إختيار المحررالعرض في الرئيسةحوارات

حاشد: المبادرة لم تُطبخ في مجلس النواب وأغلب الظن أنها طُبِخت من قبل بعض الساسة والجيران والخبراء “الوسطاء”

يمنات

استحوذت مبادَرةُ مجلس النواب المُثيرة للجدَل على النقاشات السياسية والإعلامية خلال الأيام الماضية، وأخذت المواقفَ منحنىً تصاعدياً رافضاً للمبادرة، ابتداء بأحزاب اللقاء المشترك المناهضة للعدوان والأحزاب اليمنية الوطنية الأخرى، مروراً بإعلان الكتلة الوزارية لأنصار الله رفْضَ المبادرة جملة وتفصيلاً.

وقبل كُلّ ذلك، كان النائب المستقل أحمد سيف حاشد في طليعة الرافضين للمبادرة، سواء باعتباره نائباً داخل المجلس، أَوْ كسياسي يمني رافض للعدوان، والذي بدوره لم يكتفِ برفض المبادرة والتحذير من خطورتها، بل كشف أنه جرى تمريرها داخل المجلس بطريقة غير قانونية، وهو ما دفع صحيفة “صدى المسيرة” للالتقاء به والحصول على مزيدٍ من التفاصيل حول الجدَل القائم وإطلاع الرأي العام على تلك التفاصيل.

أجرى الحوار/ إبراهيم السراجي

– من خلال مواقفكم وتصريحكم بأن مبادرة مجلس النواب لم تخضع للمناقشة وطُرحت في أول يوم من انعقاد الدورة الجديدة.. كيف تفسرون ذلك؟

وردت في جدول الأعمال قرابة العشرَة مواضيع، ولكن أعتقد أن موضوع المبادرة هو السبب الأهم، بل السبب الوحيد للدعوة لانعقاد دورة المجلس، ويبدو أن أطرافاً سياسيةً أناطت برئيس المجلس يحيى الراعي ونائبه عَبدالسلام هشول، مهمة تمرير هذه المبادرة بأي شكل من الأشكال.

كان يُفترَضُ أن يتم طرح فكرة المبادرة على المجلس في داخل القاعة، ثم يتم تشكيل لجنة من أعضاء المجلس لإعداد مشروع المبادرة ورفعها إلى رئاسَة المجلس ثم تقوم رئاسة المجلس بإنزالها للقاعة وتوزيعها وقراءتها على الأعضاء ومناقشتها وإغنائها بالتعديل والإضافة.. ثم يتم التصويتُ عليها وإقرارها أَوْ رفضها.. كُلُّ هذا لم يتم في المجلس غير القراءة والتصويت.. هذا الخرق الجازع يخالف لائحة المجلس بل والتقاليد والأعراف البرلمانية في العالم كله.

وما حدث هو بالانتهاء من قراءة المبادرة في القاعة حتى باشر رئيسُ المجلس بطلب التصويت، فرفع البعضُ أيديَهم بالموافقة، وصاح عضو في مؤخّرة المجلس موافقين بالإجماع، وعندما صرختُ معترضاً بالقول: لا يوجد إجماع.. عاجل الراعي كعادته من على المنصة بالقول: تمت الموافقة رفعت الجلسة.. هكذا تمر الأمور المهمة في المجلس عندما يسند للراعي أَوْ لهيئة الرئاسة أمر ترغب السلطات خارج المجلس في تمريره عبر المجلس.. وهكذا يتم تمرير رغبة الساسة في شرعنة كثير من صفقات الفساد والقروض والاتفاقيات وترسيم الحدود.. والخيانات أيضا.

طلبت في اليوم الثاني حالما كان نائبُ رئيس المجلس عَبدالسلام هشول يديرُ الجلسة، تصحيحَ الإجراءات وإعادة المداولة والتصويت بالاسم على المبادرة، ولكن تفاجأت بتجاهل الطلب من قبل هشول، وهو بحسب علمي يمثّل أنصار الله في هيئة الرئاسة.. كما أكّدت في الجلسة نفسها أنني ضد هذه المبادرة واحتجيت على إجراءات إقرارها.

هذه المبادرة مررت في المجلس دون نقاش ودون السماح لنا بالاعتراض وبالمخالفة مع اللائحة ولم يتم تمكين أي عضو من أعضاء مجلس النواب نسخة منها حتى اليوم، بل وَاحتج ناصر باجيل أحد أعضاء هيئة رئاسة المجلس لعدم حصوله على نسخه منها.. كُلّ هذا تم بقصد وتعمد؛ بغرض تمرير المبادرة دون كشف مخاطرها وما يترتب عليها من استحقاقات فادحة على الوطن.

– هل تعتقد أن المبادرة جاءت من داخل المجلس أم من خارجه؟

المبادرة جاءت من المطبخ مباشرة إلى مجلس النواب عبر رئيس المجلس يحيى الراعي ونائبه عَبدالسلام هشول.

عدم حصول نائب رئيس المجلس ناصر باجيل على نسخة من المبادرة رغم حضوره الجلسة يعني أن الأمر لم يتداول في هيئة رئاسة المجلس، وهو ما يعني الكثير ولا سيما في أمر بهذه الدرجة من الأهمية.

نسخة وحيدة من مبادرة المجلس كانت بمعية رئيس المجلس يحيي الراعي واختفت بعد قراءتها ولم نحصل على نسخة منها ولم يتم إيداع أية نسخة عند السكرتارية عند قراءتها، وهو عمل غير مسبوق في المجلس في أمر على هذا القدر من المستوى والأهمية.

كما أن إصرارَ رئيس المجلس ونائبَه على عدم إثبات خرمنا للإجماع ورفضهما إثبات رفضنا للمبادرة ابتداء في المحضر يشي إلى أنهم يريدون تقديمَ أَوْ تسويق المبادرة تحت عنوان الإجماع.

مبادرة مجلس النواب لم تطبخ في قاعته، ولا حتى في مقرات لجانه، ولكن تم طبخها -أغلب الظن- من قبل بعض الساسة والجيران والخبراء “الوسطاء” وربما بمشاركة بعض دول العدوان أيضاً؛ لأن استحقاقاتها للغير وتنازلاتها فادحة وكارثية على الوطن.

– هل من اختصاص المجلس إطلاق هذا النوع من المبادرات؟

المجلسُ اختصاصُه تشريعي ورقابي.. لا أعتقد أن مجلسَ النواب لديه الصلاحية والاختصاص بإطلاق هكذا مبادرات يترتب عليها استحقاقات والتزامات سيادية..

ما حدث هو أن أطرافاً سياسية أرادت رفع الحرج عن نفسها وتوريط المجلس بدلاً عنها حتى تتحلل من أية مسؤولية تجاه شعبنا وتحميله.

نعم هناك طرف أَوْ أطراف سياسية أرادت التخفي بالمجلس واستخدامه لتمرير التنازلات المفرطة والمهينة لليمن وهدر أية استحقاقات أَوْ تبعات قانونية للشعب يمكن أن تترتب حالياً أَوْ لاحقاً على العدوان أَوْ حتى على الأطراف المتحاربة..

مبادرة من هذا النوع، فوق تفريطها بحقوق شعبنا، خاليةٌ من الضمانات ولا تجيب على الأسئلة وقابلة فوق نقصها للانتقاص وتخاطِرُ وتجازف بمصالح شعبنا نحو المجهول؛ ولأنها كذلك وجدنا الأطراف السياسية التي تقفُ متخفيةً وراء مجلس النواب؛ بغرض التنصُّل من المسؤولية التأريخية والتفريط العريض بحق الشعب والوطن.

– ما هي أسباب رفضكم للمبادرة؟

المبادرة تناولت جزءً من المشكلة ولم تتناول جذر المشكلة..
المبادرة تفرض الوصايةَ على اليمن وتطلق الحبالَ على الغارب ولا تقضي على الأسباب التي أدَّت إلى الحرب..

المبادَرَةُ تخلّي سبيل دول العدوان من أيَّة مسؤولية أَوْ تبعات قانونية وتجعَلُ الحربَ يمنية يمنية وكذا آثارها وتبعاتها.. لا جرائمَ حرب ولا تعويض ولا إعمار ولا جبر ضرر ولا مسؤوليات ولا تبعات يمكن أن تطال دول العدوان.

المبادرة تعيد إنتاج المخلفات المهترئة والمتسببة في الحرب والدمار والخراب وقتل شعبنا، إلى سدة الحكم مرة أخرى عن طريق المحاصصة وعفا الله على ما سلف..

المبادرة تسلّمنا وتسلّم شعبنا واليمن إلى الأمم المتحدة الوسيط الذي تحول إلى طرف منحاز لدول العدوان ولطالما لعب دوراً في إطالة الحرب وتواطأ مع قتلة الأطفال والمدنيين من أبناء شعبنا، وخضَعَ لمصالح وسياسات الدول الكبرى دائمة العضوية ودول العدوان الراشية.. طرف فاسد وغير نزيه ولا زال فساد “النفط مقابل الغذاء” في العراق عالقاً في الذاكرة.

كان على الأطراف المحلية إن كانت تبحَثُ عن حل أن يتضمنَ رحيلَ الصف القيادي الأول المتسبب في الحرب وليس تحصينهم وإعادتهم لسدة الحكم.. كان يجب أن تبنى المصالَحة على الرحيل السياسي لمن تسبب في دمار اليمن ونكبة الشعب وإسناد القيادة لغيرهم ممَّن لم يرتهنوا ولم تتلوث أيديهم في الدماء والفساد..

كان على الأطراف المحلية أن تبحَثَ في حل لتحييد البنك في ظل إدارة تكنقراط وتحييد المجتمع عن الصراع..

كانت هناك حلول كثيرة ممكنة لإيجاد مصالحة تدوم ولا تعيد انتاجَ الشخوص والنفايات مرة أخرى لسدة الحكم.

كم نسبة الرافضين للمبادرة داخل المجلس؟

الموضوع لا يتعلق بالنسبة، ولكن يتعلق بالمبدأ ابتداء وقواعد الدستور والقانون والسيادة الوطنية ولا يعتد بنَسبة في مثل هكذا قضايا مصيرية غير قابلة للتفريط.

نحن نتخذ موافقنا وقراراتنا من قناعاتنا ومبادئنا وما نره صحيحاً ولدينا القدرة والجرأة على إعلان هذه المواقف لشعبنا التي نعتبرُها من مسؤولياتنا ومهمتنا الأساسية كمواطنين أَوْ كأعضاء في المجلس أَوْ ناشطين سياسيين..

– كيف تنظرون لإحالتكم للتحقيق بسبب مواقفكم تجاه المبادرة؟

لا أهتم ولا أكترث طالما أنني مقتنعٌ بالقضية التي أحملُها، لقد قلتها صارخاً في قاعة المجلس: متى كانت لديّ حصانة.. أنا ما تهمنيش الحصانة.. أنا أريد أن أموت.. كنت أقصُدُ أن مَن سقفُه الموتُ لا يعبأ بما دونه طالما كانت القضية التي يحملها تستحق التضحية.. ليست هذه المرة الأولى التي يحيلني المجلس للجنة الدستورية للتحقيق تمهيداً لرفع الحصانة والمحاكمة بل هي الثالثة.. ومهما كانت التعسفات بحقنا فلن تمنعنا عن قول الحقيقة ولن تحول دون تحمل مسؤولياتنا الأخلاقية والقانونية والوطنية أمام الشعب والأجيال القادمة.

المصدر: صحيفة صدى المسيرة

زر الذهاب إلى الأعلى