ولد الشيخ يسوّق مقترحه الجديد: السعودية جادة وهادي خاسر أكبر
يمنات – صنعاء
يبدو أن التحركات الدبلوماسية الجارية، راهناً، من أجل إحياء مفاوضات السلام في اليمن، تحمل، هذه المرة، خلافاً للجولات السابقة، نوعاً من الجدية. إذ إن الإجتماعات المتواصلة التي يعقدها المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ومعه سفراء الدول الـ18، بالمسؤولين السعوديين، وبمسؤولي حكومة عبد ربه منصور هادي في الرياض، تترافق مع حزمة من الضغوطات على طرفي «الشرعية» وصنعاء.
و بحسب ما أفادت به، «العربي»، من مصادر سياسية قريبة مما يدور، وصفت الحراك المتجدد بـ«الملفت» و«الجاد»، مضيفاً “خلال اليومين الماضيين، عُقدت سلسلة من اللقاءات في العاصمة السعودية، حيث التقى ولد الشيخ أحمد، بهادي، ونائبه علي محسن الأحمر، ومن الطرف الخليجي وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، وأمين عام مجلس التعاون، عبد اللطيف الزياني. تقول مصادر سياسية في الرياض، لـ«العربي»، إن المبعوث الأممي طرح، خلال لقاءاته، مقترحه الجديد الذي ينص على إيقاف إطلاق النار، والدخول في مرحلة انتقالية عبر تشكيل مجلس رئاسي، وحكومة وحدة وطنية، إضافة إلى العديد من المقترحات، التي تتعلق بالجيش والانسحاب من المدن وتسليم السلاح وغيره.
وحصل «العربي»، من مصادر سياسية في الرياض، على ما قالت هذه المصادر إنها مسودة المقترح الجديد، والتي يبدو، من خلال بنودها، أنها هي نفسها المسودة التي طُرحت في جنيف 2، ولا يُستبعد أن تكون، فعلاً، هي المسودة الجديدة، خصوصاً أن الحديث الآن يجري عن استئناف المفاوضات على أساس العودة إلى ما قبل مشروع الحديدة.
وبحسب المصادر، فإن هادي أكد للمبعوث الأممي تمسكه بالمرجعيات الثلاث، سائلاً إياه: «هادي وصالح ومحسن يذهبوا بعيداً، وماذا عن مصير الحوثي؟». وأضاف هادي، طبقاً للمصادر: «أولاً تسليم السلاح الثقيل والخفيف، ومن ثم نتحدث عن تشكيل حكومة ودمج الجيش وما إلى ذلك من المقترحات».
إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، فإن ملاحظات هادي واستفساراته بدت أقل حدة مما كان يظهر به الرجل في جولات سابقة، وهو ما يشي باستشعار الرئيس جدية المجتمع الدولي والإقليمي، هذه المرة، في التوصل إلى تسوية، وأنه «صار عليه تقديم تنازلات على أي حال»، تقول المصادر، وتتابع أن «هادي والشرعية بشكل عام موافقون ضمنياً على المقترح الجديد، ولكن ما تزال حتى الآن موافقة مشروطة، أي أن الشرعية وهادي يحاولون طرح بعض الاشتراطات، من باب رفع السقف فقط»، مشيرة إلى أن «الشرعية تراهن على إمكانية تخفيف الضغوطات عليها من قبل المجتمع الدولي؛ على أساس أن طرف صنعاء سيرفض المقترحات الجديدة».
لكن رهانات «الشرعية» لا تبدو، بحسب المعلومات، في مكانها. إذ إن السعودية باتت، وفقاً للمعطيات المتوافرة لدى «العربي»، جادة في إيقاف الحرب، بل إن التنسيق بهذا الشأن يجري مباشرة بين الرياض وبين ممثلي الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، التي تظهر تحركات سفيرها في اليمن، ماثيو تولر، هذه الأيام، ملفتة. ما بين يوم وآخر، يخرج تولر بتصريح جديد، يؤكد من خلاله أن عملية السلام في اليمن «تشهد تقدماً أكثر من أي وقت مضى».
وفي آخر حديث له، شدد تولر على أن الحل في اليمن يجب أن يكون مبنياً على 3 أسس، تتمثل في «وقف القتال، وعدم إعاقة إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، ومرحلة انتقالية تمثل كل اليمنيين». وأشار إلى أن بلاده «تعمل مع شركائها في المنطقة، ودول أخرى مهتمة بهذا البلد بالغ الأهمية، على تحقيق سلام يوفر لليمنيين العاديين حياة مستقرة ومزدهرة». وأضاف أن بلاده «لا تعتقد بأن هناك حلاً عسكرياً للصراع في اليمن الذي تسبب بمعاناة غير عادية للشعب اليمني على مدى ثلاثة أعوام»، حاثاً «جميع أطراف النزاع على وقف إطلاق النار والمجيء إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على حل شامل وثابت». وأكد السفير الأمريكي أنه «تم الإبقاء على التواصل مع طرفي الصراع»، في إشارة إلى أن هناك اتصالات بين «أنصار الله» و«المؤتمر» من جهة، والسفارة الأمريكية من جهة ثانية، من دون أن يكشف عن مستوى تلك الاتصالات وفحواها.
وإلى جانب الدور الأمريكي، تلعب روسيا، وفقاً لمعلومات «العربي»، دوراً في الاتصالات المذكورة والجهود المبذولة من أجل التوصل إلى تفاهمات. وقد حضر السفير الروسي، أمس، لقاء وزير خارجية حكومة هادي، عبد الملك المخلافي، في الرياض، سفراء الدول الـ18 الراعية لعملية السلام في اليمن، والذي شددوا على ضرورة «تحقيق السلام عبر المفاوضات والحل السياسي»، مجددين دعمهم للمبعوث الأممي، وداعين إلى أن «تصب جميع الجهود في مسار واحد، وهو مسار الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن».