اليمن .. ازمات وخيارات
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
تتراكم الازمات وتتداخل معطياتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، داخليا وخارجيا ، مسارا ثوريا واخر مناهض له ..والثابت فيها جميعا بؤس الفكر السياسي وحوامله الاعتبارية والمشخصة الامر الذي دفع بالبعض للبحث عن حلول ومعالجات عبر قدرات خارقة بشرية او دينية لان عمق الازمات في الداخل انعكست في قهر مادي ومعنوي للافراد وعامة المجتمع مما نجم عنه حالة سيكولوجية تتصف بالعجز والخوف نظرا لعواقب قاتلة في المواجهة اليومية في اطار نضال المواطن للبحث عن لقمة عيشه واستقراره وغياب ممكنات المواجهات مع الخارج نظرا لتعويم الازمة وتقاطعها مع ازمات اخرى لاتجعل الوطن والشعب محمولا في رايات الاحزاب والقوى الوطنية حتى في خطابها انحسر مفهوم الوطن والشعب الى محاصصة مقيتة وغنيمة تعلو اهتمامات النخب وحلفائها ..
اليمن تموج في عواصف الازمات وتتنوع وتتعدد في حين يقل منسوب الخيارات العقلانية والسياسية وتنعدم الخيارات الوطنية .. فالحلول السياسية والحزبية لاتعكس مصالح قيادات ونخب لايثق المجتمع بها ولا ييادلها الاحترام من هنا تكمن مخاطر الازمات التي يمر بها الوطن والشعب نظرا لخروج اسلوب المعالجات والحلول من الداخل اليمني نحو الخارج وهو تعبير عن مسارات سابقة يتم اعادة انتاجها اسلوبا ومنهجا .
خاصة …اذا نظرنا للعبث والفوضى الراهنة ونوايا التقسيم والتشظي للجغرافيا بل وظهور اطماع جيران حديثي النشأة وفق منطق الدولة وتغافل الشرعية وحلفائها وغيرها من القوى داخل اليمن ..اذا ..منطق الخيارات ذات النهج العقلاني الذي يستدعي الحكمة بل والمصلحة الوطنية يخبو تدريجيا لصالح منطق المحاصصة والغنيمة وهو امر يحظى بتوافق من تسمي نفسها احزاب وقوى وتنظيمات لعبت دورا هزليا ومسرحيا في موفمبيك برعاية اقليمية ودولية ولاتزال تلعب نفس الدور بتغيير طفيف في الاخراج والادوار للممثلين ..
اليمن الذي يحظى بجغرافية استراتيجية هامة تطل على اهم ممر للنقل البحري في العالم تتعاظم مكانتها من منظور الجيوبولتيك وهو امر كانت قيادات اليمن لسنوات سابقة -ولاتزال – تجهل هذا المنظور واهميته ولالاته ..
وللعلم فان استثمار الجغرافيا اليمنية سياسيا واتصاديا واستراتيجيا يمكن الدولة والمجتمع من الارتقاء باقتصادها ومعيشة المجتمع دونما حاجة للخارج الاقليمي وتدخلاته ..من يتابع حوارات اطراف الصراع ومن ينظم اليهم من المتنططين افراد وجماعات ومن يتابع سيل القرارات في تعيين الاقارب والازلام يتأكد مما نذهب اليه بالتعبير عن غياب اي فكر سياسي للنخبة الرسمية والحزبية وغيرها وحضور فكر الغنيمة وهو متأصل فيهم لانه نتاج الصحراء وعقلية البداواة ….
هناك دول اصغر من اليمن عشرات المرات جعلت من بلدانها قبلة للشركات والاستثمارات والتفوق الاقتصادي ..سنغافورة مثال ..ومافيهاش نفط ولاغاز فيها قيادة وطنية تفكر باستحدام العلم والولاء للداخل ارضا وشعب ..ولعل دروس هذه الدولة ومعها ماليزيا وكوريا بل وحتى دول افريقية تحركت مؤخرا نحو التطور الاقتصادي والسياسي والخروج من دائرة الازمات لانها وسعت من خيارات الحلول السياسية الوطنية ومن خيارات العمل الشعبي وبناء توافقات وطنية للخروج ببلدانها من دوامة الازمات ومخاطرها نحو آفاق رحبة في التطور والاستقرار وبناء الدولة فحظيت باحترام الداخل والخارج ..صفوة القول ..
لا مجال للخيارات ذات النهج الماضوي او العصبويات المذهبية والقبلية وهنا لابد من توسيع الخيارات نحو حلول وطنية (اقول وطنية ) ..هذا النهج الوطني وحده تتمكن اليمن فيه ومعه من العبور نحو الجمهورية الثانية لانها وحدها مدخل الاستقرار وبناء الدولة ورفع منسوب الكرامة الوطنية ..؟!