أين أخطأنا..؟ (2)
يمنات
محمد ناصر البخيتي
تناولت في الجزء الأولى مشكلة فشل المكونات السياسية في إدارة مؤسسات الدولة واقترحت فكرة الاعتماد على الشخصيات التي ثبت نزاهتها وكفاءاتها بصرف النظر عن انتماءاتها السياسية والمناطقية كحل لمعالجة المشكلة. و في هذا الجزء سأركز على كيفية اختيار تلك الشخصيات المطلوبة ومعالجة بعض المشاكل الأخرى.
قبل الدخول في الموضوع أعيد التأكيد على ضرورة الفصل بين الملف العسكري والأمني المتعلق بمواجهة العدوان “والذي يجب أن يبقى بيد أنصار الله” وبين ملف إدارة مؤسسات الدولة الذي ينبغي ان يكون بيد الجميع.
أولا: آلية اختيار الكفاءات.
اكبر مشكلة تعاني منها مؤسسات الدولة على مدى عقود وحتى الآن هي أنها طارده للشرفاء وحاضنة للمتسلقين لذلك اقترح الآلية التالية لتصحيح هذا الخلل.
يتم تشكيل لجان استبيان للنزول الميداني لمؤسسات الدولة, ويعطى كل موظف بطاقة يكتب فيها اسمه ومن ثم أسماء عدد معين من أنزه وأكفاء مدراء العموم أو الضباط أو القضاة الذين مروا على مؤسسته, بالإضافة إلى استبيان موازي في أوساط المجتمع مع إتاحة المجال لأبناء المدن والإحياء لتزكية من يرونه مناسبا. بعد ذلك تطبق على من نالوا ثقة المجتمع بقية المعايير مثل مستوى الدرجة العلمية, عدد سنوات الخدمة وغيرها, واستثناء كل من ثبت عليهم جريمة فساد مالي كبير أو أيدوا العدوان. بعد ذلك يتم تكليفهم في الوظائف التي تتناسب مع مؤهلاتهم وتخصصاتهم ودرجة ثقة المجتمع بهم ومنحهم كافة الصلاحيات للاستفادة منهم في الجوانب التالية:
– تعيين عدد منهم في المناصب الحساسة أو الشاغرة وفي مكان من ثبت فشلهم وتفرطيهم أو تورطهم في قضايا فساد.
– إدارة الرقابة الداخلية لمؤسسات الدولة.
– وضع مشاريع لتطوير آليات عمل مؤسسات الدولة للقضاء على الروتين المعطل الذي يهدر الوقت والمال.
يتولى تنفيذ هذه المهمة المجلس السياسي الأعلى وإذا لم يتفاعل حزب المؤتمر يقوم أنصار الله بتحمل مسئولية تنفيذها بصفتهم سلطة الأمر الواقع وبصفتهم المسئولين في نظر المجتمع عن أي فشل أو تجاوزات. وتشمل التغييرات مختلف المناصب الحكومية عدى الوزراء حتى يحين وقت تشكيل حكومة جديدة وفق معايير صحيحة وتستوعب جميع المكونات.
ثانيا: تساوي الفرص.
يصدر المجلس السياسي الأعلى قرارا يلزم كل مؤسسات الدولة بإخضاع عملية القبول في الجامعات والكليات والتوظيف والمعاملات والترقيات لضوابط ومعايير صارمة بعيدا عن الوساطة والمحسوبية والقرابة والمصالح الذاتية, بحيث يشعر المواطن بأن الدولة توفر فرص متساوية للجميع بصرف النظر عن الانتماءات السياسية والمناطقية ومعاقبة كل من يخالف ذلك القرار.
ثالثا: تطوير آليات عمل مؤسسات الدولة.
آليات العمل في مؤسسات الدولة قديمة وتحتاج لتطوير من حيث الحد من الروتين وإزالة تعارض السلطات وتخفيف المركزية وإدخال النظم الإدارية والتقنية الحديثة حتى يتمكن المواطن من أتمام معاملته في زمن ومكان واحد. وآلية اختيار الكفاءات ستساعد في اختيار الأفراد المناسبين لهذه المهمة.
رابعا: تفعيل دور الرقابة.
إصلاح الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وفق الآليات المقترحة سابقا بالإضافة إلى اعتماد آلية الرقابة الوقائية لردع العاملين عبر اختبار أداءهم وأمانتهم بشكل سري ومفاجئ مثل:
• إرسال مراقبين لإنجاز بعض المعاملات الرسمية لرصد أي عرقلة تستهدف الحصول على رشوة, أو عرض الرشوة لانجاز معاملة غير مشروعة يترتب عليها إضرار بالآخرين.
• إرسال مراقبين كمتخاصمين للجهات الأمنية والقضائية لرصد أي ميل نحو طلب الرشوة وتوثيق واقعة استلامها إن أمكن.
• إرسال مراقبين سريين لمرافقة من يتعرضون للابتزاز المالي من قبل بعض المشرفين أو الموظفين وتوثيق تسليم أي مبالغ.
• عرض الرشوة على العاملين في النقاط الأمنية لتجاوز التفتيش أو لتجنب دفع الجمارك أو لتمرير ممنوعات.
• إرسال مراقبين لتقديم شكاوي و بلاغات مختلقة لقياس مدى تفاعل الجهات المختصة وقدرتها على التصرف بالشكل الصحيح والقانوني.
إن عملية بناء نموذج وطني في أدارة مؤسسات الدولة أمر سهل وفي متناول الجميع إذا ما توفرت الإرادة اللازمة ويكفي ان يتم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وتفعيل دور الرقابة وتحقيق مبدأ تساوي الفرص. والحرب ليست حرب سلاح فقط وإنما حرب نماذج أيضا. ولو قدر لأنصار الله انتهاز فرصة ثورة 2014 لبناء نموذج وطني في إدارة مؤسسات الدولة لألتف الشعب حولهم كما التف حول ابراهيم الحمدي ولحسمنا المعركة العسكرية مع العدوان الخارجي منذ مدة طويلة. ولو لا أن خصومنا أسوأ منا فيما يتعلق بإدارة شئون الدولة لتمكنوا من حسم المعركة ضدنا منذ زمن نظرا لما يتمتعوا به من دعم خارجي وإمكانيات مالية وعسكرية هائلة. لذلك لا يقول لي احد هذا ليس وقت أصلاح مؤسسات الدولة من اجل أن نتفرغ لمواجهة العدوان لأن اصلاح مؤسسات الدولة هو نصف المعركة لصد العدوان.
أن آلية اختيار الكفاءات ستسمح باستيعاب أفضل الكوادر من كل المكونات السياسية ومن اجل تعزيز الشراكة اكثر اقترح نقل السلطة على المستوى المحلي للأحزاب السياسية. وإذا رفض أي حزب اختيار من يمثله بشكل رسمي فسنجد شخصيات من نفس الحزب ترغب في المشاركة. على أن تمثل المكونات الكبيرة مثل انصار الله والمؤتمر والإصلاح بعضوين وبقية الاحزاب الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية زائد حزب اللأمة بعضو واحد.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا