كاتب امريكي: رهان السعودية على صالح للخروج من «مستنقع» الحرب في اليمن غير مجد
يمنات – صنعاء
إعتبر الكاتب الأمريكي بروس ريدل، أن المملكة العربية السعودية تأمل في كسر تحالف الحوثي – صالح كونه يفسح المجال أمامها للخروج من «مستنقع» الحرب في اليمن، التي طال أمدها، بعدما بدأت تتكشف ملامح تلك الحرب كـ«استراتيجية غير مجدية» في أعين واشنطن. وزاد الكاتب أن انقسامات قوى صنعاء التي بقيت كامنة طوال الأشهر الماضية، قبل أن تظهر على السطح أخيراً، أعطت السعودية، أسوة بجزء من فريق إدارة دونالد ترامب، حافزاً للرهان على اقتتال ائتلاف «التمرد» في صنعاء.
وبعد استعراض أبرز محطات الصراع بين «الحوثيين» والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ذكر ريدل أن تقارب الطرفين في العام 2015 يعود إلى رغبة مشتركة في الإطاحة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعوم من الرياض، التي يربطها تاريخ طويل من النزاع مع الرئيس اليمني السابق منذ ستينيات القرن الماضي. فـ«الحاكم المستبد» لليمن على مدى عقود وقف في تلك الحقبة إلى جانب «الجمهوريين» المدعومين من مصر، في صراعهم مع أنصار «الملكية» المدعومين من السعودية، كما أنه أيد نظام صدام حسين في غزو الكويت، وأسقط «مخططات انفصال الجنوب» عن الشمال اليمني، ما شكل «إهانة» للرياض، وترك شعوراً بـ«المرارة» لدى حكامها منذ ذلك الحين.
ومن منظور ريدل، فإن تحالف الحوثي – صالح هو أقرب إلى أن يكون «شراكة حذرة»، إذ حاول صالح منذ تدشين تحالفه مع «الحوثيين» إبقاء الخيارات مفتوحة أمامه، عبر استخدام ورقة ابنه أحمد علي عبد الله صالح، المقرب من السلطات الإماراتية، مراهناً في ذلك على استغلال التباينات المعتملة داخل «التحالف» السعودي، بين أبو ظبي والرياض، ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ومع الإشارة إلى الأنباء المتواترة بشأن اتساع رقعة الخلاف بين «الحوثيين» وصالح، وصعوبة التكهن بإمكان احتوائه، أوضح الكاتب أن صنعاء منقسمة اليوم بين مقاتلي الجماعة وأنصار حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وإن كانت كفة السيطرة الميدانية تميل لصالح «الحوثيين»، لتصل إلى ما نسبته 70 في المئة من العاصمة اليمنية، ومعظم مناطق الشمال اليمني.
كذلك، شرح ريدل حيثيات التشكيك السعودي بصالح، وبإمكان قبول الرئيس اليمني السابق بتسوية سياسية تبقي خلفه في رئاسة الجمهورية، مستبعداً في الوقت عينه سيناريو يعيد عائلة صالح إلى الحكم، وفق شروط ما قبل العام 2012. فرهانات المملكة العربية السعودية على إنجاح مساعيها الرامية إلى إحداث شرخ ضمن تحالف الحوثي – صالح سوف تفضي في أحسن الأحوال إلى تشظي خارطة الصراع اليمني بين ثلاثة معسكرات، ودخول البلاد في حالة حرب لا نهاية لها، فيما يعد حسم «الحوثيين» لصراعهم مع صالح لصالحهم، السيناريو الأسوأ للرياض. ومع ذلك، فمن غير المستبعد أن يحافظ تحالف الحوثي – صالح على تماسكه بالرغم من الخلافات، وزيادة حدة العنف بينهما بين الفينة والأخرى، على حد تعبير الكاتب.
وفي إطار مجريات حرب اليمن، لفت ريدل إلى أن العملية العسكرية لـ«التحالف» السعودي قد تصاعدت وتيرتها هذا العام، حيث نفذ طيران التحالف 5766 غارة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، مقارنة بـ3936 غارة في العام الماضي ككل، مشيراً إلى تصاعد في الكلفة المادية لتلك الحرب، بالتزامن مع احتدام المعارك على الأرض، ومواصلة «المتمردين الحوثيين» تطوير تقنيات الصواريخ البالستية بحوزتهم من أجل استهداف المدن السعودية، بدعم من إيران. فالأخيرة، هي الطرف الوحيد الفائز من المواجهة الحالية الحاصلة على أرض اليمن، ضد «عدوتها في الخليج الفارسي»، وبتكلفة زهيدة، لا سيما وأن استراتيجية الرياض هناك باتت تركن بشكل أساسي إلى (تكتيكات) تجويع الشعب اليمني، وإدخال البلاد في أتون الأمراض والأوبئة، في ظل غياب أي أفق سياسي أو استراتيجي للخروج من حرب اليمن، وفق الكاتب.
وفي ظل أزمة إنسانية تزداد سوءاً، رأى ريدل أن مطلبي رفع الحصار، ووقف إطلاق النار في اليمن، برعاية من الأمم المتحدة، باتا حاجة ملحة، داعياً الولايات المتحدة وبريطانيا إلى تأييد صدور قرار جديد عن مجلس الامن بخصوص الأزمة في البلاد، بحيث يدعو كافة أطراف الصراع إلى وقف العمليات العسكرية، أو مواجهة التبعات من عقوبات، مثل وقف التعاملات التجارية، وحظر بيع الأسلحة وغيرها من الإجراءات، معتبراً أنه لا يمكن لكل من واشنطن ولندن أن تفلتا من مسؤوليتهما كداعمين للرياض في حربها «الوحشية» هناك، محذراً السعودية من مغبة الرهان على صالح للخروج من المستنقع اليمني.
المصدر: العربي