الأديب والسياسي عادل شلي يتحدث عن مشروع محافظات ومدن آمنة ويدعو المجتمع المدني لتبني المشروع في ظل الصراع الذي تشهده البلاد
يمنات – خاص
يعد الأديب و السياسي و الحقوقي عادل راجح شلي أحد الرموز الثقافية بمحافظة حجة، شمال غرب البلاد.
و في هذه المقابلة يقدم شلي قراءة لما يحدث في المشهد اليمني من تغيرات و استقراء لأفاق المستقبل. كاشفا عن مقترح بشأن انشاء مدن و محافظات آمنة في ظل الصراع المسلح الذي تشهده البلاد.
حوار/ منصور أبو علي
ما مستقبل الصراع في اليمن..؟
– الموشرات تشير إلى ان اليمن سيشهد موجه صراع جديده تسرع من وتيرة الحرب، و توسع نطاقها. و لكن الأحداث في المقابل تؤكد ان الحل العسكري لن يأتي بجديد سوى مضاعفات الوضع الانساني المأساوي، و ذلك لأن العجز و الفشل و الهزيمة هي النتيجة التي افضى إليها الحل العسكري طوال الفترة الماضية، و استمرار الحرب التي لم يستطع ان يحقق أي طرف فيها نصر يذكر نوع من العبث و استهانة بالحيا، و تمكين لأمراء الحرب من المزيد من السلطة و النفوذ و مضاعفة معاناة الملايين من أبناء الشعب اليمني الذي تفتك بهم الامراض و الاوبئة و الجوع و الفقر و القصف و القصف المضاد.
ماهي الخيارات البديلة برئيكم..؟
الخيارات البديلة للحرب هي كالتالي:
الخيار الاول: الشروع في الحل السياسي و الدعوة إلى مفاوضات عاجلة لايقاف الحرب و احلال السلام و الاكتفاء بما انجزته الحرب من تدمير لمقومات الحياة و مضاعفة معاناة البشر و تغول الأمراض و الاوبئة و الجوع و الفقر.
الخيار الثاني: الاصرار على استمرار الحل العسكري، حيث يجب ان يصاحبه تحرك مدني انساني للحد من اتساع رقعة الحرب و اعبائها و ويلاتها و ذلك عبر تحرك سلمي مدني من القوى المدنية السلمية المناهضة للحرب في الداخل و الخارج للضغط على الاطراف الفاعلة في الصراع على المستوى المحلي و الدولي لتوفير مدن امنة و محافظات آمنة و خالية من الصراع، و اجبار اطراف الصراع على احترام خصوصيتها و تسليمها لقوى محلية لادارتها وفق قوانين تحرم العنف و تحول دون انخراط سكانها و الوافدين إليها في الصراع، و تفتح ابوابها لكل الوافدين اليها، و تحترم حقوق المواطنة و توفر لمواطنيها مقومات الحياة الكريمة، و يتم اختيار المدن و المحافظات الآمنة وفق معايير سليمة و يتم اجبار اطراف الصراع على سحب المسلحين و اخلاء تواجدهم فيها، و تأمين ممرات العبور إليها، و يتولى المجتمع الدولي توفير احتياجات سكانها و الوافدين إليها.
الخيار الثالث: اذا استمرت الحرب و اتسع نطاقها و عجزت القوى المحلية و الدولية عن ايجاد مدن و محافظات آمنة، فلابد ان يقوم المجتمع الدولي بدوره في حماية المدنيين و حماية ملايين اليمنيين المعرضين للموت بفعل المواجهات أو الاوبئة أو الجوع و يعمل على توفير ممرات آمنة للعبور إلى خارج اليمن و تجهيز ملاذات آمنة و صحية للملايين من المجتمع المدني لانقاذهم من الموت الذي يتهددهم طالما و خيار الحرب قائم، و بالامكان تجهيز هذه الملاذات في دول الجوار مثل عمان أو اثيوبيا.
توفير مدن ومحافظات أمنة فكرة رائعة .. لكن هل سيقبل بها أطراف الصراع..؟
المدن و المناطق الآمنة هي جزء من تراثنا اليمني و كانت تسمى من قبل بالهجر و كانت القبائل المتحاربة تحترم خصوصية هذه القرى و تحرم الاعتداء عليها و يحرص ابنائها على عدم الانخراط في الحروب القبلية، و هذه الهجر كانت بمثابة ملاذات آمنة للهاربين من جحيم الحرب، و قد شهدت حالة من الازدهار و التطور جراء توفر الأمن و الاستقرار، و ساهم وجودها في تقليل خسائر الحرب، و الحد من اتساع رقعتها و مدتها.
كما عمل حكمائها و قادتها المسالمين على التوسط لايقاف الصراعات و الحروب و وجد فيهم اطراف الصراع المحكم الذي يرتضون بحكمه لانهاء الصراع، و امكانية الضغط على اطراف الصراع كبيرة، خاصة و ان الاغلبية من ابناء المجتمع مع خيار السلام و بامكان القوى المدنية الاشتغال على هذا الخيار و توحيد طاقاتها و امكانياتها لبلورة مشروع يهدف إلى توفير مدن و محافظات آمنة و تتوجه بمشروعها و خطابها للاغلبية المتضررة من الحرب و التي تتجاوز نسبتها اكثر من 80% من سكان المجتمع اليمني، و سيكون لخطابها و مشروعها صدى كبير و تفاعل من القوى السياسية التي عطلت امكانية عملها الحرب، و من القوى المدنية ممثلة بقطاعات واسعة و على رأسها منظمات المجتمع المدني و النقابات و الاتحادات التجارية و العمالية و المهنية و المثقفين و الكتاب و الاكاديميين …ووالخ، و ستتفاعل مع مشروع المدن و المحافظات الامنة الاوساط الثقافية و المنظمات و المؤسسات و الهيئات الدولية و الاممية، و كلما ارتفع الصوت المطالب بهذا الخيار كلما تراجعت الاصوات المنادية باستمرار الحرب. و هذا الخيار هو الانسب في حال تصميم قادة الصراع على الاستمرار في الحرب.
كيف يمكن تطبيق مشروع المدن والمحافظات الامنة لو افترضنا انه اكتسب مبررات القبول به وتطبيقه..؟
يتم تنفيذه عبر اجبار اطراف الصراع على سحب تواجدهم من المحافظات المتفق عليها في الشمال و الجنوب و تسليم ادارتها للسلطات المحلية و قيادات التحالف المدني الواسع المتبني لهذا الخيار في الداخل و الخارج لتهيئة الارضية لتحويل المحافظات المتفق عليها إلى مدن و محافظات آمنة، و يتكفل المجتمع الدولي بالدعم المالي و الانساني.
ماهي المحافظات التي يمكن ان تتحول إلى محافظات آمنة..؟
يتم الاختيار وفق معايير جغرافية واجتماعية تؤهل المدينة أو المحافظة لتكون مدينة او محافظة آمنة و بالامكان اختيار مدينة آمنة تقع بين ثلاث أو أربع محافظات و كذا محافظات كاملة لتحويلها إلى آمنة.
و محافظة تعز نظرا لما تتميز به من المؤهلات و ما تملكه من المقومات كان من الممكن تحويلها إلى نموذج، و لكن ظروف الصراع و تواطؤ المتصارعين ضدها قد يعيق اختيارها في الوقت الراهن، و لذا ارى ان يتم اختيار محافظتين لتكونا محافظات آمنة احدهما في الشمال و الاخري في الجنوب.
و يمكن ان تنطبق المعايير على محافظة إب و محافظة حضرموت، فكلاهما تدار عبر سلطات محلية عاقلة و واعية و حريصة على السلم الاهلي و تعبر عن قناعة فئات اجتماعية واسعة حريصة ألا يزج بهما في الصراع، و تملكا العديد من المقومات التي تؤهلهما للتحول إلى محافظات آمنة.
ما رأيك في الادارات المدنية لعدن ومأرب وصنعاء..؟
– لايوجد إدارة مدنية تدير الاوضاع في اليمن في المرحلة الراهنة، ففي الجنوب مجلس عسكري تديره الامارات و هو المتحكم بزمام الامور، و في الشمال مجلس عسكري يدير الأمور، و ما المجلس السياسي و الحكومة سوى واجهة، و في مأرب مجلس عسكري يدير الامور و ما حكومة ابن دغر سوى واجهة.
ما تعليقك على ما حدث في مطلع ديسمبر من احداث في صنعاء..؟
ما حدث هو اوضح صورة على عجز التحالف و الشرعية على تحقيق أي نصر عسكري، و اشتغالهم منذ اكثر من عام على تفتيت الجبهة الداخلية و رهانهم على ان الصراع و المواجهة التي ساهموا في اذكاء نارها سيمكنهم من تحقيق انتصارات عسكرية. هذا الرهان يكذبه الواقع فالانتصارات التي تحققت في الساحل الغربي سرعان ما تلاشت، و ساهموا بشكل كبير في تمكين المجلس العسكري في صنعاء من احكام سيطرته على مقاليد الامور، لأن الوضع في صنعاء كان افضل بكثير من الوضع في الجنوب أو في مأرب سواء من حيث مساحة الحريات او التوازن بين القوى و اختلال المعادلة لصالح القوى العسكرية في صنعاء كما هو الحال في مأرب وعدن، و سيكون له اثاره التي اعتقد ان قيادة انصار الله قد فطنت للأمر و أعلنت عن العفو العام لكل من شارك في احداث الثاني من ديسمبر، و رغم ان العفو استثني العسكريين، و هذا دليل دامغ على سيطرة المجلس العسكري غير المعلن على زمام الامور، حتى داخل جماعة انصار الله، إلا ان قرار العفو سيسهم في ملئ جزء من الفراغ الذي اضر بالقوى المدنيه داخل الجماعة و بالمجلس السياسي و الحكومة، و اذا لم يتم ملئ الفراع و اعادة التوازن و تعادل الكفة بين القوى المدنية و العسكرية في صنعاء، فإن لهذا آثار سلبية كبيرة.
سيطرة المجالس العسكرية على مقاليد الأمور في صنعاء و عدن و مأرب يكشف وضع الرئيس هادي الذي لم يعد له من الامر شيء علي الارض، ما سيدفعه للتمسك بقيادة المؤتمر و وراثة صالح في قيادته، و لن يكون للمؤتمر أي قوة اذا لم يمتلك مشروع مغاير لمشروع تبرير الحرب التي يشنها التحالف على اليمن لأن الاصلاح يقوم بالمهمة منذ بداية العدوان و يمتلك من الامكانيات و المقومات مايجعل أي تحرك للمؤتمر في هذا الاتجاه ليس له أي أهمية تذكر.
و المشروع الوحيد الذي يستطيع من خلاله المؤتمر ان يحافظ على شعبيته هو الحل السياسي و الدعوة للسلام و ايقاف الحرب، و هو الخيار الوحيد القادر على ملئ الفراع الذي احدثه اختلال موازين القوى لصالح العسكر في صنعاء و عدن و مأرب و القادر ان يعيد هادي و المؤتمر إلى الواجهة.
و بامكان هادي عبر المؤتمر وبقية القوى السياسية الاخري الاشتغال على الحل السياسي باعتباره المخرج الامثل للازمة، خاصة بعد ان اثبت الحل العسكري فشله وعجزه طوال ما يقارب ثلاث سنوات.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا