توقف معارك الساحل الغربي بسبب الخلاف السعودي الإماراتي .. وقطر طلبت من «الإصلاحيين» عرقلة «الحسم العسكري»
يمنات – صنعاء
منذ اندلاع الحرب في اليمن ظلت المعارك العسكرية في الجبهات بين التصعيد والتراجع، والكر والفر، فما إن تشتعل جبهة جديدة، وترافقها تصريحات حكومية من الأطراف، حتى تخمد وتنتقل الحرب إلى محافظة أخرى.
اليوم، وبعد التصريحات التي أطلقتها حكومة عبد ربه منصور هادي حول تحرير مدينة الحديدة وبقية الساحل الغربي، بعد الانتصارات النسبية التي حققتها القوات الموالية لهادي و«المقاومة الجنوبية» في باب المندب ومدينة المخا، والاتجاه صوب محافظة الحديدة، يتساءل كثير من المراقبين حول دوافع مراوحة معارك الساحل الغربي مكانها بعد التحريك الضخم الذي بذل لهذه الجبهة؟ وهل أثرت الأزمة الخليجية على مسار الأزمة اليمنية؟ وما السبب في تحوّل سير المعارك من مناطق الساحل إلى الداخل كمحافظة تعز بصورة مفاجئة؟
تظهر المؤشرات أن لا تواجد لرؤية عسكرية متكاملة في إطار «التحالف» تفسر ما يجري ميدانياً، وإن تعدت ذلك فإنها تأتي في سياق المواقف المرتجلة.
الخبير الاستراتيجي والعسكري، علي الذهب، رجح في حديثه لموقع «العربي»، أن السبب في توقف معارك الساحل الغربي وتوقف الاشتباكات في محيط معسكر «خالد بن الوليد» يكمن في الخلاف السعودي الإماراتي مع قطر، لا سيما أن جبهة الساحل الغربي تضطلع بها الإمارات بشكل رئيس، وبالتالي «كان أمام الحوثيين وحليفهم صالح فرصة لحشد طاقاتهم في اتجاه مدينة تعز، التي تمثل معضلة الحرب للطرفين خلال السنتين الماضيتين»، حد قوله.
وهو الأمر الذي أكدته المصادر العسكرية والميدانية في الساحل الغربي في حديثها إلى «العربي» عن أن المعارك «متوقفة منذ بداية شهر رمضان، خصوصاً في محيط معسكر خالد بن الوليد الذي كان شبه ساقط بيد الجيش الوطني».
وتؤكد مصادر أن قطر طلبت من «الإصلاحيين» الذين يقاتلون في عدة جبهات شمالي اليمن، عرقلة «الحسم العسكري» وعدم خوض أي قتال حقيقي على الأرض، وهو ما نفاه أحد قياديي «المقاومة» والقوات الموالية لهادي، وعزاه إلى «الحملة الإعلامية التي تشنها دول خليجية على قطر».
إذ إن المعارك، في الساحل الغربي خصوصاً، انطلقت «بهوية جنوبية مدعومة إماراتياً، أو بالأحرى ضمن مخطط بسط نفوذها ومسلسل الهيمنة الذي تأخذ به أبوظبي، التي لها حساباتها الخاصة في المعركة اليمنية المستخدمة من قبلها كورقة ابتزاز سياسية، كما لو أنها تريد إبقاء المعركة مفتوحة في الساحل الغربي حتى ترتب مخططها الكارثي بحق مدينة تعز، والمتمثل بفصل المحافظة عن المجال البحري من خلال طوق باب المندب و المخا».
لكن المعطيات تؤكد أن قطع العلاقات مع دولة قطر أمرٌ له تأثير مباشر على قوات «التحالف العربي» في الحرب اليمنية، لأنه، حسب مراقبين، أغلب القيادات العسكرية التي تقاتل في صف «التحالف» بالداخل اليمني تنتمي لـ«حزب الإصلاح» (الإخواني). فمراوحة المعارك في مكانها، وخاصة معارك الساحل، يعدها المحلل السياسي نبيل البكيري، على أنها «انعكاس طبيعي وسلبي لعمق الأزمة الخليجية التي رمت بظلالها على الحرب في اليمن، فاستمرار تضارب أجندات التحالف تدفع باتجاه مراوحة المعارك مكانها وعدم تحقيق أهدافها».
مصادر أخرى، معارضة للدور الإماراتي، ترجح أن تكون الحرب في اليمن قد وضعت على سكة النهاية «عبر تسوية من خارج المرجعيات الأساسية للحل (وفق رؤية هذه المصادر)، حسب المعطيات، خصوصاً وأن الإمارات بدأت بتوجيه الجزء الأكبر من خططها العسكرية في اليمن لإتمام الثورة المضادة التي جاءت لأجلها في اليمن حد قول مراقبين».
ياسين التميمي، المحلل السياسي، يشير في حديث إلى «العربي» إلى أن هناك مؤشرات قوية «تؤيد حقيقة أن الحرب الدائرة في اليمن لها علاقة مباشرة في استفحال الأزمة الخليجية، كما أن التحالف أو ما بقي منه يغامر في طعن حلفائه بنسل الغدر المسمومة، ولأن لهذا السلوك تداعياته الخطيرة، فإن جزءاً من الترتيبات الاحترازية اتجهت نحو تحييد دور قطر عبر شيطنتها وحصارها والتصعيد العدائي غير المسبوق معها».