بعد أن رمى التحالف بالكرة إلى ملعبه .. هل سيغامر تجمع الاصلاح ويتصدر معركة صنعاء..؟ وهل سيدفع به التحالف إلى ذات الطريق التي سلكها حليفه السابق “المؤتمر”..؟
يمنات – خاص
أنس القباطي
ما يزال الحديث عن معركة صنعاء منذ مقتل الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، في الـ”4″ من ديسمبر/كانون أول 2017، اعلامي أكثر منه ميداني.
و منذ مقتل “صالح” بدأ اعلام التحالف التحالف و الموالين له بشن حملة اعلامية، ركزت بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت بالحديث عن تجهيز “7” ألوية عسكرية ستتقدم من مدينة مأرب، باتجاه العاصمة صنعاء، عبر منطقة خولان، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء.
و تواصلت الحملة الاعلامية، متزامنة مع المعارك التي احتدمت في الثلث الأول من ديسمبر الجاري في الساحل الغربي، و التي تمكنت خلالها القوات الموالية للامارات من التقدم إلى مدينة الخوخة جنوب محافظة الحديدة، غير أن الواقع الميداني أكد أن تلك القوات لم تتمكن من تجاوز الأطراف الشمالية و الشرقية للمدينة.
نحت الحملة الاعلامية باتجاه الترويج لمقتل قيادات رفيعة في أنصار الله، حيث بدأت بـ”يوسف المداني” قائد المنطقة العسكرية الخامسة، مقرها “الحديدة”، تلاه الترويج لمقتل محمد علي الحوثي، ثم أبو علي الحاكم، بالتزامن مع الحديث عن تقدم القوات الموالية للتحالف إلى مديرية ناطع بمحافظة البيضاء، بعد السيطرة على مديريتي بيحان و عسيلان بمحافظة شبوة المجاورة، رغم عدم وجود ما يؤكد السيطرة الكاملة على مديريتي نعمان و ناطع بالبيضاء.
رغم الضخ الاعلامي المتواصل منذ قرابة الشهر و بشكل متواصل، غير أن المعطيات الميدانية تؤكد أن معركة صنعاء لم يتم اطلاقها بالشكل الذي يظهر في وسائل الاعلام.
الوضع الميداني بنهم
تفيد مصادر ميدانية أن القوات الموالية للتحالف السعودي تركز هجماتها بمديرية نهم باتجاه تبة القناصين، و هي التبة التي ظلت صامدة من أكثر من عام و لم تتمكن القوات الموالية للتحالف السعودي من تجاوزها.
أهمية التبة تأتي من موقعها الاستراتيجي المطل على عدة مناطق في مديريتي نهم و أرحب، حيث تمثل المناطق المطلة عليها في مديرية نهم ساحة معركة منذ أكثر من عام و نصف، عوضا عن أن السيطرة عليها تعني الوصول إلى مديرية أرحب، التي يراها الإصلاح احدى أهم معاقله في محيط العاصمة صنعاء، إلى جانب أن سقوطها يعني الوصول إلى منطقة ضبوعة و نقيل ابن غيلان، و من ثم الانتشار في المساحات الواسعة باتجاه مديرية بني حشيش، الواقعة على الأطراف الشمالية الشرقية لأمانة العاصمة صنعاء.
تبة القناصين
تقع تبة القناصين في منطقة الحول شمال شرق نهم، و تعد امتداد لعدة تباب يقترب طولها من “3” كم، على شكل سلسلة جبلية وعرة المسالك تتحكم بعدد من المناطق في مديرية نهم.
و منذ قرابة الأسبوعين، تحاول القوات الموالية للتحالف السعودي، و التي يشرف عليها بشكل مباشر القيادي الاصلاحي، الشيخ منصور الحنق، اختراق تبة القناصين، غير أنه لم يستجد أي جديد، رغم اعلان قناة العربية التابعة للسعودية، السيطرة عليها قبل “3” أيام.
و فيما المواجهات العسكرية بنهم ما تزال محصورة في محيط تبة القناصين، و منطقة الحول، لا تزال القوات التي تم تجميعها في مفرق الجوف و أسفل وادي ملح معسكرة في مكانها منذ أكثر من عام، و من دون تحرك لجبهة صرواح باتجاه خولان.
محسن في مأرب
تفيد تقارير صحفية ان الجنرال علي محسن، الذي وصل مأرب، الأحد 25 ديسمبر/كانون أول 2017، بمعية رئيس الأركان السابق، اللواء محمد علي المقدشي، الذي يعمل حاليا كضابط ارتباط في غرفة العمليات المشتركة بالرياض، يحاول فتح قنوات مع الكتل القبلية في محيط صنعاء، و التي تعرف بقبائل الطوق، و ذلك منذ أكثر من عام.
“محسن” كثف من تحركاته هذه منذ مقتل صالح عن طريق قيادات قبلية من طوق صنعاء، متواجدة في مأرب، غير أنه لم يعلم أن اختراقا حققه في هذا الجانب، خاصة و أن جهوده يحكم عليها بالفشل مسبقا، نظرا لأن أبناء القبائل باتوا متضررين من طيران التحالف السعودي، إذا ما علمنا أن أكثر من “20” مجزرة ارتكبها الطيران في مديريات خولان و نهم و بني حشيش و أرحب و همدان و بني الحارث، خلال أقل من عام.
موقف قبائل الطوق
و إلى جانب ذلك فإن قبائل الطوق تبدو رافضة لنقل المعركة إلى العاصمة صنعاء، كون ذلك يعني من وجهة نظر مشائخ تلك القبائل، انهاء لهيمنتها على السلطة، خاصة و أنها ترى أن المعركة لن تحسم بسهولة، ما سيحول العاصمة و مناطقها إلى ساحة معركة يصعب التنبوء بمآلاتها، و هو ما جعلها تحجم عن مساندة “صالح” في احداث صنعاء، مطلع ديسمبر/كانون أول الجاري، فضلا عن أن الطرف الموالي للتحالف السعودي فشل في توفير الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرته، و هذا الهاجس الأمني، بات مقلقا لقبائل الطوق.
مسار المعركة باتجاه العاصمة صنعاء، اشتعل قبل عام من محوري صرواح و نهم، و بشكل متزامن، غير أن القوات الموالية للتحالف فشلت في التقدم باتجاه عرقوب خولان، و سوق المديد، مركز مديرية نهم، رغم اشتداد المعارك و قصف الطيران المكثف الذي استمر قرابة العام، و ما رافقه من ارتكاب مجازر في أوساط المدنيين، و هو ما أثار حفيظة كتل قبلية كانت تقف على الحياد من الصراع، ما دفعها لرفد جبهات القتال إلى جانب أنصار الله، الذين نجحوا في التغلل في أوساط أغلب قبائل الطوق، مع أن مزاج كثير من مشائخها كان يميل إلى “صالح”.
لقاء الرياض
اقتصار المعركة على محيط تبة القناصين بنهم و عدم تحرك جبهة صرواح، يشير إلى عدم وجود جدية في فتح معركة باتجاه العاصمة صنعاء هدفها الحسم العسكري، و إن كانت التحركات الأخيرة تشيء بأن مرحلة جديدة بدأت تتشكل، خاصة بعد اللقاء الأخير بين القياديين في تجمع الاصلاح، محمد اليديومي و عبد الوهاب الأنسي، بـ”محمد بن سلمان” و “محمد بن زايد”.
مراقبون رأوا أن اللقاء مؤشر على أن التحالف اسند للقوات الموالية للجنرال “محسن” و تجمع الاصلاح، و جميعها تتمركز في مدينة مأرب و محيط نهم، مهام معركة صنعاء، غير أن حالة العداء بين أبو ظبي و تنظيم الاخوان المسلمين، الذي يعد تجمع الاصلاح فرعه باليمن، تبدو حاجزا أمام اقدام الاصلاح على المغامرة، خاصة في ظل انعاكسات الأزمة الخليجية، و التي ستؤدي إلى احداث انشقاق داخل تجمع الاصلاح، خاصة و أن قطر التي طردت من التحالف، باتت تتحرك بشكل غير مسبوق في مناهضة التحالف السعودي، و السياسة الاعلامية الجددية لقناة الجزيرة القطرية خير شاهد في ذلك.
معركة صنعاء والأزمة الخليجية
معركة صنعاء تبدو بمثابة “فوبيا” أمام تجمع الاصلاح، كون المغامرة في خوضها في ظل الصراع القائم بين قطر من جهة و الامارات و السعودية من جهة أخرى، تبدو مهددة للتماسك الداخلي للحزب، الذي بات مهددا بالانشقاق في حال قرر اليدومي و الأنسي و الجنرال “محسن” التصدي لمعركة صنعاء. خاصة و أن قطر هي الحاضن و الداعم لتجمع الاصلاح، عوضا عن استمالتها لعدد من قياداته الشابة ونخبه التي تعمل في المجالين الحقوقي و الاعلامي.
تضارب الاجندات الاقليمية بعد الأزمة الخليجية بلا شك ستلقي بضلالها على الحرب في اليمن، خاصة و أن السيطرة على الجبهات في المعسكر الموالي للتحالف مقسمة بين الأطراف المتصارعة التي باتت ولاءاتها موزعة بين المتصارعين الخليجيين، ما يعني أن الفرقاء الخليجيين نقلوا معركة كسر العظم إلى الساحة اليمنية المشتعلة منذ قرابة “3” أعوام.
مصير الاصلاح ومصير المؤتمر
تصدر الاصلاح لمعركة صنعاء، و هو الحزب الذي يرى في قطر الظهر الذي يسنده، ماليا و لوجستيا، سيجعله يسير في ذات الطريق الذي سار فيه حليفه السابق “المؤتمر الشعبي العام”، حيث انشق إلى جناحين توزعا بين “هادي” و “صالح”. و هو ما سيجعل الاصلاح يناور أكبر وقت ممكن الوقت، حفاظا على وحدته الداخلية من جانب و عدم اغضاب قطر من جانب آخر.
التحالف رمى بالكرة إلى ملعب “الاصلاح” ليضع نوايا قياداته على محك الاختبار الحقيقي، بعد “3” سنوات من مشاركة الاصلاح في عاصفة الحزم، استطاع خلالها الحزب من أن يكون امبراطوراية صغيرة، تقف على كتلة مالية و اقتصادية و حربية كبيرة، خاصة في مدينة مأرب، التي باتت معقله الأول.
بانتظار القادم
و من هنا فإن الحملة الاعلامية المستمرة بوتيرة عالية عن معركة صنعاء و التي بدأت أخيرا بالترويج لانهيار “أنصار الله”، تبدو من بنات أفكار تجمع الاصلاح، الذي يملك جيشا الكترونيا دعائيا و ماكينة اعلامية متعددة الأذرع.
و ربما يهدف تجمع الاصلاح من خلال هذا الضخ الاعلامي لكسب مزيد من الوقت، تحت مبرر ضرورة استمرار الحرب النفسية ضد الخصم لتحقيق انهيار في أوساط مقاتليه، و ابعاد أكبر قدر ممكن من الحاضنة الشعبية عنه، قبل أن تبدأ الحرب الميدانية، و ذلك انتظارا لمتغير قادم ينقذ الحزب من ورطته.
و إلى جانب الحرب النفسية، سيسعى الاصلاح لطلب مزيد الوقت لتحقيق اختراق للكتل القبلية لطوق صنعاء. مستغلا موقف القبائل الأخير من أحداث صنعاء، للحصول على مسافة زمنية، مؤملا على متغير جديد يخرج الحزب من الفخ الذي وضعه فيه التحالف.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا