سنضحك كثيراً أيها الدُّمَّل المُتقّيح في عنق الوطن
يمنات
حسن عبد الوارث
للسنة الثالثة على التوالي ، لم ألبس ثياباً جديدة ، لا في الأعياد ولا في سواها من الأيام .
لكنني أدري أن أياماً ستأتي – قريباً قريباً قريباً – سألبس فيها كل يوم ثياباً جديدة .
وليس الثياب فقط ستكون جديدة .
سأُغنّي كل يوم لحناً جديداً .. سأكتب قصيدة جديدة .. وسأبتكر كل يوم طريقة جديدة في التقبيل .
سأُعيد قراءة نصوص كازنتزاكيس كلها .. كل أشعار أراجون ، بما فيها تلك المُلفَّقة باسمه .. وجميع مسرحيات أبسن ، حتى التافهة منها .. قد أختزل أعمال جول فيرن ليلقى فيها الفتيان متعة جزلة .. وربما أترجم القرآن الى اللغة الأكادية ، من يدري !
*
أعرف أن ما تبقَّى من العمر أقل من فترة اقتران اليزابيث تايلور برجالها ، وأسرع من لحظة تزاوج ثور الحاج سعدان بأبقار عجايز قريته .. لكنني سأعيش هذا المُتبقِّي من العمر بالكثير من الصخب ، والكثير من التشظّي ، والكثير من التوهُّج المُضيء والتدفُّق اللامتناهي .
*
غداً سيأتي للمرة البليون وأكثر ..
لكنه سيأتي – هذه المرة – مُغايراً لمألوفه .
غدي هو الآتي كما لم يأت ِ منذ أن أبتكر الله الغد ، حين وعد آدم بحواء ، ووعد حواء بولدها ، ووعد ولدها بالذهاب الى بقعة سوداء ليواري سوأة أخيه بِهَدْيٍ من غراب كان ينعق على صخرة ناتئة في شاطىء عدن .
ولهذا ، جاء ” غداً ” على وزن ” عدن ” !
غداً .. سنضحك كثيراً أيها الدُّمَّل المُتقّيح في عنق الوطن .
غداً … غداً … غداً .