قوات “الشرعية” غارقة في الفساد .. هكذا تتحول الحرب إلى تجارة رابحة وتموِّل سماسرتها
يمنات
معاذ منصر
يشهد معسكر «الشرعية» فساداً ومحسوبية، وبيع وشراء ولاءات، بالإضافة إلى تشكيل مراكز نفوذ متعددة ومختلفة، بعضها لا يأتمر بأوامر القيادة المركزية، وقد صار هذا المعسكر غارقاً بفصائل ومكونات لأشبه بمليشيات لا بجيش منظم. البحث عن تفاصيل تمويل الحرب وتمويل الجبهات الخاصة بـ«الشرعية»، سيقودنا إلى معرفة حقائق صادمة، وسيكشف لنا كيف تتحول الحرب إلى تجارة رابحة.
مأرب
إلى مأرب، اتجهنا لطرح هذه الأسئلة. كان الرد من مصادر سياسية وعسكرية، بالقول: «هناك اعتمادات ومخصصات غير منتظمة، لكل جبهة قيادة هي من ترفع متطلباتها وترفع بدل قات ومحروقات وشراء ولاءات وشراء معلومات وترفع كشوفاً بطلباتها من تسليح وذخائر وهكذا ويتم اعتماده لهم من قيادة الشرعية والتحالف».
أضافت المصادر أن «طريقة تمويل جبهات الشرعية تبدو كما لو أنها مقاولات، توكل مهمة كل جبهة لقيادة وهي من تشترط مبلغاً مالياً معيناً وتصرفه حسب التبويب الخاص بميزانيتها، أما التسليح والذخائر فغالباً تتم عن طريق المناطق العسكرية وقيادة الجيش وكذلك التحالف». وهذا التمويل، بحسب المصادر، يذهب الجزء الكبير منه إلى جيوب القادة العسكريين، وهم من يتحكمون بالتقدم والتراجع، ويفتحون جبهات أو يظلون يتقدون ويتراجعون، بحسب حجم التمويل.
وتشير المصادر إلى أن استئناف المعارك والقتال، يفتح الباب أمام هؤلاء القادة العسكريين واسعاً نحو طلب دعم وتمويل وذخيرة، ما يعني أن استمرار الحرب هو لصالحهم، في حين توقفها يعني توقف الدعم والتمويل.
وأما عن الموازنات المتعلقة بالجنود، فتقول المصادر إن الجنود في الجبهات يتم تقديم وجبات الأكل لهم عبر مطابخ تابعة للجيش، وفي هذا الإطار لم يحصل الجندي المرابط في الجبهات على تغذية كاملة، بل إن القادة ينهبون جزءاً من المخصصات المتعلقة بالتغذية.
تعز
وإلى تعز، توجهنا باحثين عن كيفية تمويل الجبهات، والجهات الموكلة بذلك. أجابت مصادر سياسية وعسكرية: «كانت تمول في البداية عبر حمود المخلافي، وبعدها أبو العباس، ومن ثم الشراجي، وبعدها المعمري، ومن ثم الشرعية تدفع للإصلاح، والإمارات لـ أبو العباس، وقبل فترة كان عدنان رزيق وفاضل، ومؤخراً التحالف طلب منهم التوقف عن إدارة الدعم، وقال سيدعم كل لواء بنفسه».
وبحسب المصادر، ليس هناك صرف يومي، أو موازنات يومية لتمويل جبهات تعز، بل إن الصرف يتم على شكل دفعات لكل عمل عسكري، ثم يتوقف. والصرف لا يتم بشكل مؤسساتي، بل يتم لكل جماعة على حدة، حسب رضا «التحالف» عنها، وحسب الجبهة التي يريد «التحالف» تحريكها. وأضافت المصادر أنه «أحياناً يمر من شهر إلى خمسة ولا يتم صرف ريال واحد، أو ربما تذهب للقيادات ولا تصل للأفراد».
وتابعت المصادر حديثها: «هناك قطاعات وألوية عسكرية تستولي على إيرادات محلية مثل إيرادات الدولة من الضرائب، ومستمرون فيها إلى اليوم، من إيجارات وغيره. وهناك مصادرات وهناك سطو وهناك ابتزاز متنوع في تعز، خصوصاً من قبل بعض الجماعات التى لم تهيكل في الجيش. هناك فرض أتاوات على التجار على البيوتات التجارية في تعز، وهناك أدلة، هناك مع الأسف اقتصاد حرب في تعز باسم التحرير. يقال إن اللواء 17 هو أقل الألوية ذكراً في هذا الاتجاه، ويكاد يكون 35 المتصدر للمشهد».
وبحسب معلومات «العربي»، جماعة «أبو العباس» ولجانها العدلية كانت أشبه بدولة مصغرة. لديها قضاة ومحاكم، وسلطة أمر واقع وصلت سيطرتها إلى مديريات الحجرية وصبر ويفرس. في حين لا يزال «اللواء 35» مسيطراً على قسم من ضرائب في مديريات المواسط والشمايتين والمعافر، وتقدر بحوالي 300 ألف ريال يومياً بحجة تمويل الجبهات، وهو لواء مدعوم من الإمارات هو وجماعة «أبو العباس»، بحسب مصادر.
الدعم الذي يفترض ان يمر عبر «قيادة المحور»، يقال إن «التحالف» يتعامل معه حسب الخصوم لقيادة «التحالف»، وكل مرة يكون دعم الجميع عبر جماعة من جماعات «المقاومة» وليس عبر «المحور». وحين يكون هناك عمل عسكري كبير يجرى دعمهم جميعاً بالمال، لكن تكون ثمة انتقائية في السلاح. وتشير المصادر إلى أن جماعة «أبو العباس» دُعمت بالسلاح والمال أكثر من ما دعم به «المحور» والألوية. في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، يقال إن حوالي 200 مليون ريال سعودي مرت عبر «أبو العباس» شخصياً، ولم يعرف تفاصيل صرفها.
أما الجندي المقاتل، فيقال إنه بالكاد يحصل على وجبة رز وقليل من الوجبات، يتم تحضيرهما عبر مطابخ تابعة للألوية العسكرية ويتم تموينها عن طريق وزارة الدفاع، وإلى جانب ذلك يتم صرف 250 ريالاً لكل جندي في اليوم الواحد.
تمويل الجبهات
وعن تمويل الجبهات، يؤكد مصدر عسكري رفيع، أن «التحالف» وقيادة القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي يتعاملون مع تمويل الجبهات بالتغذية مع وكلاء ومقاولين، وليس عبر مؤسسات الجيش المفترضة، وهذا يساهم في بناء مراكز مالية لصالح أطراف وأصحاب نفوذ، ويتقاسم «حزب الإصلاح» ومقربون من الرئيس هادي هذه المقاولات، وهذا الأمر يؤدي إلى بناء مراكز مالية ضخمة لهؤلاء.
وبحسب المصدر، يعد هذا أحد أسباب بطء التقدم العسكري في الجبهات، حيث أن أصحاب هذه المقاولات يرغبون في استمرار الحرب لأنها تحولت إلى تجارة وليس من مصلحة هؤلاء المقاولين أن تتوقف الحرب.
المصدر: العربي