موقع أمريكي يكشف معلومات تفصيلية عن هجوم مأرب.. ويُكذب البنتاغون
يمنات – صنعاء
كذب تقرير استقصائي أعده مجموعة من صحافيي التحريات الأمريكية، ادعاءات وزارة الدفاع “البنتاغون” بشأن قتل 7 من أعضاء تنظيم القاعدة خلال العملية الجوية والبرية الأخيرة في محافظة مأرب، شرق اليمن.
وكشف موقع “ذي إنترسبت” الأمريكي الذي يضم مجموعة من صحافيي التحريات الأمريكية، معلومات تفصيلية عن الهجوم الأمريكي على قرية العذلان بمأرب في 23 مايو/أيار 2017، تُكذّب رواية البنتاغون الذي ادعى بانه قتل 7 من تنظيم القاعدة.
ونقل الموقع الامريكي روايات شهود العيان الذين اكدوا مقتل خمسة من المدنيين، بينهم طفل، وإصابة خمسة آخرين فى الغارة الأخيرة التي قامت بها القوات البحرية الأمريكية (SEAL) في اليمن.
كما أدت الغارة التي شنتها الكوماندوز الأميركية في قرية العذلان في محافظة مأرب اليمنية في 23 مايو إلى تدمير أربعة منازل على الأقل. وأوضح السكان المحليون أن القوات البحرية مع القوات الجوية التي تضم أكثر من 16 طائرة هليكوبتر وطائرات هجومية اشتبكت مع رجال القبائل اليمنيين لأكثر من ساعة.
التفاصيل التي تم جمعها من خمسة شهود عيان في القرية تتعارض تماما مع تصريحات وزارة الدفاع والقيادة المركزية الأمريكية، التي لم تعترف بأن المدنيين قد تعرضوا للأذى. وذكرت التقارير العسكرية الرسمية أن سبعة مسلحين من فرع القاعدة في اليمن (القاعدة في شبه الجزيرة العربية)، لقوا مصرعهم “من خلال مزيج من نيران الأسلحة الصغيرة والضربات الجوية الدقيقة”. كما أفادت الأنباء بأن اثنين من الكوماندوز أصيبا بجراح طفيفة في تبادل إطلاق النار. وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس للصحافيين في 23 مايو إنه “لا توجد مؤشرات موثوقة على وقوع ضحايا بين المدنيين”.
لكن سكان القرية قدموا لموقع “ذي انترسبت” قائمة بأسماء عشرة مدنيين قُتلوا وجُرحوا خلال الغارة. وقُتل عبدالله سعيد سالم الأعذل البالغ من العمر 15 عاما بالرصاص أثناء فراره من منزله مع نساء وأطفال. وأصيب طفل آخر، وهو محمد محمد صالح الأعذل البالغ من العمر 12 عاما، لكنه نجا.
كما قتل سبعة رجال آخرون كانوا ضيوفا في منزل شخص في القرية، وفقا لما ذكره أحد كبار رجال قبائل العذلان الذي اشترط عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام من القاعدة. ولم يتمكن من التعرف على الضيوف إلا أنه يبدو أنهم السبعة الذين تدعي القيادة المركزية الأمريكية بأن القوات الأمريكية “قتلت سبعة من تنظيم القاعدة”.
وقد وصف الطالب مراد الأعذل، 22 عاما، الأخ الأكبر لعبد الله البالغ من العمر 15 عاما، الذي أطلقت النار عليه وتم قتله، كيف استيقظ على صوت إطلاق النار في حوالي الساعة 1:30 بعد أن سيطرت قوات البحرية الامريكية على المباني الواقعة على الجبل المطلة على القرية.
وقال مراد للموقع الامريكي “لقد خرجت من بيتي ورأيت التلال القريبة مليئة بالجنود الأمريكيين”. وعندما بدأت طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي بإطلاق النار على المباني، بدأ النساء والأطفال يفرون من منازلهم. “شقيقي الصغير عبدالله ركض مع النساء والأطفال الآخرين. قتلوه بينما كان يركض”. أطلقوا الرصاص على مراد وأصيب في ساقه.
ووصف سكان قرية العذلان، كيف قتلت قوات الكوماندوز ناصر علي مهدي الأعذل الذي كان عمره 70 عاما على الأقل. وقالت منظمة ريبريف، وهي منظمة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها، إن ناصر كان أعمى جزئيا. وقالت إن الرجل المسن قُتل عندما حاول تحية الجنود الأمريكيين، يعتقد أنهم كانوا نزلاء وضيوفا على القرية.
ويقدر السكان المحليون أن ما بين 40 و60 من أفراد الكوماندوز اقتحموا القرية بدعم من 8 أو 9 طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات أخرى مشطت مرارا بيوت القرويين. كما قتلت عشرات الحيوانات – الماشية التي تعود إلى القرويين – بوابل من النيران والغارات الجوية.
وجمع “ذي انترسبت” هذه الشهادات من خلال محادثات هاتفية مع سكان وناشطين زاروا المستشفى، حيث تم نقل الجرحى. ولم ترد البنتاغون على طلب بالتعليق على النتائج التي توصل إليها “ذي إنترسبت” وإصابات المدنيين في الغارة.
وتعد العملية في قرية العذلان، وهي قرية في بلدة الجوبة في مأرب، ثاني غارة تابعة للبحرية الأمريكية في اليمن اعترف بها الجيش منذ تولى دونالد ترامب منصبه. وكانت الأولى في 29 يناير 2017 في قرية يكلا بمنطقة قيفة بمحافظة البيضاء، على بعد حوالي 40 ميلا من قرية العذلان مأرب، حيث خلفت العملية الفاشلة 10 أطفال على الأقل تحت سن 13 عاما كانوا من بين 26 قرويا قتلوا، بالإضافة إلى ثمانية من أعضاء القاعدة.
ووصف ترامب العملية بأنها “ناجحة للغاية”. وقد تم إلغاء غارة أخرى من قبل البحرية الأمريكية في مارس على الساحل الجنوبي لليمن في اللحظة الأخيرة. إضافة إلى شن الجيش الأمريكي أكثر من 80 غارة بدون طيار وغارات من البحر على عدة محافظات يمنية، منذ تولى ترامب منصبه، وهو تصعيد كبير في الحملة التي تراجعت في نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية.
“العذلان ليسو قاعدة”
وبحسب “ذي انترسبت” كان الهدف من عملية العذلان هو جمع الأدوات الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة من أجل الحصول على “نظرة ثاقبة في أعمال القاعدة في جزيرة العرب وقدراتها ونواياها”، وفقا لبيان القيادة المركزية.
وكان الهدف من عملية العذلان هو نفس الهدف المفترض لعملية يناير في منطقة قيفة بمحافظة البيضاء، على الرغم من أنه تبين فيما بعد أن الهدف الفعلي من العملية الأولى هو زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قاسم الريمي. ولم يعرف القرويون في العذلان الذين تحدث معهم “ذي إنترسبت” أي مواد أو أشخاص اعتقلتهم قوات الكوماندوز يوم 23 مايو.
واعتبر “ذي انترسبت” أن الشهادات التي قدمها سكان قرية العذلان تثير تساؤلات خطيرة عن صحة التقارير الرسمية الأمريكية. وتثير شهادات شهود العيان أيضا تساؤلات خطيرة حول أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية وقدرة صانعي القرار على التمييز بين المدنيين ومقاتلي القاعدة، وسط الصراع المتعدد الأوجه في اليمن، حيث تكون الولاءات متسمة بالبراغماتية.
وأصدرت القاعدة في شبه الجزيرة العربية بياناً رداً على الغارة من خلال قنواتها الإعلامية في 26 مايو، مشيدة برجال القبائل المحليين الذين وصفتهم بأنهم “أبطال”، ونفت وجود معسكر للقاعدة في القرية.
لكن رد فعل القرويين بعد العملية كان غاضباً تجاه جميع الأطراف: القاعدة، والحكومة الأمريكية، والحكومة اليمنية، لموالية للتحالف السعودي، وكذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ويقول السكان المحليون إن القوات الإماراتية شاركت في العملية إلى جانب القوات الأمريكية، كما شاركت كذلك في عملية يناير في قيفة بمحافظة البيضاء. وفي 26 مايو تجمع سكان قرية العذلان للاحتجاج على عملية القوات الأمريكية تحت شعار “العذلان ليسوا قاعدة”.
وكان من أبرز القتلى، صالح الخضر، ضابط في الجيش المدعوم أمريكياً وسعودياً ضد تحالف صالح/ الحوثي. وتساعد الولايات المتحدة، التحالف من خلال تقديم الأسلحة والدعم اللوجستي الحاسم للمملكة السعودية وحلفائها في كفاحهم ضد قوات الحوثي/ صالح منذ مارس 2015.
وخلال زيارته للرياض في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن ترامب عن صفقة أسلحة جديدة، حيث وافقت السعودية على شراء ما لا يقل عن 110 مليارات دولار من الأسلحة والمعدات الأمريكية. جاء الإعلان على الرغم من المخاوف التى أثارها المشرعون وجماعات حقوق الانسان حول أدلة وجود جرائم حرب واضحة، وارتفاع نسبة الضحايا المدنيين فى الحرب الجوية التي تقودها السعودية، بالإضافة إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة الناجمة عن الحرب. وفي 25 مايو قدَّم مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار بعرقلة جزء من عملية البيع.
المصدر: وكالة خبر