كرسي الرئاسة في اليمن سمعته مشوّهة ويحتاج إلى عملية تجميل
يمنات
فكري قاسم
مافيش معانا في اليمن تاريخ معاصر، معانا تاريخ «معصور عصوَرة»، وكل فئة تصل إلى كرسي الحكم في اليمن تعصر الحياة والتاريخ صليها، وهات يا فحير ويا عصورة. وفي اليمن المعصور تحديداً يصير كرسي الحكم أشبه بفيلم رعب، ويمنع على منهم دون 18 مشاهدته لأنه يحتوي على مشاهد تفجع اللي عمر أمه ما يفتجع. وتخيلوا بس أن عدد الرؤساء الذين حكموا اليمن من بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر مطلع الستينيات، وحتى هروب الرئيس هادي من صنعاء مطلع 2015، قد وصل درزن ديمقراطية لا مثيل لها… يعني 12 رئيساً حكموا الشمال والجنوب وما فيش ولا واحد منهم غادر كرسي الرئاسة بسلام، كلهم حكايا مليئة بالخيانات وبالدماء وبالعصورة.
و في تاريخنا المعصور طبعاً، ما فيش رئيس يمني واحد روّح بيتهم سلم، كلهم غادروا بيت الأشباح إما مطاردين أو منفيين أو مقتولين في نهايات متشابهة، ولا أحد يتدبر أو يتعظ. تعالوا نمسك رؤساء أول جمهوريتين في اليمن شمالاً وجنوباً، إيش حصل لهم؟
الرئيس السلال نفي خارج البلد، والرئيس قحطان وضع تحت الإقامة الجبرية، وانتهى وجودهما من الحكم مطرودين من ناس ثانيين قالوا إنهم كانوا خونة.
وفي مرحلة السبعينيات تطورت العصورة في اليمن من النفي والإقامة الجبرية إلى الإغتيالات والتصفيات الجسدية، وشهدت اليمن صعود أربعة رؤساء حكموها خلال 10 سنوات، انتهت بنفي الرئيس عبد الرحمن الأرياني. وأما الرئيس سالم ربيع علي (سالمين)، والرئيس إبراهيم الحمدي، والرئيس أحمد الغشمي، ثلاثتهم لقوا حتفهم بالتصفية الجسدية، وما قد حصلش أن يتم اغتيال اثنين رؤساء في ثمانية أشهر إلا في أفلام رعب الرئاسة اليمنية.
الثمانينيات حق القرن الماضي كانت مرحلة عصورة متطورة عن سابقاتها، وانتقلت العصورة من التصقيات الفردية إلى الإحتراب الأهلي، وشهدت تلك المرحلة نفي الرئيس علي ناصر محمد، واغتيال الرئيس عبد الفتاح إسماعيل، الرئيس الذي تلاه في عدن. في التسعينيات توحدت اليمن، وأصبح كرسي الرئاسة في اليمن بيت واحد للأشباح، وخلال هذه الفترة نفي الرئيس علي سالم البيض، وبقى الرئيس علي عبد الله صالح كأكثر رئيس شهد كرسي الحكم استقراراً في عهده، لكن صالح نفسه غادر السلطة بعد 2011 بطريقة لا تختلف عن إزاحة من سبقوه، كعادة أصيلة برع فيها ساسة اليمن.
مع الألفية الجديدة، لم يكن حظ الرئيس عبدر به منصور هادي أفضل ممن سبقوه. وليش هذا الدمار طيب؟ والله ما لي علم! كل اللي أعرفه أن كرسي الرئاسة في اليمن المعصور سمعته مشوهة، ويحتاج إلى عملية تجميل.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا