هل سينعكس الخلاف القطري مع السعودية والامارات على “اخوان اليمن”..؟ وهل تسعى الامارات لحشرهم في زواية ضيقة..؟ وما هي اجراءاتهم الاحترازية في جبهات القتال..؟
يمنات
فائز الأشول
مع تصاعد الحرب الكلامية وأزمة الثقة بين دول الخليج، وحمى التنافس على تنفيذ سياسة النظام الأمريكي في المنطقة، بين قطر من جهة، والإمارات وبجانبها السعودية من الجهة الثانية، يتحسّس الأخوان المسلمين رؤوسهم، ويدخل حزب الإصلاح في اليمن، حلبة الصراع بين عرب الخليج باصطفافه مع الدوحة، ومهاجمة وسائل إعلامه وناشطيه التدخل الإماراتي في اليمن ووصفه بـ”الإحتلال” .. فما الذي يحدث..؟
نيران صديقة
تبدل موقف حزب الإصلاح من الإمارات مع دعم الأخيرة للمجلس الجنوبي الذي تشكل في مايو الماضي بعدن والذي مثل سحبا لبساط “الشرعية” التي يتخفى خلفها الإصلاح. ومع بدء الحرب الإعلامية لأبوظبي والرياض ضد الدوحة بعد الخطاب “المسرّب” للأمير تميم بن حمد آل ثاني، قبل أيام، نال حزب الإصلاح نصيبه من تلك الحرب.
صحيفتا “البيان” الإماراتية و “عكاظ” السعودية، اتهمتا حزب الإصلاح بإطالة حرب “التحالف” في اليمن، وحمّلتاه المسؤولية في عدم تحقيق أهداف التدخل العسكري، رغم مضي أكثر من عامين.
“البيان” وفي تقرير لها الأسبوع الماضي، قالت إن “الإخوان والحوثيين المدعومين من قطر، واجهوا جهود التحالف جنوباً بدعم الجماعات الإرهابية التي صرح علانية قادة العمليات الأمنية في عدن وحضرموت أنها جماعات إرهابية تدار وتمول من قبل الإخوان والحوثي”.
و قالت “عكاظ” إن “قطر دعمت الإخوان المسلمين في اليمن مالياً وإعلامياً وتبنّت دولة عميقة داخل الشرعية عملت من خلالها على فشل أي تقدم لقوات التحالف والشرعية في المحافظات الشمالية”.
في المقابل، فتحت قناة “الجزيرة” القطرية النار على أبوظبي، وخصّصت حلقتين لما قالت عنه “المسالخ البشرية في اليمن بإدارة إماراتية”، قدمت فيهما تقريرين الأول لمنظمة “سام” ومقرها جنيف، وجاء فيه أن “الإمارات تشرف على 8 سجون سرية في عدن وأن 450 يمنيا تعرضوا للتصفية والتعذيب فيها”، وفي التقرير الثاني الذي نسبته لمنظمة هيومن رايتس، أفاد فيه مسؤولون حكوميون ومصادر أخرى، بأن “هناك العديد من مرافق الإحتجاز غير الرسمية والسجون السرية في عدن ومحافظة حضرموت الشرقية تديرها الإمارات بما في ذلك مطار الريان في المكلا. كما توجد مراكز إحتجاز أصغر حجما في مراكز عسكرية مختلفة تسيطر عليها قوات الأمن المختلفة”.
بجانب ذلك بثت قناة “بلقيس” التابعة للقيادية في حزب الإصلاح، توكل كرمان، حلقة تلفزيونية عن “الإمارات ودورها في عرقلة تحرير تعز”، وجهت الإتهامات فيها لأبوظبي بعدم مساندة الطيران لهجمات المقاومة ضد الحوثيين، وحصر الدعم بالمال والسلاح على كتائب أبوالعباس السلفية بحجة أن بقية الفصائل المسلحة موالية لحزب الإصلاح.
رقبة الإصلاح
المتغيرات على الساحة اليمنية خلال السنوات الأخيرة نالت من الإصلاح، الذي كان يعد الحزب الثاني بعد المؤتمر الشعبي العام، من حيث القاعدة الجماهيرية، لكنه اليوم محشور في زواية ضيقة وغير مرغوب فيه شمالاً وجنوباً.
ليضاعف من محنته – التي تسببت سياسته في جانب كبير منها – بروز مؤشرات على التحاق السعودية بالإمارات في استهدافها للإصلاح، خصوصاً جناحه الموالي لقطر وتركيا. وهو ما دفع القيادي في الحزب، شوقي القاضي، الذي يقيم في أنقرة منذ عامين، إلى توجيه رسالة “إلى منتسبي الأحزاب المدنية والقومية واليسارية والإسلامية، وإلى كل شباب اليمن وأحراره وعقلائه وقواه السياسية والإجتماعية والإقتصادية”.
الرسالة التي نشرها القاضي في صفحته الرسمية على “الفيسبوك” وعنونها بـ”الإصلاح سفينة نجاتكم وبغرقه ستغرقون والخيار لكم”، تكشف جانباً كبيراً من الوضع الذي يعيشه الحزب، وحجم قلقه من قادم أسوأ، حيث جاء فيها: “حافظوا على التجمع اليمني للإصلاح فإنه حاجز الصد الذي يسندكم في مواجهة كهنوت الإمامة والحق الإلهي ودعاة التمزيق ومرتهني أنظمة تهميش اليمن عن الفاعلية الوطنية والإقليمية وهو مدماك بنائكم المدني الفاعل ولن أكون مبالغاً إذا قلت إن رقابكم وكرامتكم وحياتكم مربوطة برقبة الإصلاح ووجودكم مربوط بوجوده”.
الكاتب والصحفي محمد الظاهري، علّق على رسالة القاضي، بقوله إن “كل طرف يسمي نفسه الحامي والحارس وهو يقتلنا ويدمر أحلامنا”. موضحاً أن “حزب الإصلاح كان جزءاً من سلطة الحكم وأفضت كل أخطائه وفساده مع شركائه إلى كل هذا وكل ما قدموه هو الأعذار والمبررات ولوم الناس، ثم كانوا أول الهاربين وأول من وصل الى الرياض”. و أضاف الظاهري: “لا يريد الناس سفناً ولا حوائط صد، وكل ما يريدونه أن تتوقفوا عن قتلهم وعن قتل بعضكم البعض لنحيا جميعاً”.
الخوف من الرياض
يستميت حزب الإصلاح في الدفاع عن “الشرعية” رغم إجماع حلفائها والشارع اليمني على ضعفها وفسادها وفشلها في “إدارة المناطق المحررة”. لكن حزب الإصلاح يستغل ذلك الضعف للتصرّف نيابة عن الشرعية وهو ما ظهر جلياً في تصريح المصدر المسؤول في حكومة الرئيس هادي، الذي نشرته وكالة “سبأ” التابعة لها في 24 من مايو الماضي، والذي ثمّن فيه الدور القطري في اليمن، وعبّر عن “استنكار واستهجان الحكومة الشديدين لحملات الإفتراء والتضليل المشبوهة ضد قطر والصادرة من أفراد لا يمثلون إلا أنفسهم”.
التصريح، وإن كان يقصد به القيادي السلفي الموالي للإمارات، هاني بن بريك، إلا أنه تم حذفه بعد ساعة من نشره. ليعقب ذلك حملة تغريدات في “تويتر” لناشطين إماراتيين مقرّبين من ولي عهد أبوظبي، استهدفت مدير مكتب الرئيس هادي الإصلاحي عبدالله العليمي.
و جاء في التغريدات: “رصد خلية تخابر قطرية إيرانية مشتركة داخل مكتب الرئيس اليمني. الخلية تمت زراعتها من قبل حزب الإصلاح وعملت على تسريب وثائق الرئاسة اليمنية للدوحة والتي ترسلها الى إيران. الأخواني عبدالله العليمي مدير مكتب هادي، يستعين بفريق خاص من الموظفين للحزب وسبق لهم تلقي دورات بدعم قطري. الخلية ترسل تقارير عن سير عمليات قوات التحالف وتحركات القوات الوطنية والمناطق التي تشدد فيها إجراءات التفتيش”.
مع ذلك لا يخشى الإصلاح كثيراً استهدافه من قبل الإمارات، المعروفة بعدائها للأخوان وكل ما يخشاه التحاق السعودية بأبوظبي وتخليها عنه. فلفظة “الخونجية” التي وردت على لسان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في مقابلته الأخيرة مع الـ «mbc» أثارت فزعهم وأتبع ذلك تغريدات لمدير مركز “إعتدال” لمحاربة التطرّف، الذي افتتحه العاهل السعودي والرئيس الأمريكي في مايو الماضي، حيث استهل مدير المركز ناصر البقمي، عمله بمهاجمة الأخوان المسلمين، وكتب في صفحته الرسمية على “تويتر”، أن “الأخوان المسلمين هم الحاضنة لكافة الجماعات الإرهابية”، و رأى أن “الإخوان المسلمين والسروريين يتفننون بإستخدام التقية لإخفاء توجهاتهم ومخادعة الناس”.
عودة المحضار الى عدن
ورداً على نهج الإمارات في إقصاء الإصلاح في الجنوب، أعاد الحزب وبتوجيهات من الرئيس هادي، لواء النخبة الذي يقوده بسام المحضار، من البقع الى عدن بكامل عتاده. المحضار رفيق مهران القباطي الذي أعاده الرئيس هادي من البقع قبل أشهر، وعيّنه قائداً للواء الرابع حماية رئاسية، لتقصيه الإمارات وتمنعه من العوده الى عدن.
وصل بسام المحضار، إلى عدن مساء السبت الماضي، وتبعته قوات النخبة التي يقودها، والتي اعترضها مسلحون موالون للإمارات في منطقة المراقشة بأبين.
و بحسب مصادر خاصة لـ”العربي”، فإن قوات النخبة كانت على متن 15 طقماً اشتبكت مع المسلحين الموالين للإمارات، ما أدّى إلى وقوع إصابات من الجانبين، لتواصل قوات المحضار طريقها الى عدن.
المصادر كشفت أن المحضار سيتولى قيادة الجماعات المسلحة الموالية لهادي والإصلاح في عدن، وأبدت مخاوفها من جولة صراع قادمة في المدينة.
صراع صامت
و في محافظة تعز استنفر الإصلاح فصائله المسلّحة في مواجهة كتائب أبو العباس السلفية المدعومة من الإمارات، والتي يقودها عادل عبده فارع.
مصادر موثوقه قالت لـ”العربي” إن المواجهات التي اندلعت مؤخراً في الجبهة الشرقية بمدينة تعز هدفها تعزيز نفوذ الفصائل الموالية للإصلاح التي أزاحت كتائب أبو العباس واحتكرت المعارك وأدارت الهجمات على القصر الجمهوري والتشريفات ومعسكر الأمن المركزي وتحصّلت على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر من مأرب.
و مع شكوى قياداتها، الحسين بن علي، وعدنان زريق، وصادق سرحان، وجميعهم يوالين الإصلاح، من تخلي “التحالف” عنهم وعدم تزويدهم بالمال والسلاح، وأن معركة “التحرير” في الجبهة الشرقية يخوضونها بإمكانيات متواضعة.
و في الجهة الجنوبية بتعز، كشفت مصادر لـ”العربي” عن توجيه قيادة حزب الإصلاح لفصائله المسلّحة بعمل حزام أمني لمنع إمدادات السلاح من الإمارات لكتائب أبو العباس.
و قالت المصادر إن مسلحي الإصلاح نصبوا العديد من نقاط التفتيش في مديريتي المعافر والتربة للتحكم في الإمدادات القادمة الى المناطق “المحررة” في المحافظة، مضيفة أن كل ذلك تفادياً لتكرار ماقامت به الإمارات في عدن.
مأرب والجوف
و كما يعمل الإصلاح على تعزيز حضوره في تعز، فقد أعاد الأسبوع الماضي تشكيل قوات الحزام الأمني حول مدينة مأرب بكتائب تم التأكد من ولاء ضباطها وجنودها للحزب.
و في محافظة الجوف تلتف القوى العسكرية الموالية للإصلاح خلف المحافظ أمين العكيمي وترفض تسليم لواء النصر الذي كان يقوده القيادي في “المقاومة” المسنود من الإمارات، يحي الحاسر، وتطالب بإخراجه مع كتائبه من مدينة الحزم مركز المحافظة الى المتون.
هذه الاحترازات التي يقوم بها الإصلاح، تبقى فاعليتها مع بقاء هادي والجنرال محسن في قمة هرم “الشرعية”، وكذا استمرار “تحالف” الحزب مع قطر والسعودية، أما في حال خسارته لأي من أعمدة نفوذه الثلاثه، فإنها قد لا تجدي نفعاً.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا