هل نحن أمام منعطف حاسم لحرب اليمن وبدءالعد التنازلي لنهايتها..؟ أم أن الضغط السعودي الإماراتي سيتفوق منهيا الانقسام الدولي الحاد لصالحهما..؟
يمنات
عبد الخالق النقيب
يجري حالياً تأطير التحرك الدولي باتجاه إخضاع جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية بحق اليمن لتدقيق دولي صارم، وهو سياق مختلف في التعاطي مع ملف حقوق الإنسان ظلت السعودية تعارضه بشكل متكرر لأكثر من عامين، لضمان عدم إدانتها وتشوه صورتها أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، وهو توجه دولي يعكس مدى انهيار الحالة الإنسانية التي يعيشها اليمن اليوم وباتت تختزل أكبر أزمة إنسانية في العالم، حداً وصفها تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الصادر الليلة الفائتة من مساء أمس الخميس بـ”الفضائع والظروف المروعة واللاإنسانية”، وحث التقرير ذاته مجلس حقوق الإنسان على “تكليف إنشاء هيئة دولية مستقلة لإجراء تحقيقات شاملة ونزيهة وشفافة لإنصاف ضحايا هذا الصراع المدمر”، باعتبار أن الإفلات من العقاب هو سبب ونتيجة للصراع الحالي في اليمن، وقد تكون هي المرة الأولى التي يؤكد فيه تقرير منسوب للمفوضية بـ”أن المساءلة ضرورية الآن، ويجب أن تبدأ اليوم لفرض سلام مستدام في اليمن”.
و في مؤشر أخر لتحرك دولي غير مسبوق، دارت في أروقة مجلس حقوق الإنسان بجنيف معركة حقوقية أكثر من ساخنة حيال حرب اليمن التي أودت بحياة ألآف المدنيين ودمرت اقتصاد البلد الفقير أساساً ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة والمرض، ارتفعت وتيرة الحراك الدولي المكثف مع سقوط عشرات المدنيين خلال شهر آب/أغسطس الماضي، وسط انقسام دولي حاد بين القوى الكبرى ذات النفوذ والتأثير الدولي، واستمر الجدل فيه لأكثر من ثلاثة أسابيع منذ 11 أيلول/سبتمبر الجاري، وتبقى التصويت اليوم الجمعة على تبني مشروع المسودة الهولندية الكندية المطروح أمام مجلس حقوق الإنسان، والداعي لتحقيق دولي في انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب في اليمن وتؤيدها كل من ألمانيا والصين والمكسيك والبرتغال وإيران ، وفي حال نجح الرهان في التصويت عليه سيعد وفق مراقبون منعطفاً حاسماً في مسار الملف الحقوقي اليمني.
و في سابقة تعكس هيستيريا نظام العربية السعودية في التعامل مع ملف حقوق الإنسان، هددت الرياض باتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية بحق الدول التي قد تؤيد مسودة المشروع الهولندي الكندي، وعدم قبولها بإجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب التي تقودها المملكة على جارتها اليمن، وهي خطوة عقب عليها مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأنه “من المسيء أن تسعى السعودية إلى استخدام التهديد بعقوبات اقتصادية وسياسية ضد الدول التي تدعم هذا النوع من التحقيق الدولي الذي قد يضع حداً للانتهاكات”. مؤكداً أن التحالف الذي تقوده المملكة قصف مستشفيات وأسواق ومنازل وجنازات، وحان الوقت ليقف المجتمع الدولي ويقول: “كفى!”.
لم يعد اليوم كالأمس..! إذ يتعرض نظامي دولتي التحالف “السعودية والإمارات” لموجة انتقادات تتسع دائرتها على نحو متنامي، وتتوعدها منظمات دولية غير رسمية بملاحقة جرائمها وانتهاكاتها الإنسانية في اليمن، غير أن أنظمة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية لازالت تجد ملاذاً في الأنظمة العالمية الموالية لها كـ”الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة”، أو أنظمة الدول التي ترغب بالارتباط معها كسوق ضخم لمنتجاتها من الأسلحة، ما يضيف مزيداً من التعقيد على مجريات الصراع والحرب الدائرة في اليمن، وينعكس سلباً على الوضع الانساني الذي لم يعد يحتمل ويحتاج لما هو اكثر من الكلمات.
فهل تصعنا جنيف اليوم الجمعة أمام منعطف حاسم لحرب اليمن، ليبدأ اليمنيون بالتقاط أنفاسهم ويشهدون عداً تنازلياً لنهاية الحرب المدمرة التي يعيشون وطأتها منذ ثلاثة أعوام، أم ينجح الضغط السعودي والإماراتي بمنع تمرير مثل هذا المشروع سيما في ظل الانتكاسة الحالية للسلام الدولي، في مقابل استمرار مسلسل إضعاف الدور الأممي ومنظمات المجتمع الدولي، والذي يعود إلى تفوق دولتي التحالف “السعودية والإمارات” في استخدام القوة الناعمة “المال والتأثير” لملائمة الدور الأممي والتأثير على توجه الدول الراعية للسلام وفق الاعتبارات الاستراتيجية لخطط التحالف العسكرية في مختلف مناطق ومدن اليمن، ما يقوض أدوار تلك المنظمات ويجعلها تبدوا مجرد إجراء شكلي لإيهام الرأي العام العالمي بأن هناك تحرك سياسي ومساعي تصب باتجاه إحلال السلام في اليمن، بينما آلة الحرب تواصل حصد المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء في بلد يعد الأشد فقراً في المنطقة.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا