في اليوم الأخير في منصبه .. ولد الشيخ يتحدث عن الازمة اليمنية و ماحدث في فترة توليه منصب المبعوث الأممي
يمنات – صنعاء
في الثامن والعشرين من فبراير/شباط 2018 انتهت ولاية المبعوث الخاص للأمين العام لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي تولى المنصب في أبريل/نيسان 2015.
على مدى ثلاث سنوات تواصلت جهوده لمحاولة التقريب بين الأطراف اليمنية من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الصراع الذي أدى إلى احتياج 22.2 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، في ظل ارتفاع معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض المعدية مع عدم توفر الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى مقتل وإصابة مدنيين بسبب القتال.
وتحدث ولد الشيخ في اليوم الأخير في منصبه، مع “أخبار الأمم المتحدة” عن الازمة اليمنية في اليمن والانتقادات التي وجهت له وماحدث في المشاورات المغلقة في الكويت.
- تحدث عن الوضع في اليمن، وما حدث في المشاورات المغلقة، وما يأمل في حدوثه في الفترة المقبلة؟
الأزمة اليمنية أزمة مؤلمة بكل المعايير، من الصعب جدا أن نفهم سبب استمرار هذه الازمة. ونحن نعرف أن ملامح الحل موجودة، الحل الذي سيرضي الجميع. لأن ما تكلمنا عنه في الكويت بما يزيد عن مئة يوم هو أن يكون هناك جانبا أمنيا مثل الانسحاب وتسليم السلاح وعدم إمكانية أن تكون لدى أي قوة سياسية، كانت الحوثيين أو غيرهم، قوة عسكرية خارج الدولة. وفي نفس الوقت، مقابل هذا أن تكون هناك تنازلات سياسية كي تمثل أي حكومة مستقبلية جميع الأطراف بما فيها الحوثيون وحزب المؤتمر أو غيره، أن تمثل جميع اليمنيين وأن يكون حقا شركاء في مستقبل بلدهم في إدارة البلد. وأظن أن الملامح كانت واضحة. لماذا إلى الآن لم نتوصل إلى الحل؟ في رأيي، وقلت ذلك بكل وضوح أمام مجلس الأمن، إن هناك اليوم نخبة سياسية من كل الأطراف مستفيدة من الحرب، وبدأت تلك النخبة الاستفادة أكثر وأكثر بشكل لا يراعي المصلحة العامة. إذا كانت هناك نوايا حقيقية، فيجب أن نأتي إلى العملية السياسة ونحقق السلام ولا نخلق الأعذار أو أن نضع كل المسؤولية على المبعوث الدولي الذي هو ميسر للعملية السياسية.
- ولكن ما الذي يمكن أن يفعله مجلس الأمن والمجتمع الدولي للتصدي لذلك؟
من الأشياء المهمة التي يجب الإشادة بها، وجود إجماع في مجلس الأمن بشأن القضية اليمنية. هذا شيء مهم جدا وأنا شخصيا أشيد به. كما قلت في الكويت ودول أخرى، كنت دائما ألمس دعما كبيرا من كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخاصة الدول ذات العضوية الدائمة الخمس. وهذا الشيء يجب المحافظة عليه لأنه مع الأسف خلق لنا مشاكل في بعض الأزمات الأخرى. لكن في رأيي الصعوبة التي نجدها هي صعوبة الضغط على الأطراف، وخاصة كي نكون واضحين الضغط على الحوثيين. الحكومة اليمنية بما أنها حكومة شرعية يعترف بها المجتمع الدولي، ممكن أن نقول إن هناك ثمانين أو مئة دولة من الممكن أن تؤثر عليها، وقد اتضح ذلك عندما كنا في الكويت. ولكن من الصعب جدا أن نجد مؤثرا حقيقيا على الحوثيين، وهذا أظن من الممكن أن يكون دور مجلس الأمن وخاصة الدول ذات العضوية الدائمة. لا نريد إرغام الحوثيين، على حل ولكن نريد حلا متماشي مع مصالح الجميع خاصة مصلحة الشعب اليمني قبل كل شيء. لكن يجب أن يفهموا أن الحل السلمي هو الحل الوحيد. جميع الأطراف ما زالت متمسكة بالأوهام بأن لديها حلا عسكريا، ولكن لا يوجد حل عسكري في اليمن.
- ما الذي كان يمكن فعله بطريقة مختلفة خلال السنوات الماضية للمساعدة بشكل أكثر فاعلية في التوصل إلى حل في اليمن؟
في رأيي، لا يمكن لأي عمل بشري أن يخلو من الأخطاء. و أنا أعترف بوجود أشياء كان من الممكن تصحيحها، ولكن أظن أنه كان دائما هناك لدى الجميع سوء فهم لدور المبعوث الخاص، وهذا حصل عندما كنا نستمع إلى الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي.
- وجهت إليك انتقادات من كل الأطراف؟
إسماعيل ولد الشيخ أحمد: وبطريقة مستمرة دائما وخاصة انتقادات من الشباب اليمني، وكان ذلك بالنسبة لي مؤلما جدا. فهم يظنون أن للمبعوث عصا سحرية وأن بإمكانه تغيير الأمور، والحقيقة أن دور المبعوث كدور أي ميسر، هو أن يأتي بالأطراف إلى الطاولة وأن يوفر الإطار العام الاستراتيجي. وهذا كله قمنا به مع مستشارين ووفرنا المستشارين القانونيين وخبراء في السياسية وخبراء في القضايا العسكرية وغيرها. لكن ما دامت الأطراف غير مقتنعة، لا يمكن إرغامها على توقيع اتفاق، وهو ما حصل في الكويت بالضبط وواضح أن الكلمة الأخيرة تعود إلى الأطراف ولا الميسر.
- ما حصل في الكويت تطرقت إليه في إحاطتك الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي عندما ذكرت أنكم كنتم تقتربون للغاية من التوصل إلى اتفاق، وفي اللحظة الأخيرة بدا أن الحوثيين ليسوا مستعدين للتوصل إلى اتفاق؟
أنا في الحقيقة حاولت أن أصحح هذه النقطة، أولا ما زلت ملتزما بما قلته، ولكن سأفسر ما أعنيه، جميع الأطراف اليمنية في رأيي مسؤولة عن عدم التوصل إلى حل بطريقة أو بأخرى ولكن كان من الواضح في الكويت، من ناحية المعلومات التي كانت موجودة أننا كنا قريبين جدا للتوصل إلى اتفاق. لكن من بداية المشاورات للنهاية لم يقبل الحوثيون الدخول في التفاصيل الأمنية. وهذا بحد ذاته كان معضلة أمام الحل. حاولنا بكل الطرق وأنا في رأيي كانت هناك تنازلات كبيرة، إذا نظرنا للدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية. كان دورا ايجابيا جدا لأنها قدمت تنازلات كبيرة وقامت بالضغط على الحكومة الشرعية وليس فقط السعودية، بل كثير من الدول وقادتها أيضا منهم أمير الكويت شخصيا، تدخل وضغط على الأطراف. ولاحظنا أن كل دول مجلس التعاون كانت تحاول في تلك المرحلة أن تضغط أكثر على الأطراف لكن ما حصل كان واضحا، وهو أن الحوثيين ليسوا مستعدين للتنازل ولا يمكن أن يكون هناك حل إذا كان الحوثيون يريدون أن يتمسكوا بسلاحهم أو أن تكون لهم قوة عسكرية خارج إطار الدولة.
- ما نصيحتك لخليفتك في المنصب؟
في الحقيقة أنا أعرف مارتن غريفيث منذ سنوات وعملنا معا عندما كنت في سوريا ثم في اليمن، وله خبرة طويلة، وأكيد أنه لا يحتاج إلى نصائح من طرفي. ولكن الأمم المتحدة منظمة عريقة لها تاريخ مستمر و تبني وتستفيد من الدروس. ولا شك أنه سيستفيد مما حصل في الكويت وما حصل في النقاشات مع الأطراف. وقد قدمت تقريرا كاملا وشاملا عن كل القضايا للأمين العام وسلمت نسخة منه للأخ مارتن غريفيث. وإذا كان بإمكاني قول أي نقطة أساسية فستكون أن الوقت لا يساعدنا. الأزمة الإنسانية تفاقمت وبدأنا نرى أزمات أخرى، مثل القضية الجنوبية التي تصبح أقوى وأقوى وما لاحظناه أخيرا في عدن من اشتباكات خلفت عشرات القتلى. القضية الإنسانية وصلت إلى مستوى لا يحتمله العقل الإنساني. وهناك تهديد للإرهاب. اليمن كان دائما من المناطق التي يهددها الإرهاب الذي ازداد وتغذى على الأزمة. يجب علينا أن نعود إلى الطاولة وإلى الحل السياسي، فلا يوجد حل عسكري لهذه الحرب. لا يوجد سوى الحل السلمي. وفي النهاية نتذكر اليمنيين الذين يعانون، والذين أود أن أوجه إليهم من خلالكم تحيتي مرة أخرى لشهامتهم وقدرتهم على الصبر. ولا شك أن الشعب اليمني يبقى شعبا عظيما وأنا متأكد أنه سيخرج من هذه الحرب. ولم أشر إلى دور المرأة اليمنية التي لها دور كبير والتي تعاني باعتبارها أما وأختا، وحتى إن بعض الأطراف تحاول إزالة دور المرأة من المفاوضات السياسية. المرأة اليمنية قوية ولها دور ويجب أن تشترك في العملية السياسية هي والشباب.