لماذا لا نرى هروبا من “الشرعية” الى صف “القضية الجنوبية”..؟
يمنات
صلاح السقلدي
الارتماء بحضن الشرعية و غير الشرعية بذريعة التعرض للإساءات و الشتائم من مناصري المكونات الجنوبية, كلام لا يمكن تفهمه بهذه البساطة.
ففي الوقت الذي نقرُّ بحقيقة أن ثمة خطاب جنوبي قبيح و نزق داخل الثورة الجنوبية, و أن هذا الخطاب خطابٌ ينفّــر و لا يـبشّـر, لكن بالمقابل فالمنطق يقول أن مَــنْ يؤمن بقضية و يعمل على الانتصار لها لا يمكن له أن يشترط على رفاقه عدم الاساءة له و معاملته بروية و تؤده, و هو يدرك انه يسير بوسط وحل السياسة النتن. و لا يعقل أن يسعى تحت تأثير هذه الاساءات التي لاشك أنها لغة سوقية أن يستبدل قضيته بقضية أخرى و يصطف بجهة الخصم نكاية بمن اساء له, و حنقاً بوجهه و اغاظته. فيمكنه أن يحارب بترسٍ و متراس مستقل, كما فعلت ذلك بعض الشخصيات التي تحترم نفسها و تاريخها, فالساحة مترامية الاطراف و الوسائل متعددة لا يستطيع أكبر نزق أن يحُـول بينك و بينها..!
أأتوني بشخصية جنوبية او ناشط/ناشطة جنوبي لم يتعرض لاساءة و لم تصدر منه اساءة. فإن طبقنا حق اللجوء الى الشرعية تحت هذا المبرر لتحولت معاشيق و فنادق الرياض الى كتلة بشرية ضخمة.
فمن أغرب الحالات على الاطلاق أن تجد شخصا يدافع عن قضية و يجاهد لاستعادة حق مسلوب و بسبب حنقه من المحامي أو الشريك لا يكتفي فقط بالتخلي عنها و يستبدلها بقضية أخرى, بل تراه يقفز فجأة من يمين القاضي الى يساره لينضم الى طرف المدعى عليه. و بعد هذا مطلوب ممن في قاعة المحكمة أن يقتنعوا إن ليس بالموضوع إنّا.!!!!
فإن كان و لا بد أن يهجر قضيته و يتخلى عنها – وهذا حق لا يُــصادر- بسبب ما تعرض له من اساءات شخصية و خلافات معينة فليؤثر الحياد و الصمت – إن أعتقد ان البدلائل قد عزّتْ عليه و السبل قد ضاقت به – إن كانت الاساءات هي فعلاً من أجبرته عنوة على تبني قرار اضطراريا كهذا, و ليس لشظف العيش و شدة العوز علاقة بذلك.
ثم لماذا لا نرى هروبا بالاتجاه المعاكس – من الشرعية الى صف القضية الجنوبية – بسبب الاساءات التي يتعرضون لها وهم في ملجأ الشرعية هذا إن كان الأمر متعلقاً فقط بالاساءات..؟. لا أحد يقول أن لا اساءات بتلك الضفة, بل اساءات و إهانات و إذلالا تشيب له الـوِلدان.
فالسبب بعدم لجوئهم لضفة القضية الجنوبية هو أن الجنوب أصبح وادٍ غير ذي زرع, مقارنة مع الوادي الآخر وارف الظل و الثمار, و هذا هو مربط الفَـرَس عند كثير من هذه الحالات و لا أقول كلها التي تتخذ من الاساءات مبرراً لتغيير قناعة و تبديل قضية.
* على كل حال ليس تغيير القناعات السياسية نقيصة كبيرة, و لكن البحث عن مبررات هزيلة لتخفّف عن صاحبها وطأة الشعور بالحرج و الخزي هو ما لا يمكن تقبله خصوصا حين يكون هذا المبرر هو أصلا اساءة للأخر.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا