بعد أحداث صنعاء .. مجلس النواب إلى أين..؟ ومالذي ستقرره كتلة الأغلبية..؟
يمنات
عصام القدسي
الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، قلبت التوازنات السياسية والعسكرية في البلد، وغيرت خارطة التحالفات.
فتح الباب واسعاً أمام الكثير من التساؤلات حول مصير مجلس النواب اليمني، الذي يسيطر على غالبية مقاعده “المؤتمر الشعبي العام”، شريك “أنصار الله” على مدى ثلاث سنوات، خصوصاً بعد إعلان زعيم الحزب، علي عبد الله صالح، فض الشراكة قبل مقتله بأيام.
لسنوات طويلة، ظل “المؤتمر” يهيمن على هيئة مجلس النواب وأمانته العامة، وعلى أغلبية الكتل البرلمانية في المجلس، ويتحكم بصياغة القرار من خلال الإجماع الكمي باسم الحزب، كون الحزب يشغل الكتل البرلمانية الأكثر في المجلس بحوالى 237 مقعداً من إجمالي 301 مقعد، منذ آخر دورة انتخابية عام 2003. إلى ما قبل أشهر.
قدمت مبادرة من مجلس النواب تضمنت دعوة جميع الأطراف لوقف القتال، والدخول في حوار سياسي بإشراف دولي للوصول إلى شراكة وطنية وسياسية، وهي ما رأى فيها كثيرون بأنها “طبخة المؤتمر”، واعتبرتها “أنصار الله” التفافاً واضحاً وانقلاباً ناعماً على الشراكة المبرمة بين الطرفين في 2015، والتي أدت إلى تشكيل المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، التي ضمت أكثر من 42 وزيراً، وصادق عليها البرلمان ومنحها الثقة.
اليوم، بعد المستجدات الأخيرة في صنعاء، والتي أدت إلى مقتل صالح وفرار عدد من أعضاء “المؤتمر” البرلمانيين، وتغيب آخرين، يتساءل البعض عن مصير مجلس النواب اليمني، وعن إمكانية عودته إلى العمل في ظل الانقسامات التي تعصف بـ”المؤتمر الشعبي العام”، وتشظي الأخير إلى أكثر من حزب وأكثر من قيادة.
و حسب مصادر حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، فحال الحزب اليوم: مؤتمر يراد تشكيله في الرياض، ومؤتمر آخر في أبوظبي، ومؤتمر صنعاء، ويضم ما تبقى من قيادات موالية لصالح، وأخرى ما تزال تعمل تحت جناح جماعة “أنصار الله”، وماضية في الشراكة معها.
محاولات ترميم الشراكة
مصادر برلمانية أكدت في حديثها إلى “العربي” أن هناك لقاءات ومشاورات تعقد بين رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، وعدد من الأعضاء المتواجدين في صنعاء، من جانب، وبين “أنصار الله” من الجانب الآخر، من أجل تفعيل دور المجلس بعدد الأعضاء الموجودين، وهناك ضغوط يواجهها المجلس في هذا الجانب بدافع الخوف من الظهور بمظهر المعادي للشراكة.
و تقول المصادر إن “هذه اللقاءات لم تخرج بنتائج واضحة حتى اللحظة، بسبب ضبابية المشهد العام، وقد يتأخر انعقاد المجلس بسبب الظروف السياسية والعسكرية المحيطة به”.
و حسب وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” (بنسختها الصادرة من صنعاء)، التقى رئيس المجلس السياسي صالح الصماد، برئيس مجلس النواب يحيى الراعي، صباح الأحد، مع عدد من القيادات الوطنية، وتطرق اللقاء إلى “الجوانب المتعلقة بدور كافة القوى والمكونات السياسية في مواجهة التحديات وما تمتلكه هذه المكونات من كوادر وطنية ورصيد نضالي في مختلف الظروف والمراحل.
و أكد مصدر لـ”العربي”، أن لقاء اليوم لا يختلف عن ما دعا إليه الصماد الثلاثاء الماضي، من تفعيل لدور اللجان البرلمانية الدائمة، وضرورة عقد جلسات علنية لمجلس النواب.
و حسب معلومات “العربي” فإن الصماد دعا إلى التحضير لعقد جلسة للبرلمان في أقرب وقت ممكن، والتواصل مع أعضاء المجلس المتواجدين.
و وفقاً للمعلومات التي حصل عليها “العربي” من مصدر في البرلمان، فإن مصير المجلس اليوم يتعلق بالمطالبة بقرار للعفو العام وتطبيع الأوضاع وإعادة مقرات “المؤتمر الشعبي العام”، وما إلى ذلك، ومصيره لم يتضح بعد، خصوصاً أنه يجري الحديث من جانب “أنصار الله” على الشراكة، فيما الكتلة البرلمانية لـ”المؤتمر” تؤجل الموضوع حتى يتم عقد اجتماع اللجنة العامة للحزب الذي سيقرر ما سيكون عليه الحال.
و في الجلسة التشاورية التي عقدها مجلس النواب في العاصمة صنعاء، الثلاثاء الماضي، حضرت بعض قيادات من كتلة “المؤتمر”، وأكدوا أنهم حضروا بصفتهم النيابية وليس الحزبية.
حتى “عودة المؤتمر”
و أوضحت مصادر برلمانية، في حديث إلى “العربي” بشأن ما إذا كان المجلس قادراً على عقد جلساته، أن الأمر يتوقف على النصاب، والنصاب مرهون بقرار كتلة “المؤتمر” الذي سيحدده قرار اجتماع اللجنة العامة، وهو لم يتم حتى الآن. و أكد القائم بأعمال رئيس كتلة “المؤتمر”، أثناء الجلسة أن موضوع الشراكة مع “أنصار الله” من عدمها، ستقرره اللجنة العامة لـ”المؤتمر الشعبي العام”، كونها المعنية تنظيمياً باتخاذ ذلك.
و أوضح قيادي مؤتمري في البرلمان، فضل عدم ذكر اسمه، في حديثه إلى “العربي”، أن “المؤتمر هو صاحب السيادة في مجلس النواب”. و عن إمكانية اجتماع اللجنة العامة للحزب لإقرار مواصلة الشراكة أو رفضها، قال المصدر: “الآن لا يزال واقع المؤتمر بشكل عام ضبابي وأوراقه مبعثرة، والقادم هو ما سيقرر النصاب، والشراكة بين الطرفين قد فضها الزعيم قبل اغتياله، وكل من سينجر مع القتلة لا يمثل المؤتمر ولا يشرفنا بقاؤه فيه، وسيظل الحزب الأول وصاحب الأغلبية البرلمانية والشعبية”.
و يذهب آخرون إلى القول بأن تأثير قادة “المؤتمر”، خصوصاً الكتل البرلمانية لا يقتصر على وجودهم في “المؤتمر”، وإنما يشمل تأثيرهم في امتداداتهم القبلية والشعبية، وهذا ما تفتقر إليه اليوم. فالأحداث الأخيرة وصولاً إلى تهاوي الرئيس السابق صالح، يبين ضعف بنية الحزب ومراكز نفوذه، خصوصاً بعد سقوط الرهان بشكل أساسي على الكتلة القبلية، التي كان يعول عليها صالح في مواجهة “أنصار الله”.
فيما يرى آخرون أن مجلس النواب اليوم لا يحمل أي صفة قانونية حتى و إن تم تفعيل دوره و نشاطه. و وفق هؤلاء، لم يعد هناك حتى نصف أعضاء المجلس زائداً واحداً حتى تتم إعادة تفعيل دوره كمجلس تشريعي، في حين تسعى “أنصار الله” بعد مقتل صالح لإعادة إعمار الشراكة، للحافظ على أدوار سياسية والتحرك بموجبها.
“اللجنة الثورية العليا” تؤكد أن العملية السياسية مستمرة ولن يؤثر عليها مقتل صالح، معتبرة أن الرجل “اتخذ موقفاً مغايراً لإرادة الشعب اليمني وإرادة المؤتمر الشعبي العام”، ومن هم بالخارج “لا يمثلون الحزب، والشراكة مستمرة مع المؤتمر الشعبي العام”.
و في حديث إلى “العربي”، قال عضو “اللجنة الثورية” الشيخ صادق أبو شوارب، إن مجلس النواب مستمر بالشراكة السياسية، وجميع المؤسسات، بما فيها البرلمان ومجلس الشورى والمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، ماضية إلى الأمام في مواجهة العدوان الخارجي، وموقف صالح لا يمثل إلا نفسه”.
و فيما يخص اللجنة العامة لـ”المؤتمر”، أشار أبو شوارب إلى أنها ماضية في الشراكة “وعلي صالح لم يتخذ قرار التحالف مع العدوان بموافقة اللجنة العامة، بل تمرد على مؤسسة المؤتمر، ونحن نثق أن المؤتمر لا يقبل أن يكون خائناً”.
في المقابل، يرى مصدر مقرب من حكومة الرئيس هادي، في حديث إلى “العربي”، أن الكلام على مجلس النواب والخلاف داخله “يعود أمره إلى رئيس الجمهورية الشرعي عبده ربه منصور هادي، حسب المبادرة الخليجية والحديث حول نقاشات جرت بين الانقلابيين لا معنى له، فالشرعية معروفة ومرجعياتها معروفة”.
و عن موقف فريق “الشرعية” من “المؤتمر الشعبي”، قال المصدر إن “هناك اهتماماً من قبل الرئيس هادي بلملمته، وهناك تواصلات مكثفة مع أجنحته، ونتمنى أن يتوحد المؤتمر في أقرب وقت … ربما يتعثر الجناح الذي في صنعاء بسبب الوضع القائم هناك”.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا