ما تداعيات نقل الاتصالات إلى عدن على المسار الإنساني في اليمن..؟ وكيف سيفرض “غريفيث” على الأطراف تحييد المسار الإنساني لضمان نجاح مهمته..؟
يمنات
عبد الخالق النقيب
تكرار تجربة البنك المركزي رغم التحذيرات
في وقت سابق حملت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي «حكومة هادي المقيمة في الرياض» كامل المسؤولية عن أي تداعيات إنسانية قد تتسبب بها عملية نقل البنك المركزي إلى عدن، وانتظرت تلك المنظمات الدولية لترى كيف ستتعامل حكومة هادي مع التحذيرات التي تم تجاهلها، إلى أن ارتكب هادي وحكومته واحدة من أخطر السياسات إضراراً بالمدنيين واستخدامهم ضمن أوراق الضغط وأدوات الحرب، بدا هادي الرئيس المعترف به دولياً وحكومته أكثر إتقاناً في تبني التوجهات العبثية والتدميرية التي سعت إلى تكريسها على مدى ثلاثة أعوام.
في أعقاب تلك الخطوة فشل البنك المركزي المنقول إلى عدن في إدارة العملية البنكية والنقدية، وعجزت حكومة هادي عن الإيفاء بدفع مرتبات الملايين من اليمنيين في الشمال والجنوب، علاوة على فشلها في تأمين الحد الأدنى من التبادلات والالتزامات المالية للبنك، بعد أن كانت حكومة صنعاء ملتزمة بتصريفها قبل عملية النقل، وفي الأسبوع الماضي تم الإعلان رسمياً من عدن عن تعرض المنظومة المالية للبنك المركزي للانهيار التام، والاضطرار لنقل عملياته النقدية إلى العاصمة الأردنية عمّان، ما يعني ارتهان اليمن و بنكه المركزي لسياسات اقتصادية خارجية خاضعة لاحتمالات المساومة والابتزاز الدائم.
تكريس سياسة العبث والفوضى:
في أكتوبر الماضي أعلنت «حكومة هادي المقيمة في الرياض» توقيع اتفاق مع «شركة هواوي الصينية فرع الإمارات» استقال على إثرها عبدالعزيز الملفحي آخر محافظي محافظة عدن، قُبلت الاستقالة الأكثر جدلاً، فيما «حكومة هادي» مضت في تكريس سياسة العبث والفوضى، وتتجه الآن نحو تجريف قطاع الاتصالات المدني الذي يقدم خدماته للمدنيين بوتيرة اعتيادية، ويلتزم بإيصالها إلى أرجاء البلاد، ولازال بإمكان المدنيين الخاضعين لـ«حظر بري وجوي وبحري» أن يستفيدوا من خدمات الاتصالات والانترنت كمتنفس وحيد يصلهم بالعالم ويربطهم ببعضهم البعض، بعد أن تسببت الحرب بحرمان أكثر من 25 مليون مدني من الخدمات الإنسانية الأساسية الملحة وفقاً للتقارير الإنسانية الدولية التي وصفت الوضع بالأشد خطراً.
خدمات الاتصالات ضمن أدوات الحرب
خسر هادي وحكومته المسنودة بالتحالف السعودي الكثير من أدوات المواجهة العسكرية، كما أدت ممارساتها ذات الطابع الانتقامي وأدائها المختل إلى خسارة ما تبقى من قاعدة التضامن الشعبي في المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف، ولازالت تراهن على أوراق انتهازية فاشلة، وتسعى هذه المرة لتكرارها عبر استهداف خدمات الاتصالات وجرها إلى دائرة الصراع والحرب تحت ذرائع وتبريرات غير مقبولة تحت أي ظرف من الظروف، بالنظر للمآلات التي تضاعف من خطورة الموقف الإنساني في اليمن في حال تم تمرير مشروع تشطير الاتصالات واستحداث بوابة للانترنت، حيث يرى العارفون بالاتصالات أن توجه حكومة هادي سيخلق أزمات مالية وإنسانية فادحة قد تضاهي خطورتها أزمة نقل البنك المركزي وما ترتب عليه من وضع إنساني متفاقم، باعتبار نقل مركز التحكم بالاتصالات إلى عدن غير مأمون من الناحية الإنسانية على وجه الخصوص، ومحاطة بكثير من الأخطار التي ستتسبب بإعاقة الخدمات الطبية والتعليمية وتعطيل عمل المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية العاملة في اليمن، أو تلك التي لازالت على صلة بمنظمات داخلية تمثل لها همزة وصل أخيرة تصلهم بالمدنيين هناك، ما يعد تهور خطير تأتي ترجمته ضمن الإجراءات الانتقامية التي تمارس بحق المدنيين وتنتهك حقوقهم، الأسوأ من كل ذلك هو إمعان «حكومة هادي المقيمة في الرياض» على فرض سياسة العقاب الجماعي دون اعتبارات لحق المواطنة، وإصرارها على أن تصنع من المدنيين أدوات وأحجار وبيادق في ساحة الصراع والحرب.
تحييد المسار الإنساني أساس مبدئي لنجاح «غريفيث»
على وقع إجراءات نقل الاتصالات في عدن وخطوات سياسية متسارعة تتعلق بتنصيب هادي رئيسا للمؤتمر تأتي قبيل زيارة مرتقبة للمبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث الذي يغادر صنعاء اليوم السبت متجهاً إلى مدينة عدن، حيث من المنتظر أن يلتقي ممثلين عن المكوّنات السياسية في المدينة، ما يؤشر إلى أن أبو ظبي والرياض تسابقان انتعاش المساعي الأممية بشأن الأزمة اليمنية للملمة شتات حلفائهما وكان غريفيث التقى، أول من أمس، قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، قبل أن يجتمع، الأربعاء، برئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد، الذي أعرب عن أمله في أن يُحدِث «وجود المبعوث الأممي نقلة سياسية تسهم في حلحلة الأوضاع»، مؤكداً انفتاح «صفحة جديدة مع غريفيث، لن يعكّرها شيء» طالما أن ثمة «حيادية في العمل مع كل الأطراف، وعدم استسلام لأي ضغوط أو ابتزاز خارجي». فهل يستطيع السيد «غريفيث» أن يفرض على كل الأطراف تحييد المسار الإنساني وعدم جرها لدائرة الصراع والحرب ، ووقف النزيف الإنساني المتدهور والذي وصل حالة متقدمة من الخطورة ، ليستقيم الحديث أولاً عن بدء استئناف عملية التسوية التي يمهمد لها غريفيث في زيارته الأولى لليمن والتي تأتي بالتزامن مع الذكرى الثالثة للحرب التي أعلنها التحالف العسكري بزعامة السعودية عشية الـ 26 مارس/آذار 2015 كتدخل عسكري سريع ، وهاهي اليوم تعبر عامها الرابع ويبدوا الانتصار الذي وعدت به عاصفة الحزم أبعد ما يكون عن خياراتها العسكرية المجربة ، ولم يعد لدى التحالف ما يمكن الرهان عليه ، وسط إجماع دولي واسع بأن لا سبيل لإنها الحرب في اليمن إلا بالحوار وتوفير فرص كافية للسلام ، وتبقى على السيد «غريفيث» تلافي أخطاء سلفه ، بدءاً بإلزام الأطراف على تحييد المسار الإنساني المتمثل بفتح الموانئ البرية والجوية أمام الرحلات الإنسانية والتجارية وفتح الموانئ المغلقة ، وإيقاف المشاريع الاستحداثية أبرزها نقل الاتصالات إلى عدن ، والتي تأتي على غرار نقل البنك المركزي ، كأساس مبدئي لضمان نجاح السيد مارتن غريفيث في مهمته الأممية في اليمن.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.