ثوار … لكن مزيفون
يمنات
عبد الرقيب الانسي
لعل الحسنة الابرز عند الغرب ، انهم يعتبرون الكذب جريمة اخلاقية اجتماعية تستوجب نبذ مرتكبي هذه الجريمة واخراجهم من اطار المواطنة الصالحة للاسرة والمجتمع ، اما الكذب فيما يتعلق او يرتبط بسلطات الدولة او النخب السياسية او المؤسسات الصحفية فيعتبر افتراءا قبيحا مذموما يرقى الى درجات الخيانة العظمى ، فاذا كان مصدر الكذبة رئيسا للدولة او رئيسا لحزب او صحيفة او حكومة او وزيرا فيجبر الكاذب بقوة القانون والدستور على الاستقالة الفورية من منصبه ..
اما الكذب في عالمنا العربي
عموما وفي بلادنا تحديدا فقد اصبح بمثابة السمة الابرز وضوحا في حياتنا اليومية ، فلم يعد هنالك داعيا للاستغراب والعجب والشعب يسمع ويرى ويشاهد رئيسه يكذب وحكوماته تكذب ووزرائه يكذبون وصحافته تكذب على مدى عقود متصلة من الزمن حتى صار الكذب بفضل هؤلاء النخب الرفيعة فضيلة قومية ووطنية لاعيب قيها ولا غبار عليها ..
وقد شاءت الاقدار ان تجمعني ببعض ورثة الكذب والزيف من هذا الجيل المثقل بهذا الميراث الانتهازي العقيم ، اعلم ويعلم الجميع انهم يكذبون لكننا لانعتب عليهم مادام والكذب قد صار فضيلة ولم يعد رذيلة كما كان يقال عند الاباء والاجداد الاقدمون .
لكن الادهى من ذلك وامر ان نجد اشخاصا يحاولون عبثا اقناعنا بانهم ثوار واحرار وينضمون الى المسيرات ويشاركون في المظاهرات بيما هم في الواقع يعملون لصالح السلطة ويتقاضون اجورهم منها على داير مليم..
اعرف قاضيا في احد المحاكم تم عزله من منصبه لاسباب لا ادريها ، فاذا يتوجه الى ساحة التغيير ليعلن انضمامه لثورة الشباب تعبيرا عن غضبه ورد فعله ضد قرار عزله من الوظيفة ، وبعد اعلان قرار الانضمام ذاك لم نعد نراه في ساحة اعتصام او مسيرة ..
بعدها حصل الانقلاب على الثورة فاذا بنا نراه حوثيا خالصا يقول مايقولون ويفعل مايفعلون ، ويصعد الى شاشة المسيرة ليدلي برايه المتشنج والمتعصب للمسيرة القرانية ، بل ويطالب باعلى صوت بمصادرة اموال ومنازل واملاك الذين فروا خارج الساحة للنفاذ بجلودهم من عنفوان الحوثي وانتقام صالح ..
وعندما بدا الخلاف يدب بين صالح والحوثي ، اراد ان يجد له مصدرا جديدا للتعيش والارتزاق ، فتخلى عن الحوثي لينضم الى صالح ليصير بذلك بوقا اعلاميا ودعائيا ضد انصار الله ، وبعد مقتل صالح على ايدي الحوثيين ، توقف تماما عن الكتابة على الفسبوك ليس لان قناعاته قد تغيرت او طرا عليها طارئ ، وانما لسبب بسيط جدا يتمحور حول انقطاع مصدر التمويل لا اقل ولا اكثر ..
ختاما .. هذا الصنف الشاذ من البشر لايمكن لهم الاستمرار في خداع الراي العام الى مالا نهاية ، ولن يفعلوا بالناس اكثر مما فعلوا وان الاموال التي جمعوها من هنا او هناك بالكذب والزيف والباطل سوف ترتد عليهم بالويل والثبور والخسران ..
ومهما تكن عند امرئ من خليقة …. وان خالها تخفى على الناس تعلم ..