الحرب العدوانية على اليمن إدخال تعديلات محددة على القرار الاممي غيرت موقف روسيا تجاه الملف اليمني، و الآن تلقت روسيا عرضا من الامارات لشراء عشرات المقاتلات الروسية سيكون كذلك بمئات ملايين الدولارات، و لازالت النتيجة لم تتضح بعد، فيما اذا ستكون ضمان الموقف الروسي تجاه مهاجمة الحديدة في الحدود المأمونة، ولو بالاتفاق على خطوط حمراء بمقابل الاتفاق على تعديل في القرار الاممي الذي تم مع السعودية في بداية الحرب العدوانية على اليمن أم ان ولي عهد الامارات وصفقته سيفشلان في تعديل المزاج الروسي و يعود دون ان يضمن الموقف الروسي المأمون تجاه معركة الحديدة..؟.
تقديرات الموقف الروسي
حتى الان المؤشرات تقول ان التقدير الروسي للتطورات المتوقعة في الملف اليمني للفترة القادمة هو غيره كما كان في بداية الحرب العدوانية في اليمن، ومع ان العرض الاماراتي يبدو مصمم للاغراء وقابل للتفاوض و الزيادة بالحديث عن طلب “عشرات المقاتلات” و ليس طلب عدد محدد منها هو الذي تقدمت به الامارات الا ان التعاطي الروسي الرسمي مع زيارة ولي العهد الاماراتي يتم بحذر كبير فـ”محمد بن زايد” تحدث عن انه قدم لروسيا لبحث العلاقات الثنائية و الوضع في الشرق الاوسط بينما كان حديث بوتين مركزا على التبادل التجاري و خطط التعاون الاقتصادي و التجاري و محاربة الارهاب.
التطورات في منطقة الشرق الاوسط وردت في حديث بوتين لكن كنقطة هامشية واخيرة والتركيز كان للجوانب الاقتصادية و التجاربة ومحاربة الارهاب فهل هذا التمنع الروسي هو انعكاس لحسابات قطعية جديدة في الملف اليمني بعد ضربة سوريا، و سيفشل ابن زايد ام انه تمنع لرفع رقم الصفقة التي لاتزال مفتوحة لاعلى حد ممكن و سيدفع ابن زايد ويعود مطمئن للموقف الروسي تجاه قتل وحصار المدنيين اليمنيين الذي سيكون اكثر كارثية لو تم المضي التحالفي الامريكي لمعركة الحديدة و مينائها.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا