إغتيال الشاب خلدون مداح بتهمة الالحاد !
يمنات
وائل جميل
يا إلهي!!
كنت قد انتهيت الليلة الماضية من قراءة كتاب ” الدين في شبة الجزيرة العربية ” للكاتبة أبكار السقاف، والتي تطرقت في احدى فصوله لـ حقبة الاغتيالات المروعة الشنيعة التي شُنت بحق شُعراء مُستنيري ومُنتقدي ومعارضي عهد نشأة الاسلام آنذاك.. لأصحو على خبر حادثة اغتيال شاب وبنفس الطريقة التي تكشف نازية القتلة انهم يستندوا لفكرة ولمذهب واحد هو الارهاب..
قرأت خبر موته كما اقرأ كل يوم أخبار موت الغرباء، بـ إحساس مؤلم، بـ مشاعر هائجة، بـ دق ناقوس قدوم الخطر، بنغصة تستعر الأعماق، بخوف يوحي بـ إقتراب ساعة الرحيل، أكملت الخبر:
هذا وقد أعلنت جماعة تنظيم القاعدة عبر وسائل اعلامها تبنيها هذه الجريمة!
رأس “عصماء بنت مروان” شاعرة بني خظمة قُطع بالسيف بتهمة الإلحاد وقُدم هدية للصحابة، بسبب قصيدة كانت قد كتبتها وهجتهم فيها.. والصراخ الصادر من خلف تلك الصفحات الورقية في يدي، من يأتيني برأسها يامعاوية، يازيد، ياخالد ياعمرو، يا بن عدي .؟!.. وله الجنه!!
هول ذاك المشهد لم يفارق مخيلتي منذو البارحة، يظهر فجأة رأس خلدون امام عيني على شاشه الهاتف.. وبأنفاس الوزر :
يبدو ان زيد ابن حارثة بُعث في عدن من جديد!
حين يحضي القاتل بـ استباحه من كُتب ونصوص التراث الديني القديم، لممارسة القتل، ليس هناك مجال للشك بأن رحم الفكر إرهاب!
جماعة دينية تزعم انها حريصة على المجتمع وهي بعيدة كل البعد، ويقابله صمت مطبق من القوة السياسية وكثير من الاطراف التي كُنا نعتقد انها تحمل مشروع مدني بل ونعول عليها..
فشل الشرعية في إدارة المناطق التي تخضع لسيطرتها، في فرض قوتها وتكريس الوعي والخطابات الوطنية مع فشلها في التعامل مع الواقع بموضوعية، هذا ما فتح الباب امام “الارهاب” ليحيل وليغدو بديلاً وليجتث بنزعة عقائدية، وليجعل من حضوره في المعادلة ثُقلاً، مُكرساً كم هائل من ثقافته الطائفية والعنصرية وعداء الإنسان للإنسان.. إلخ
إدعاء وامتلاك الحقيقة الآلهية، أدخلنا بمرحلة جديدة هي الاسواء حظ، والترنُح والميلان عن هذا التطرف الديني هو ما يمهد للإجتثاث اكثر.
غبني على “وعي” هش ضيق محاصر خائف مهزوم محكوم بمعادلات الظلام البائسة لايقرأ التاريخ ولا يرى معادلات النور العميقة.
تلك هي “معضلة الذاكرة المثقوبة” المجردة من ابجدية الحياة، حين ترجح الكفة لصالح قوى الظلام، يتوقف التاريخ عند نقطة معينة سوداء قاتمة..
حين يسقط الوعي المدني ويعجز في اختيار التاريخ يستفحل الارهاب، حين يبدو افُق الوعي رمادياً، حين ترتبك الحدود مابين الظلام والنور.. حين يتبختر القتلة وينبجس الدم البري من وسط عروق الانقياء، هو بمثابة دق ناقوس خطر بوقف كارثة اسمها الارهاب..
إغتيالات وتصفيات بحق شباب مُستنيرين، تُقابل بالصمت بل وبالتستر لها، كما حصل بحق قضية انور الوزير وعمر باطويل وامجد عبدالرحمن ومحمد عثمان وغيرهم من جرى ممارسة التبرير في قضاياهم، كما لو أن شيء لم يحدث، غير مدركين العواقب الوخيمة إزاء هكذا صمت.
عندما تمر قضاياهم كمرور القتلة مرور الكرام ماذا بقى من روح المدينة .؟!
من هم الضحايا القادمون .؟!
مسلسل رعب ماحق يجيد اختيار الضحايا، يقابله مسلسل صمت لايُسمع رصاص القتلة، هذه هي معضلة الواقع، تتلاشى المدينة ويخفت النور ليستوطن الارهاب!
ثمة نور يختفي.. وظلام يتعاظم.. وقبح يتصاعد..
ثمة ضحايا قادمون يا اوغاد!
ثمة ضحايا قادمون يا اوغاد!
يبدو اننا سنقرع جدران الخزان طويلاً!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا