حديث أمريكي عن “صفقةٍ كبيرة” لتسوية الأزمة اليمنيّة .. لماذا الآن..؟ وهل هي تسريبات..؟ ومن يقف خَلفها..؟
يمنات
الجَبهة اليمنيّة تبدو أكثر هُدوءًا هذه الأيام من أي وقت مَضى، وباستثناء أنباء انتشار وباء الكُوليرا، وإطلاق صواريخ باليستيّة بين الحين والآخر، باتجاه أهدافٍ عَسكرية في العُمق السعودي، واشتباكات مُتقطّعة وروتينيّة على الحُدود السعوديّة اليمنيّة، فإن هناك حالة من الجُمود خاصّةً على صعيد العمليّة السياسيّة التفاوضيّة.
الأمر الوحيد المُؤكّد في اعتقادنا أن التحالف العربي الذي تَقوده المملكة العربية السعوديّة، وتَقصف “طائرات حَزمه” اليمن بصورةٍ شِبه عَشوائيّة، فشل فشلاً ذريعًا في حَسم الحرب لصالحه بعد إشعال فتيلها منذ عامين ونصف العام، وباتت هذه الحرب تُشكّل عِبئًا ماليًّا وبشريًّا وسياسيًّا على كاهل هذا الحِلف ودُوله.
موقع “جست سيكيورتي” الأمريكي فاجأ الجميع، ونحن من بينهم، بالحديث عن صفقةٍ وصفها بالكبيرة، يتم وَضع رتوشها النهائيّة وسط تكتّم شديد بإيعاز سعودي لإنهاء الحرب الدمويّة في اليمن، في غُضون الأشهر القليلة المُقبلة.
الموقع أعطى بعض التفاصيل عن هذه الصفقة عندما كَشف عن اجتماع جرى عَقده بين مسؤولين إماراتيين وسُعوديين مع مُمثّلين من الجناحين، الأول المُؤيّد للرئيس عبد ربه منصور هادي، والثاني، لجناح حزب المؤتمر، الذي يتزعّمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تمخّض عن اتفاق بتولّي السيد خالد بحاح رئاسة الوزراء لفترة انتقاليّة يتولّى بعدها رئاسة الجمهورية، ويكون السيد أحمد علي عبد الله صالح وزيرًا للدّفاع، في إطار تحالفٍ جديد.
صحيفتنا “رأي اليوم” اتصلت بقيادي كبير في حزب المؤتمر، رفض ذكر اسمه، حول هذه الصفقة، فأكّد لنا أنه لا صحّة مُطلقًا لحدوث هذا اللّقاء لسببٍ بسيطٍ وهو أن حزب المؤتمر لا يمكن أن يدخل في مُفاوضات حول صفقة بدون مُشاركة “أنصار الله” الحوثيين، وأن مثل هذه التسريبات مشروع فتنة لخلق خلافات بين الجانبين.
المسؤول نفسه اعترف بحُدوث لقاءات بين مُمثّلين عن حزب المؤتمر، وآخرين من دولة الإمارات، لكن لم تتمخّض عنها أي اتفاقات، وقال أن اللقاءات مع السعوديين لم تَحدُث مُطلقًا.
المَبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ عاد إلى المنطقة في زيارة قصيرة بعد انقطاعٍ طويلٍ نتيجة وصول جُهوده إلى حائط مسدود، ومُطالبة بعض الأطراف، والتيّار الحوثي خاصّة، بإنهاء مُهمّته، ووضع “فيتو” على أي لقاء معه بتُهمة انحيازه للطرف السعودي، مما يعني أن العمليّة السلميّة الأمميّة لإنهاء الحرب لفظت أنفاسها، أو في العناية المُركّزة في أفضل الأحوال.
التطوّر الأهم، هو مُحاولة الرئيس هادي عَقد اجتماع للبرلمان اليمني في عدن، ويقوم باتصالات مُكثّفة مع النواب لتحقيق النصاب القانوني، أي اجتماع العدد الكافي من الأعضاء للحُصول على شرعيّة برلمانيّة، ولكن هذه الجُهود لم تُحقّق أي نجاح حتى الآن بسبب رفض العديد من النواب المُشاركة، رغم الإغراءات الماليّة الضخمة التي عرضت عليهم، حسب ما ذكرت مصادر يمنيّة.
القيادة السعوديّة التي بدأت تنفتح على قادة الطائفة والأحزاب الشيعيّة في العراق، وهي التي كانت تصفهم بالروافض والمَجوس والصفويين حتى أشهر معدودة، تُريد من خلال هذا الانفتاح التمهيد لفتح أبواب الاتصال مع “أنصار الله”، وإيجاد مخارج لها من وضعها المُتأزّم في الحرب اليمنيّة، ولكنّها تريد تسوية دون الاعتراف ببدء الحرب وكل ما ترتّب عليها من خسائر ماديّة وبشريّة، وتقديم التعويضات الماليّة المُستحقّة.
لا نعتقد أن هناك حلاًّ قريبًا للأزمة اليمنيّة، سواء عبر الوسيط الأُممي، أو الاجتماعات السريّة، ولذلك سيستمر إطلاق الصواريخ الباليستيّة، والتوغّل الحوثي في مناطق الجنوب السعودي، وتَصاعد فاتورة الحرب لدول “عاصفة الحزم”.
افتتاحية رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا