عندما تكون التحالفات عسكرية فقط !
يمنات
وضاح اليمن الحريري
انتشر خبر بين الناس في عدن ويبدو إنه تمدد إلى كل ساحات الجنوب، يفيد بعودة السقاف قائد الأمن المركزي السابق في عدن، والذي كان الرئيس هادي قد اقاله في مقدمات الحرب في اليمن، بل تكاد لحظة بداية الحرب عندما رفض قرار الاقالة من منصبه الامر الذي ادى الى اشتباكات مسلحة معه وقواته، حتى تم تهريبه فارا الى صنعاء، وبقية الحكاية معروفة، هذه العودة غير المؤكدة الى عدن، تظل واردة في قاموس تبدل التحالفات التي تستجد لتؤدي دورا معينا ثم تنتهي لتتحول الى كارثة كبيرة، بالذات عندما تكون عسكرية وتنشا لتلك الاغراض فقط، وما احداث عدن السوداء الاسبوع الماضي إلا تجليا واضحا لطبيعة التحالفات العسكرية بدون بعدها السياسي الذي يشكل حاملا لها.
هنا اود ان اشير إلى امرين اساسيين اظهرتهما طبيعة تطور الأحداث في اليمن مع طول زمن الحرب، اولهما: ان اي قوى عسكرية او سياسية في الساحة الجموبية لا تستطيع ان تبني قوتها وتحافظ على سلطتها ونفوذها إلا بصناعة تحالف مع اطراف موجودة ولها حضورها في الساحة الشمالية وهذا يبين عمق الارتباطات القائمة على ارض الواقع، ليس اجتماعيا وثقافيا ولكن سياسيا وعسكريا واقتصاديا ايضا بين الشمال والجنوب، ليصل هذا الارتباط الى مستوى الارتباط العضوي اي الأساسي والأصيل، ولقد جسد ذلك الرئيس هادي في طبيعة التحالفات التي صنعها، والان يجسده الاخ عيدروس الزبيدي في طبيعة النحالفات التي يتجه اليها، بينما الحوثي الذي لم يجد له حلفاء جنوبيين اقوياء انحصر وحوصر تماما في نطاق نفوذه التقليدي، بينما مازال يقاتل في مناطق اخرى دفاعا عن بقائه وبقاء مشروعه.
المسالة الثانية التي اود الحديث عنها تتعلق بطبيعة انشاء التحالفات العسكرية بمبرر الحرب خارج غطاء واعتراف الشرعية بها وقبولها بالتعامل معها، لأن الأمر في هذه الحالة وتحت ضغط هاجس وكابوس الحرب لا يفهم منه إلا أن تلك التحالفات ستتخذ لها طريقها الذي سيناسبها بالرضا او بالقوة ستنتهجه، وبما ان ارتباطات هذه التحالفات تمتد على الساحة اليمنية عموما جنوبا وشمالا فإن الخلاصة ستكون بايجاد حلول سياسية تلبي خيارات محددة تتعلق اولا واخيرا بأخذها لاعتبارات المجتمع اليمني وليس الجنوبي فقط، وستصطدم في هذه الحالة مرة تلو مرة تلو اخرى، بالمشروع الرسمي الذي تقدمه الشرعية وتحالفاتها ضمن صراع لا ينتهي على السلطة.
الامر يكاد يكون مؤسفا لان حالة الحرب لن تنتهي حتى مع انتهاء الحوثي، يتبقى إذن ان تدرك ما نسميه او كما هو متعارف عليه القوى الوطنية والمدنية التقدمية على الساحة اليمنية، القوى التي مزقتها المشاريع الاخرى وغاب مشروعها الاستراتيجي العام وتفصيلاته، هذه القوى التي قررت ان تنفصل عن القوى المحتملة للتحالف معها متخذة من الجنوب مبررا للعزلة التي وضعت نفسها فيها، ومنخذة اكثر من عذر لتعيش نفس عزلتها شمالا، بينما تحت مرمى عينها وسمعها يتحالف الجميع ضد الجميع، تقبل تلك القوى الوطنية ان تظل في محل الاستلاب مكتفية بالانفصال جنوبا ومقصية ومهمشة عن دورها الفاعل شمالا الا في نطاقات محدودة وضعيفة، وهنا مربط الفرس فإذا كان مسار التحالفات العسكرية والسياسية يفرض نفسه على الجميع بالبقاء في عموم الساحة اليمنية لمن هم في السلطة او من هم يتحركون في استقلالية عنها فالاولى أن تلتقي القوى الوطنية والمدنية التقدمية شمالا وجنوبا فقد يكون في مشروعها الخلاص المتوقع الذي ينقذ البلد من براثن الحرب التي اصبح واضحا إنها تنبئ بالاستمرار حتى بعد نهاية الحوثي، وغير ذلك لا يتبقى امامها إلا ان تظل في محل الفريسة ويغرقها الطوفان وتذوب فيه..