دور روسي نشط في الأزمة اليمنية .. موسكو تحتضن لقاءات مع أطراف يمنية وخارجية فاعلة في الملف اليمني
يمنات
معاذ منصر
كان الموقف الروسي من الملف اليمني، ولا يزال، يثير أكثر من علامة استفهام، حول سر سياسة موسكو وغموضها. سحبت روسيا بعثتها من صنعاء، ونقلتها إلى الرياض، في حين تكثّف تحركاتها الدبلوماسية بشكل ملفت، وما بين الرياض وموسكو وأبوظبي تتوالى الزيارات لدبلوماسيين وسياسيين، يمنيين وروس.
الانفتاح الروسي الواسع على اليمن والأطراف اليمنية بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تؤكده تلك اللقاءات، وآخرها لقاء مثير للجدل، كشفت عنه وكالة “وام” الإماراتية، عقد بين نجل صالح، أحمد علي، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في العاصمة الإماراتية أبوظبي. ووفق الوكالة الإمارتية، فإن اللقاء كان لتقديم العزاء بصالح.
و كان بوغدانوف التقى، الأسبوع الماضي، مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي، عبد العزيز المخلافي، وبحث معه الأوضاع في اليمن. وزار وزير الخارجية في حكومة هادي، عبد الملك المخلافي، موسكو، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إضافة إلى عدد من المسؤولين الروس.
أمين عام التنظيم الناصري عبد الله نعمان، التقى في الرياض، أيضاً، الأسبوع الماضي، السفير الروسي لدى اليمن، الذي دعا قيادة التنظيم لزيارة موسكو، وقد وافقت الأخيرة على تلبية الدعوة، بحسب “الوحدوي نت”.
و في نفس الوقت، نائب وزير المالية الروسي يعلن توقف اليمن عن دفع ديونه المستحقة لروسيا ويقول إن مثل هذه الإشكالية ستحل عبر نادي باريس.
و تتواصل في العاصمة الروسية موسكو لقاءات غير معلنة بين دول “التحالف العربي”، ممثلة بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأمريكان والروس وعُمان، وذلك حول الأزمة اليمنية ووضع الترتيبات اللازمة لكيفية إنهاء الصراع الدائر في البلاد.
و كانت مصادر نقلت ما ناقشه المجتمعون، مشيرة إلى أن الروس وفي نقاشاتهم حول الجنوب طرحوا إمكانية أن يكون الجنوب إقليمياً مستقلاً، وأن ذلك “سيحد من الصراع في اليمن”.
“العربي” تحدث إلى مصادر سياسية يمنية في موسكو، أكدت عدم صحة وجود مثل ذلك الطرح أو الرؤية، وأشارت إلى أن الروس دائماً يشددون على أهمية الوحدة اليمنية، والحاصل في موسكو من نقاشاتها المكثفة مع الوفود السياسية القادمة إليها، مخاوف روسية من أن يسقط الجنوب بيد الجماعات المتطرفة في حال نشوب أي صراع.
لكن ما يثير التساؤل، هو التغير الملفت في مواقف روسيا بشأن الأزمة اليمنية بعد مقتل صالح، علماً بأن علاقة موسكو ظلت متينة بصالح في صنعاء، وزار الأخير سفارتها أكثر من مرة، كما زار موسكو وفد مؤتمري أكثر من مرة أيضاً، وزارها وفد من “أنصار الله” وآخر من “الحزب الاشتراكي”.
و تبدو موسكو محطة لزيارة وفود من فريق “الشرعية” وأطياف مختلفة، حزبية وغيرها، ولم تعد الوفود تقتصر على “أنصار الله” أو “المؤتمر الشعبي العام”، ما يؤكد أن تحركات موسكو اليوم باتجاه مغاير، يؤشر إلى أن للروس أهدافاً جديدة، وخارطة جديدة في علاقتها وتحركاتها الدبلوماسية في إطار الأزمة اليمنية.
في حديث إلى “العربي”، يرى مدير “إدارة الأزمات الدولية” وأستاذها في جامعة الحديدة، نبيل الشرجبي، إن أولوية موسكو واستراتيجيتها في الحرب اليمنية كانت واضحة: “التعامل مع الأطراف الرسمية للدولة، ورفض أي تعاون مهما كان مع أي قوى ما دون الدولة، وهذا الأمر لاحظناه في فترة ما قبل مقتل صالح، حيث أصر الروس على اعتبار صالح جزءاً من الدولة ويجب التعامل معه، أما الحوثي فقد اعتبروه حركة ما دون الدولة، وهو أمر ترفض روسيا التعامل معه لأسباب عدم الالتزام السياسي بالمعايير السياسية والدبلوماسية المتعارف عليها في علاقة الدول، ولذا فإنه بمجرد مقتل صالح انطوت الحجة الأهم في استمرار التعاون مع حلف صالح الحوثي، وهذا أمر قرّب بشكل أكبر مما كان في السابق بين الروس وحكومة هادي، وهو النمط الأفضل للتعاون الروسي”.
الأمر الآخر، بحسب الشرجبي، أن الأطراف الخليجية بدأت تعد لمؤتمر ما يسمى “إعادة الأعمار في اليمن”، وهذا الملف سوف يجذب الكثير من الأطراف التي تريد الحصول على جزء من ملف الإعمار، والروس بحسب التوجهات السياسية الأخيرة مهتمون بالجوانب الاقتصادية.
و يستطرد الشرجبي: “السعودية لعبت الدور الأبرز في السابق بجعل الموقف الروسي أقرب إلى الحيادية، وكان النجاح الأكبر في ذلك التحرك السعودي هو عدم اعتراض الروس على أهم القرارات التي صدرت من مجلس الأمن، وخاصة القرار 2216”.
و بحسب مصادر سياسية في الرياض، فإن “كل المؤشرات الآن تدل على أن روسيا تسعى من أجل لعب دور الوسيط في حل المشكلة اليمنية، ومنطلقاتها في تبني دور الوسيط، القرارات الأممية التي تدعو صراحة إلى إنهاء الحرب والبدء بعملية حوار شامل”.
و ترى المصادر أن روسيا “تريد أن توصل رسالة واضحة لعدوها في النفوذ في المنطقة: الولايات المتحدة، أنها باتت أكثر قبولاً في منطقة الشرق الأوسط، وأنها باتت تضيق الخناق على النفوذ الأمريكي في المنطقة، إذ إنها تحافظ على علاقة جيدة مع إيران، وعلاقة حذرة مع تركيا، وتوقع الكثير من اتفاقيات التعاون مع المملكة العربية السعودية”.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا