ملف تيران وصنافير تغيير حدود وليس ترسيمها .. ما وراء السعي الحثيث للحكومة المصرية لنقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
الاحقية التاريخية و الثبوتية و المؤيدات كلها تقول الحق او الاحقية في الجزيرتين كلاهما لمصر..
اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر و السعودية المعروفة باتفاقية تيران وصنافير هي اغرب قضية ترسيم حدود تتم بين دولتين على الاطلاق، لسبب بسيط هو ان هناك دولة تملك زخما كبيرا في مؤيدات ملكيتها للجزيرتين فوق قضية الثبوت على الارض بمقابل دولة لا تمتلك شيء يمثل مستمسكا لها بملكيتها او حتى علاقة لها بهما اكثر من المطالبة.
المنطقة بالكامل هي منطقة تشكلت جغرافيتها السياسية بعد رفع اليد العثمانية عنها، وهذا يعني ان مسألة الحدود السعودية المصرية هي مسألة ليست محل بحث قبل رفع اليد العثمانية عن المنطقة، كون الجغرافيا السياسية للمنطقة ككل بما فيها تيران وصنافير كانت داخله ضمن الامبراطورية العثمانية، أي ان كل من جغرافية مصر و جغرافية “السعودية” وغيرهما من دول المنطقة كانت جميعها داخله ضمن جغرافيا سياسية واحدة هي “الخلافة العثمانية”، ولم يكن هناك مجال لشيء اسمه تيران وصنافير مصريتان أو “سعوديتان”.
أخذت مسألة رفع اليد العثمانية من المنطقة مراحل متعددة بدأت بقرار عثماني – فرمان سلطاني – في العام 1941 م يمنح مصر حكم جغرافية مصر الحالية وصولا الى شمال الحجاز وتحديدا الى “قلعة الوجه” داخل عمق جغرافية المملكة العربية السعودية الحالية، أي انه وحتى هذه المرحلة كانت تيران وصنافير بل وخليج العقبة ككل و حتى اجزاء من الحجاز كان ضمن السلطة المصرية.
استمر تشكل الخارطة السياسية للمنطقة لتصل الجغرافيا السعودية و الجغرافيا المصرية الى ماهما عليه اليوم، فحق الحكم الذي منحته الامبراطورية العثمانية لمصر في جزء من الحجاز انتهى به المطاف لصالح السعودية (استعادته السلطة العثمانية) كونها الدولة التي قامت في الحجاز.
و من هذه اللحظة للجغرافيا السياسية للمنطقة يمكن (تصور) ان يثار حديث عن هل تيران وصنافير مصريتان او سعوديتان لاعتبار ان مصر قد خسرت حقها الاتفاقي مع العثمانيين على جزء من ارض الحجاز و لم تعد نقطة التماس هي “قلعة الوجه” وانما اصبحت نقطة التماس بين الجغرافيتين لمصر و السعودية هي المياه التي بينهما و التي توجد فيها تيران وصنافير (أي خليج العقبة و البحر الاحمر).
ما يمكن (تصوره) نظريا من اثارة مصرية او سعودية تيران وصنافير في لحظة تشكل خارطتي السعودية و مصر السياسيتين الحاليتين هو امر مختلف تماما على الواقع. فالدولة العثمانية بعد منح محمد على باشا حكم مصر وشمال الحجاز عادت للسعي لاستعادة ما منحته له لكن انتهاء بها هذا السعي لاستعادة دون سيناء و تيران وصنافير، أي ان الاستعادة العثمانية التي آلت فيما بعد للسعودية وقفت عند نقطة مصرية سيناء وتيران وصنافير.
كما ان لمصر بعد تلك المرحلة تاريخ طويل من الثبوت و التواجد و الادارة و القتال والتضحيات و الاتفاقات الدولية – بغض النظر عن موقفنا من الكيان الصهيوني – والمؤيدات الكثيرة المصرية و الدولية والاممية التي تؤكد مصرية الجزيرتين، بينما كانت السعودية ولا زالت حتى ما قبل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في العام 2016 م لا تمتلك اي مؤيدات لحقها في الجزيرتين ولا اكثر من مطالبات محدودة و غير فاعلة بسعودية الجزيرتين، بل ان هناك ما يؤيد دخول الجزيرتين في جغرافية مصر الحالية بتأييد و علم واعتراف و مباركة سعودية في خمسينيات القرن الماضي.
اثناء الفترة العثمانية لم يكن احد يهتم لتبعية تيران وصنافير فلم يكن هناك جغرافيات سياسية لا للسعودية و لا لمصر بشكلها الحالي تستدعي البحث في تبعية الجزيرتين لاي منهما، وببدء رفع اليد العثمانية دخلت الجزيرتان في جغرافية مصر السياسية التي منحت حق الحكم الى داخل الحجاز ولم تكن تيران وصنافير نقطتان حدوديتان او طرفيتان بالنسبة لمصر ابتداء حتى يمكن مناقشة تبعيتهما لغير مصر في هذه الفترة كذلك. و في فترة سعي الدولة العثمانية لاستعادة ما كانت قد نقلته لحكم مصر انتهاء سعيها دون تيران وصنافير.
و بالتشكل الكامل لخارطتي السعودية ومصر الحاليتين لا وجود للسعودية في الجزيرتين بشكل مطلق و مع ان مصر كانت حتى بداية الخمسينيات ليس لها علم مرفوع في الجزيرتين، إلا ان ذلك لا يضعف حقها في الجزيرتين لتلك السنوات القليلة لثلاثة اسباب.
الاول هو ان تيران وصنافير كانتا في العمق المصري تبعا للاتفاق مع العثمانيين الذي منح مصر حق الحكم الى داخل اراض الحجاز و لانتهاء سعي الاستعادة العثمانية بمصرية سيناء وتيران وصنافير رسميا وبحضور دولي في المسألة (الموقف البريطاني).
و الثاني ان المملكة السعودية لم تدعي ملكيتها للجزيرتين في تلك الفترة مطلقا بل ان رفع المصريين لعلمهم عليهما تم بعلم واعتراف ومباركة بل وتشجيع السعودية – و بمعنى لم يكن حينها اشكال حول تبعية الجزيرتان لمصر اساسا حتى لدى المملكة نفسها بل شجعت رفع العلم المصري عليهما ضمن التخوفات العربية من الاطماع الصهيونية.
و الثالث ان من كان يقتطع من الجغرافيا السياسية للاخر – بعد الاتفاق العثماني المصري 1941 م – هي الدولة العثمانية (حلت محلها فيما تم اقتطاعه، المملكة السعودية) و ليست مصر، وهذا الاقتطاع استمر حتى التنازع على سيناء قبل ان يحسم الامر بمصرية سيناء وجزيرتي تيران و صنافير.
و بعد ذلك كانت تيران وصنافير مصريتان في كل الوثائق و المحافل و الاتفاقات و الادارة و التسجيل و الشهرة و الحرب والسلام و في مختلف التفاصيل كانتا جزيرتين مصريتان.
أمام الصورة المرسومة في اذهاننا كعرب للمصري وحساسية مسألة الارض لديه و حجم “حب مصر” و “كله الا مصر” الطاغيان على المزاج المصري سيكون تعاطي الحكومة المصرية تجاه مسألة تيران وصنافير امر يصيب بالذهول و لايمكن تقبله انطلاقا من تصورنا للمزاج المصري في مسألة الارض على الاطلاق.
و المفارقة في الحق ايضا تصيب بالدهشة فبمقابل تراكم كبير لمؤيدات الحق المصري في الجزيرتين لا وجود لأي مؤيدات لهذا الحق باتجاه السعودية على الاطلاق واكثر من (مطالبات) متأخرة لا يوجد شيء.
و بعد الصورة المرسومة في الاذهان للمصري تجاه مسألة الارض و لتراكم المؤيدات للحق باتجاه مصر يأتي اسلوب ادارة الحكومة المصرية لملف تيران وصنافير ليصيب بالغرابة بل و بالريبة.
رغم كل الاستعراض اعلاه لوضع تيران وصنافير من الجغرافيات السياسية في المنطقة منذ العهد العثماني و حتى اليوم وهو وضع يقطع بمصريتهما مئة بالمئة في مختلف المراحل السياسية الا ان الجزيرتان بالفعل هما نقطتان طرفيتان بالنسبة للجغرافيا السياسية لجمهورية مصر العربية الحالية وقيام (تنازع) سعودي مصري حولهما هو امر يمكن تقبله كنزاع حدودي يقوم بين اي دولتين بينهما حدود مشتركة غير مسجلة وموثقة بشكل قانوني دولي واممي وفقا لبورتوكولات التسجيل الحديثة، فمع كل مصرية الجزيرتين الذي استعرضناه اعلاه الا انه لا يمكن ان نقول للسعودية ليس من حقك ان (تدعي) ملكية الجزيرتين فالادعاء حق للسعودية او لأي دولة كانت، لكن الغرابة هو تعامل الحكومة المصرية تجاه هذه المطالبة.
من حق السعودية ان (تدعي) نعم .. لكن من واجب مصر ان ترفض .. هكذا يقول المنطق، و يذهب الناس الى محاولة التفاهم و الوصول لحل واول ما سيتم هو النظر في مؤيدات الادعاء و كذا مؤيدات الرفض وبالطبع لا مؤيدات للادعاء بمقابل كم هائل من مؤيدات الرفض، كذلك اذا اصرت السعودية على موقفها مقابل الاصرار المصري (المفترض) بالرفض يذهب الناس الى طرف محايد ووصولا للمحكمة الدولية للنظر و الفصل في القضية، وهذا هو ما يقوله المنطق والذي يأخذ اقصى صور التشائم تجاه الموقف المصري و اقصى صور التفائل تجاه الموقف السعودي.
ما يحدث بخصوص جزيرتي تيران وصنافير هو امر ملفت للنظر للغاية، فالحكومة المصرية التي تمتلك كل تراكم مؤيدات الحق – بمقابل السعودية التي لا تمتلك شيء – هي نفسها تعمل لنقل الحق للسعودية هكذا بكل بساطة بل بكل لا منطق يذهب لدرجة القول (ليس هناك ما يؤيد ان تيران وصنافير كانتا مصريتان في يوم ما)..!! بل الغرابة اكثر فلو اهدرنا كل ما سبق الحديث عنه من تراكم الحق المصري في الجزيرتين وافترضنا بالفعل عدم امتلاك الحكومة المصرية اي شيء فذلك ايضا لا يخرجها من دائرة الموقف الغريب، لأنه في حالة الافتراض هذه، الحري بالحكومة المصرية هو ان تقول “لا يوجد ما يؤيد سعودية الجزيرتين”.
و هنا سيكون الموقف هو ان مصر لا مؤيدات لحقها – افتراضا بالطبع – و السعودية لم تقدم مؤيدات لحقها لكن تظل مصر هي المتواجدة على ارض الجزيرتين، أي بعد التجريد من الكم الهائل من المؤيدات لمصر تظل مصر متفوقة وصاحبة احقية بالثبوت و تظل مصر – حتى عند اسوء الافتراضات – هي الاحق بالجزيرتين.
ادارة ملف تيران وصنافير يتم باسلوب هادف لتغيير حدود و ليس لترسيمها
الاستعراض السابق يظل قرأتنا نحن للحق في الجزيرتين، و نظل نحن غير ذي اعتناء قانوني او رسمي في التقرير في مسألة الحق او الاحقية في الجزيرتين، لكن يظل لنا حق في الاعتناء بقراءة اسلوب التعامل تجاه المسألة – او اسلوب التقرير في الحق او الاحقية للجزيرتين – وما وراء ما نشاهده من تحول الحكومة المصرية من متمشكل مع السعودية كما هو المنطق الى متمشكل مع الداخل المصري ومناضل نضالا حثيثا لنقل السيادة على الجزيرتين للسعودية..؟!!
جزيرتا تيران وصنافير ليستا أي جزيرتين فيما يتعلق بالامن القومي العربي، واذا جردنا مسألة الحق لمصر او للسعودية من الحساسية العالية باعتبارهما دولتين عربيتين ومصر هي السعودية، و السعودية هي مصر كأشقاء و جيران وعرب ومسلمون الا ان وضع الجزيرتان ليس كذلك من ناحية العلاقة بالكيان الصهيوني.
السيادة على الجزيرتين هو امر له مترتبات قانونية تجاوز مصر و السعودية وتصل للكيان الصهيوني ومدى حضوره في منطقة خليج العقبة و مياه البحر الاحمر ككل.
و بالتالي فمسألة السيادة على الجزيرتين هي مسألة غاية في الخطورة على مصر و على السعودية و على العرب جميعا في ظل حالة العداء – او الاستعداء الصهيوني تجاه الجميع بمافيها دول التطبيع – الصهيوني العربي.
في يوم ما عندما تحارب العرب مع اسرائيل اغلقت مصر مضيق تيران في وجه الملاحة الصهيونية و هذا الامر قامت به باعتبار حقها في تيران وصنافير وبالتبعية حقها في المياه من الساحل المصري و حتى سواحل الجزيرتين.
هذا الامر ترتب عليه احتلال الكيان الصهيوني للجزيرتين، لأن الاغلاق مثل تهديدا كبير له، و انتهاء الامر باتفاق كامب ديفد الذي بموجبه توجد قوة دولية في الجزيرتين و تعهد مصري بعدم اغلاق مضيق تيران امام الملاحة الصهيونية وهو امر يمثل انتقاص من السيادة المصرية تجاه تيران وصنافير، و بالطبع ليس هو الانتقاص الوحيد، فهناك امر مماثل فيما يتعلق بسيناء (وبرغم سلبيته باعتباره انتقاص للسيادة الا انه شاهد اخر على مصرية الجزيرتان).
مع ان اتفاق كامب ديفد بين مصر و الكيان الصهيوني تم بموجبه انتقاص في السيادة المصرية على الجزيرتين الا انه لم يتمكن من ان ينتزع السيادة المصرية عليهما – وهذا الامر يؤيد الحق المصري في الجزيرتين او بعبارة اخرى كان الحق المصري في الجزيرتين قويا وواضحا واكيدا لدرجة عدم القدرة على مجاوزته رغم احتلال الكيان الصهيوني لهما و كلما حققه الكيان الصهيوني هو الحصول على “استثناء اتفاقي” بخصوص السيادة المصرية الكاملة على مياه مضيق تيران – لكن ما يراد الان هو انتزاع السيادة المصرية عن الجزيرتين لصالح السيادة السعودية.
انتقال السيادة في الجزرتين من مصر الى السعودية هو امر لايجب ان يدخل فيه بعد الاشقاء و العرب و المسلمين – بل المفترض العكس تماما فدخول هذه العوامل يفترض تاكيد السيادة المصرية على الجزيرتين – لأن هذا الانتقال سيترتب عليه وضع قانوني جديد للممرات المائية في تلك المنطقة و سيكون المستفيد الوحيد من ذلك ليست السعودية وليست مصر بل سيكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد.
انتقال السيادة على الجزيرتين للسعودية يعني ان يتحول الممر المائي بين الساحل المصري و بين سواحل الجزيرتين- التابع حاليا بشكل كامل لمصر – الى ثلاث اقسام اولها مياه اقليمية للسعودية تبعا لسيادتها على تيران وصنافير و الثاني مياة اقليمية لمصر تبعا لسيادتها على سيناء و الثالث بينهما وهو الجزء الاكبر سيصبح وبموجب القانون الدولي مياه دولية لن يكون لأي من السعودية او مصر اي حق فيه وسيكون حق دولي للجميع اول المستفيدين منه هو الكيان الصهيوني بالطبع الذي ليس له حتى الان اي حق في ممر الى البحر الاحمر.
ما يتم هو اهدار للحق المصري و الحق العربي ليس لصالح السعودية وانما لصالح الكيان الصهيوني الذي سيكون له حق في ممر مائي دولي محمي بموجب القانون الدولي يكون العالم اجمع معني بالدفاع عنه – في حال تسجيل اتفاقية الحدود البحرية السعودية المصرية لدى الامم المتحدة – بينما الان رغم كل الموامرات و الحروب و الاتفاقات مع الكيان الصهيوني يضل الحق في هذا الممر المائي حقا مصريا عربيا بالكامل.
الادارة المصرية هي حكومة كان للامارات دور في ايصالها للحكم و الامارات مع السعودية يتصدران مشهد المنطقة بأدوار سياسية وامنية وعسكرية مشبوهة، وعندما يروّج لتمرير هذه الاتفاقية بأن يتم نقل السيادة على الجزيرتين الى السعودية مع احتفاظ مصر بادارتها هو امر يعني ان السعودية لا تعنيها الجزيرتين سعوديتان كانتا ام مصريتان، وكلما هو مطلوب فقط كلام – اتفاقية – على ورق بالسيادة السعودية يتم تسجيله لدى الامم المتحدة ويترتب عليه فتح الممر الدولي لصالح الكيان الصهيوني، وبعد ذلك فلتذهب تيران وصنافير الى الجحيم.
و عندما تُهدر الحكومة المصرية كل مؤيدات حقها في الجزيرتين و تتحول الى الصراع مع قضائها ومجتمعها و تناضل من اجل نقل السيادة للسعودية التي لا تمتلك شيء بحقها فيهما فذلك يعني ان الامر ليس ترسيم حدود بين السعودية و مصر وانما هو صناعة حدود جديدة بينهما، وان الامر متفق عليه بين الادارة السعودية و الادارة المصرية تماما و هما يعرفان مايريدان الوصول اليه من نتيجة بعيدا عن مسألة الحق و الاحقية.
السؤال الآن هو هل ستنجح الحكومات السعودية و الاماراتية و المصرية في تمرير الاتفاقية التي وقعت بين مصر و السعودية في العام 2016 م وصوت عليها مجلس النواب المصري قبل ايام، و يوصلانها الى مرحلة التسجيل في الامم المتحدة – و كما هو منصوص في احد بنود هذه الاتفاقية – وبالتالي فرض حق للكيان الصهيوني في المياة المصرية العربية..؟!
هل بالفعل ستفعل الحكومات السعودية و الاماراتية و المصرية مالم يتمكن من فعله الكيان الصهيوني باتفاق كامب ديفد..؟! ، هل سيفعل “كبار العرب” بالأمن القومي العربي مالم يستطع فعله الكيان الصهيوني باحتلال الجزيرتين و سيناء معهما..؟! هل ستتحول مصر من دولة تمتلك كامل مياه مضيق تيران رغم تقييد سيادتها عليها الى دولة لا تمتلك الا جزء صغيرا من مياه هذا المضيق رغم كل ماتحوزه من مؤيدات حقها و من تضحيات دفعتها دفاع عن الجزيرتان..؟!! وهل سيظل الشعب و الجيش المصريان مدووشان “باختراع عبد العاطي الذي يحول الفيروسات الى صباع كفته” أم سيتنبهان لما يحاك لمصر و للعرب ككل و يكون لهما موقف تجاه اتفاقية تيران وصنافير و ليس لعداوة بالسعودية وانما لتبعات ذلك على الامن القومي العربي..؟!! أم ان الامر سيمر رغم كل خطورته على مصر التي ستفقد نشاط قناة السويس بقدر كبير فطالما بات هناك ممر دولي في خليج العقبة فسيستكمل بشق قناة منافسة مملوكة للكيان الصهيوني وحينها لن يكون الامر فقط خسارة مصر لجزيرتيها و لحقها في مضيق تيران وانما ستخسر نشاط قناتها كذلك.
كما ان سيناء ستعود معرضة للاخطار من قبل الكيان الصهيوني كما لم تكن منذ مابعد كامب ديفد لان الاتفاق المعترف بمصرية تيران وصنافير هو ذاته المعترف بمصرية سيناء ونقل الجزيرتان لمصر سيعني ان الكيان الصهيوني كان على حق في حروبه ضد مصر و الاتفاق لامحل له وستتخلى عن التزاماته تجاه مصر عندما تاتي مرحلة ذلك.
و رغم خطورته قوميا لفقدان العرب (الحق) في نقطة جغرافية حساسة و غاية في الاهمية فيما يتعلق بأي صراع او تنافس عربي صهيوني استخدمت في يوم ما ضمن الاسلحة الجغرافية في مواجهة عدائية الكيان الصهيوني تجاه الدول العربية المحيطة به، وكذلك التاثير على حقوق الدول العربية المحيطة بخليج العقبة سلبا التي ستفقد جميعها حقها في عربية مياة الخليج بشكل رسمي و قانوني هذه المرة، فهي لم تكن قد فقدته على الاقل جيولوجيا ففي ظل عدم صلاحية الممر المائي بين تيران وصنافير و الساحل السعودي للملاحة كان خليج العقبة مغلقا لصالح العرب، بل ان هذا الامر ايضا هو بحق البحر الاحمر ككل الذي في ظل عدم وجود ممر مائي دولي في مضيق تيران يعتبر غير مفيد للكيان الصهيوني، وهذا الامر سينتهي بموجب القانون الدولي في حال نقل السيادة للسعودية و ليس اتفاقيا كما هو وضعه حاليا.
بل وخطورة على السعودية ذاتها بانتقال التزامات كامب ديفد فيما يتعلق بالجزيرتين اليها تبعا لانتقال سيادتهما لها وسيكون هذا الانتقال للالتزامات دون حتى ان يكون هناك داعي لذلك. فالتزامات كامب ديفد مع مصر كانت مع استمرار الممر المائي مملوكا لمصر بينما السعودية ستتحمل التزامات كامب ديفيد، وقد اصبح جزء من الممر المائي مياه دولية لاحق لاحد حصرا فيه، وستتحمل السعودية تبعات اتفاق لصالح الكيان الصهيوني بالمجان فستتحمل جزء من نتيجة فرضت بقوة و بحرب بحق مصر لكن دون قوة او حرب على السعودية، كما سيضعها انتقال هذه الالتزامات في اول طريق (التطبيع) العلني و الرسمي مع الكيان الصهيوني ولابد ان يرتب عليه الكثير باتجاه التطبيع بين السعودية و بين الكيان الصهيوني مستقبلا ، كما ستفقد ميزة الانغلاق الطبيعي للمياة بين سواحلها و الجزيرتين امام الملاحة الصهيونية.
رغم كل ذلك الواضح ان الامر سيمر لسبب بات واضحا هو ان دفع الامارات باتجاه تمكين الحكومة المصرية الحالية من السلطة هو لهذا الهدف – على الاقل – وذلك ما يقوله ادائها المثير للريبة تجاه مسألة الجزيرتين، وكما يقول ذلك تصميم الاتفاقية الحدودية البحرية التي وقعتها الحكومة المصرية و السعودية و التي بدأت بترسيم الحدود بصورة غريبة تنص على البدء من نقطة مجهولة يتم الاتفاق عليها لاحقا..!! – بين مصر و السعودية و الاردن – ووصولا الى الجزيرتين وانتهاء الترسيم..!!
بشكل واضح ان المراد من كل هذا الحديث عن ترسيم الحدود هو نقل سيادة الجزيرتين ولا اهمية لحسم نقاط حدودية اخرى بينهما، وكذلك ما نص عليه الاتفاق (الزام) برفع هذه الاتفاقية للمصادقة عليها وتسجيلها في الامم المتحدة دون اعارة رأي الشعب المصري و مؤسساته المعنية اي اعتبار كان يجب ان يكون له حضور قبل الذهاب للامم المتحدة.
وبما ان الامر الان هو اتفاقية بين حكومتين تم توقيعها منهما و الحكومة المصرية تعمل لتمريرها بمختلف طرق الالتفاف على الداخل المصري و هي اتفاقية بات مصادقة من (مجلس النواب المصري) و الحكومتان ملتزمتان بموجب نص فيها بتسجيلها لدى الامم المتحدة فالامر تم اخراجه بصورة لابد وفقها ان تمر الاتفاقية، فالامر الآن حكومتان وقعتا اتفاقية بالتراضي و ما على الامم المتحدة الا تسجيلها و لنبارك للكيان الصهيوني بهذا النوع من الحكومات العربية المتفانية في خدمته على حساب مصالح بلدانها وشعوبها و قوميتها وامنها و مصالحها القطرية و القومية.. و مالم يكن للشارع المصري حراكا شعبيا يتمكن من فرض وقف الحكومة المصرية عن استكمال هذا المشوار الاثم فان “جهاز عبدالعاطي” سيتمكن من تحويل “فيروسي” تيران و صنافير الى “صباع كفتة”تتغذا عليه مصر و لنقل ان الامر قد مر و حسبنا الله ونعم الوكيل.
رئيس مركز الرصد الديمقراطي – اليمن
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا