هل بات انفصال جنوب اليمن عن شماله خيار مطروح على الطاولة..؟ وهل سيكون تقسيم اليمن أهم إنجازات “عاصفة الحزم”..؟
يمنات
عبد الخالق النقيب
يرى الكثير من المراقبين أن مغادرة عبد العزيز المفلحي لمدينة عدن ظهر الاثنين بصورة مفاجئة متجهاً إلى الرياض تأتي على خلفية مهاجمته للانفصال في أول مؤتمر صحفي له ونبذه للعنصرية كإحدى الرؤى والمحددات المستقبلية التي سيرتكز عليها في إدارته للمحافظة، مشككين في أن تكون أسباب الزيارة المفاجئة كما أعلن عنه بهدف التنسيق مع هادي والقيادة السعودية كونها جاءت بعد وقت قصير جدا من وصوله عدن، فلا شيء في مدينة عدن هذه الأيام أهم من بقاء وتواجد محافظها، يسند هذا الرأي ما أكدته مصادر دبلوماسية في قيادة التحالف العربي عن لقاء مرتقب سيجمع المفلحي يالمحافظ المقال عيدروس في العاصمة الرياض بعد أن يلحق به الأخير في طائرة أخرى.
عبد العزيز المفلحي وهو المحافظ الرابع المعين من هادي للعاصمة المؤقتة عدن بعد أن سبقه تعيين ثلاثة محافظين في أقل من ثلاث سنوات “عمر عاصفة الحزم” غادر إلى الرياض عقب تسليم الحماية الرئاسية لـ”منفذ العلم” الرابط بين محافظتي أبين وعدن لقوات الحزام الأمني الموالية إماراتياً في مؤشر لتوسع الصفقات السعودية الإماراتية منذ التظاهرات التي أعقبت الإطاحة باللواء عيدروس والوزير بن بريك.
في التحليل بعث أول حديث للمفلحي مع مسؤولي السلطة المحلية بمدينة عدن رسائل حاسمة للداخل وللخارج، قدمها المحافظ الجديد بمستوى عالٍ من النضج والإدراك، تلك الرسائل المتفتحة تنم عن خبير في الأرض والإنسان، لكونها المسؤلية التي تفتقر إليها مدينة عدن وهي تعيش لحظة انشداد وتوتير متصاعد بين فصيل “هادي” سعودياً والفصيل “الزبيدي” إماراتياً، ولكون المفلحي جاء بخطاب مثقف وحديث وازن لربما لم تشهده مدينة عدن منذ أن أجلت المدينة آخر جندي بريطاني عام 1967، المفلحي لا يريد لعدن إن تغرق في الصراعات السياسية، ولقد كنا بصدد مناقشة وتحليل حديثه الذي قلب الطاولة على حسابات التحالف، وأتى خلافاً لما توقعه البعض، كما أن إصرار المفلحي في العمل بأداء مهني وتنموي بحت سيعرضه لصدام حتى مع قيادات التحالف وهو ما دفع بنا للذهاب نحو المطالبة بتمكين الرجل ومساندته في تحقيق رؤيته الإصلاحية، و تحويل الحركة الديناميكية للمفلحي مختبراً لقياس جدية “عاصفة الحزم” في تنفيذ تعهداتها وما يمكن أن تصبح عليه مدينة عدن من تطور، مواصلة داعمه إلى أن يصلح تقديمه كنموذج حقيقي للنوايا الحسنة و الإنسانية التي جاء بها تحالف العربية السعودية لمساعدة اليمن واليمنيين، وأن انتصارها في ذلك لربما سيعيد ما خسرته من مكانة دولية وإقليمية.
عملياً وعلى الأرض قطعت عدن شوطاً كبيراً في تطبيق سلسلة طويلة من إجراءات انفصالها عن شمال اليمن، دفعها في ذلك مزاج القوات الإماراتية الساعي لبسط نفوذاً إماراتياً في المناطق والمحافظات الجنوبية وإبعادها عن الشمال اليمني؛ لتتمكن من إداراتها والاستئثار بما يوفره موقعها الجيوسياسي، مستفيدة من تطويع فصائل الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال في مواجهة الصراع غير المعلن مع الرئيس هادي المدعوم سعودياً والذي استخدم ورقته الأخيرة والمفاجئة وأطاح باللواء عيدروس ورفيقه الوزير ابن بريك ممثلي الإمارات داخل أركان حكومة الشرعية اليمنية، وهي الضربة التي عكست مدى عمق الخلاف السعودي الإماراتي حول مناطق النفوذ على الأراضي اليمنية، وتدعى على إثرها متظاهرون جنوبيون ممن وجدوا فيها الفرصة المفتعلة والسانحة لإعلان الانفصال وتنصيب الزبيدي المحافظ المقال قائدا عليهم بمثابة الزعيم المؤسس؛ وخوفاً من التداعيات العكسية تم تشكيل لجنة ثلاثية “سعودية إماراتية يمنية” تتولى التنسيق في إدارة الوضع الأمني في محاولة لتطويق الخلاف الذي كاد أن يعصف بالحثيات والصيغ القانونية التي شرعنة لـ”عاصفة الحزم” بعد أن بات الحصول على توافق سعودي إماراتي يمثل تحدياً كبيراً بعد استحالة تطابق أولويات الرياض وأبوظبي في منطقة كاليمن.
و في ضوء تعاطي الإمارات والسعودية لمشروع التقسيم والانفصال فإنه يمكن المضي في إشهار الانفصال بعد الانتهاء من العمليات العسكرية التي تشنها قوات التحالف في اليمن تفادياً لخلط أوراق “الشرعية اليمنية” الذريعة الكبرى التي أجيز بها خوض هذه الحرب، ما قد يمثل حرجا ًأممياً بالغاً إزاء التزام التحالف العربي الذي أعلن أن الهدف الرئيس من انطلاق عمليتي “عاصفة الحزم” و”إعادة الأمل” هو إنهاء الانقلاب واستعادة شرعية الدولة باعتبارها أولوية في هذه المرحلة.
في النهاية استطاعت لجنة التنسيق التي تم تشكيلها في جدة ممارسة جملة من الضغوطات على عيدروس وفصائل الحراك الجنوبي وفرملة اندفاعة تظاهرة “إعلان عدن” الأسبوع الماضي، وتخفيف سقفها إلى ما دون إعلان الانفصال والاكتفاء بتشكيل كيان سياسي جنوبي وقيادة جنوبية لإدارة وتمثيل الجنوب وتطلعاته، مما زج بالأزمة اليمنية صوب منعطف جديد قد يتسبب في انقسامات حادة تشق صفوف “الشرعية” التي تتآكل وتواصل خسارتها للكثير من خيوط اللعبة، وفي حال تم الانقلاب على شرعيتها وأعلن الزبيدي رئيساً للمحافظات الجنوبية فإن ذلك سيمثل انتكاسة كبرى تنهي مشروعية الحرب الشاملة التي يتم شنها على اليمن بغطاء أممي..!
فهل ستتمكن لجنة التنسيق “السعودية الإماراتية اليمنية” من احتواء كل الخلافات والاحتقانات والمعارك التي تلد معارك أخرى إلى ما لا نهاية..؟! أم أنها ستفقد السيطرة وتغرق في مصالحها المتضاربة، إلى أن نكون بصدد إعلان انفصال الجنوب ويكون تقسيم اليمن إلى يمنين أهم انجازات “عاصفة الحزم” ..؟!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا