سفير اليمن لدى سوريا: مقايضات بين ملفي سوريا واليمن
يمنات – صنعاء
نائف القانص، سفير اليمن في سوريا، المعين من قبل حكومة «الانقاذ الوطني» في صنعاء، هو سياسي بارز، ومن الذين لعبوا دوراً سياسياً طوال السنوات الماضية، في إطار حزب «البعث العربي – قطر اليمن»، وأيضاً في إطار تحالف «اللقاء المشترك»، الذي تولى فيه أكثر من مهمة قيادية ومنصب قيادي. وكان القانص، ضمن تشكيلة «اللجنة الثورية العليا»، التي أعلن عنها في صنعاء قبل ثلاثة أعوام. وبعدها عين سفيراً في سوريا.
و تطرق القانص، في الحوار الذي اجراه موقع “العربي”، إلى الكثير من الجوانب السياسية والعسكرية في اليمن، بناءً على التطورات الأخيرة، وأيضاً قراءته للواقع السياسي والعسكري في اليمن، والتحركات الجديدة المتعلقة بملف المفاوضات وإحياء السلام، عبر المبعوث الأممي الجديد، مارتن غريفيث.
و أوضح القانص ، الكثير من النقاط المتعلقة بملف سوريا، وتطوراتها الأخيرة، والتي طرح «العربي» العديد من الاستفسارات على الرجل، بحكم تواجده في دمشق، وقربه من الملف السوري، وعما إذا كانت هناك علاقة حقيقية بين ملف سوريا وملف اليمن، من منظور عالمي، ومن منظور المجتمع الدولي، الذي يقال إنه يربط حلول ملف سوريا بملف اليمن، وأيضاً في التصعيد العسكري، والمواقف الدولية في إطار الأزمة اليمنية والسورية، وأن هناك نوعاً من المقايضات بين الملفين.
معاذ منصر
ثلاثة أعوام والحرب في اليمن على أشدها، ولكن الملفت في الحرب ربما هو التصعيد العسكري الصاروخي من قبل حركة «أنصار الله»، حيث وجدت السعودية نفسها أمام سيل من الصواريخ، التي باتت تستهدف المملكة بشكل يومي ربما، وأن يتحول «التحالف العربي» والسعودية إلى حالة الدفاع بعد 3 أعوام من الحرب، بدلاً من حالة الهجوم… ماذا يعني ذلك؟
أولاً، عندما دخلت السعودية في الحرب، كانت تضع لنفسها سقفاً محدداً لا يتجاوز العشرين يوماً، ولكنها غرقت وتحالفها في اليمن، ومرت أعوام ثلاثة، وهي تفقد النصر، وتتعربد بكل ما لديها من قوة، بل واستجلبت آخر تقنيات الأسلحة، وحاصرت الشعب اليمني، وعملت بكل إمكانياتها، بالتحرك داخل المجتمع الدولي، خصوصاً في الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، والمنظمات المهتمة بالجانب الإنساني، لكي تغطي على الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب اليمني.
الشعب اليمني، في ظل الحصار المفروض عليه، لجأ إلى تطوير قدراته، وكان هناك أيضاً استراتيجية من الصواريخ الموجودة، التي قام بتعطيلها عبدربه منصور هادي قبل العدوان، أثناء تواجده في صنعاء، مع الأمريكان، وعطلوا هذه المنظومة الصاروخية بكاملها، وكان هناك تطوير لهذه القدرات الصاروخية، وأيضاً دفعت بالجيش اليمني، وخبراء الأسلحة اليمنية، إلى تصنيع الأسلحة اليمنية المتطورة، كل هذا، عكس المسألة تماماً وتبدلت الأمور، وكانت الصواريخ البالستية، هي الحل الأمثل، في إيقاف عربدة مملكة آل سعود، أو ما سمي بالتحالف العربي. هذه التقنيات تطورت أيضاً بشكل تصعيدي وتراكمي، تولدت معها الخبرات والقدرات في التخفي لمنصات إطلاق هذه الصواريخ.
يقول البعض إن حركة «أنصار الله»، على الرغم من إمكاناتها المحدودة، وعدم امتلاكها ربع ما يمتلكه «التحالف»، إلا أنها بأهدافها العسكرية والصاروخية، تبدو دقيقة في إصابة الأهداف، وأنها حريصة على المدنيين في الأراضي السعودية، والعكس في غارات «التحالف» التي جميعها تستهدف المدنيين، ربما حتى كتابة هذا السؤال، نسمع عن استهداف مخيمات للنازحين، واستهداف منازل للمدنيين في تعز وصعدة وحجة… كيف يمكن لك أن تفسر لنا هذه المفارقة؟ هل يعني أن «التحالف» هدفه المدنيين ليس إلا؟
العدوان السعودي هو لم يأتي من أجل شرعية، أو كما يقول نصرة للشرعية. هناك أهداف محددة، الولايات المتحدة الأمريكية غيرت من استراتيجيتها، وانتقلت من الحرب المباشرة إلى الحرب الناعمة، أو كما يطلق عليها البعض، القوة الذكية في السياسة الخارجية الأمريكية، بدلاً مما كانت عليه. وهي تسعى، أو أخذت التجربة من الحرب في العراق، والتدخل المباشر في العراق، وكذلك التدخل المباشر في أفغانستان، وانعكست عليها بالويلات. هناك صراع دولي كبير، ما بين القوى الاقتصادية والدول العظمى، وأيضاً التطور الاقتصادي الكبير للصين الشعبية، وأيضاً الهند في تقدم اقتصادي، وأيضاً دول البركس، كل هذه مجتمعة، أخافت الولايات المتحدة الأمريكية، فانتقلت مما كان (عليه في السابق)، وهي تدافع عن قواتها وقوات الخليج؛ اعطتهم الأسلحة وباعت هذه المنظومة، وجعلتها هي تتولى الأهداف وتأخذ نتائج مباشرة، تأخذ المال وتأخذ النتائج المباشرة.
سيطرت على باب المندب، وسيطرت على سقطرى، وبذلك هي تعمل على خنق الصين، وخصوصاً بعد أن كانت الصين والهند، دول البركس، بينها روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، دخلت معهم أيضاً إيران. هذه أيضاً أخافت الولايات المتحدة الأمريكية من جديد، فعملت بهذه السيطرة. فالحرب القادمة، هي حرب اقتصادية بامتياز. السعودية ليست لديها هدف في اليمن، والهدف هو انتقام من الشعب اليمني. لقد دمرت البنية التحتية بأكملها، واستهدفت المواطنين اليمنين. فيما يتعلق بخدمة المواطن اليمني، استهدفت جميع هوائية الاتصالات، وهوائيات التلفزيون في كل بقاع اليمن، حتى تلك الهوائيات التي هي وسط قرى تكتظ بالسكان، خصوصاً الأموال التي تبذلها أخيراً للولايات المتحدة الأمريكية، وكما رأينا وسمعنا وتابعنا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حكى بوضوح، إذا اردتم أن نبقى في سوريا، فتدفعوا، فدفعوا أيضاً ثمن هذه الضربة الثلاثية على سوريا.
الجبهات الميدانية وجبهات الحدود والساحل، هي الأخرى عاودت القتال، وعاودت السعودية وقوات هادي إشعالها، ولكن من دون خطط ومن دون أي تقدم، والمعلومات الميدانية تفيد بأن كل استئناف للقتال تقوم به «الشرعية» و«التحالف»، يكون حصيلته استنزاف للمقاتلين فقط. إذا كانت هذه هي النتيجة الحاضرة منذ ثلاثة أعوام من الحرب، برأيك لماذا يتم اشعال القتال بهذه الطريقة؟ على ماذا يراهن «التحالف»؟ وعلى ماذا تراهن السعودية؟
في الساحل هم يضربون أكثر من عصفور بحجر واحد، فمثلاً في الساحل الآخر، من المخا، يدفعون بما سمي بالحراك الجنوبي، ويتخلصون من عدد من هؤلاء المقاتلين، ونحن رأينا كيف كانت النتيجة عندما سيطروا على المحافظات الجنوبية وعدن وأبين، وكلها لم تصبح آمنة، وتسيطر عليها القوى الإرهابية، من القاعدة وأنصار الشرعية وداعش وغيرها، وكذلك التفجيرات التي تحدث في عدن، وأيضاً أكد ذلك المندوب الأممي الجديد، غريفيث، الذي لم يغامر بالذهاب إلى عدن، هو يعرف حقيقة الوضع الأمني هناك، وبقي في صنعاء لفترة تزيد عن الأسبوع. بل أن هذه المغامرات التي ترتكبها هذه القوى، أو ترتكبها السعودية في الشريط الساحلي، هو دليل على إفلاسهم، وأنهم فشلوا تماماً في المواجهة المباشرة في كل الجبهات، خصوصاً في جبهة نهم والجوف وغيرها، هم لجأوا إلى الساحل بحكم أن الساحل مكشوف، تساعدهم أيضاً إمكانياتهم الهائلة في الطيران والسيطرة على البحار، فهذه أيضاً نقطة ارتكزوا عليها، ويحاولون أن يكرروا التاريخ السابق، عندما استطاعت السعودية أن تسيطر في الحرب التي حدثت في العام 1934 على السواحل، بينما القوات اليمنية استطاعت أن تسيطر على السلسلة الجبلية، إلى أن وصلت إلى الطائف، وهم وصلوا إلى الحديدة، ومن ثم بعد ذلك تمت المصالحة. أيضاً القوة الصاروخية لأنصار الله، لم تستهدف المدنيين، لأننا نعلم جميعاً أن هؤلاء مواطنين مغلوبين على أمرهم، والحرب هي أخلاق، فالجيش واللجان الشعبية تميزوا بأخلاقهم أن لا يعرضوا المدنيين للأذى، والضربات كانت واضحة كيف هي مركزة على المواقع الحيوية الاستراتيجية للعدو، سواء اقتصادية أو عسكرية، لكي تكون دافعاً لإيذاء النظام الذي يقتل الشعب والمواطنين.
بعد ثلاثة أعوام وأكثر من القتال، يظهر محمد بن سلمان في تصريحات متناقضة. يقول تارة إن الحل السياسي هو المخرج للحرب في اليمن، وتارة أخرى إنه يستطيع دخول صنعاء في أسبوع واحد؟ كيف تقرأ هذه التصريحات؟ وما الذي منع ابن سلمان من دخول صنعاء؟ وهل هو قادر فعلاً على دخولها في أسبوع كما يقول؟
لو كان بإمكانه أن يدخل صنعاء في أسبوع، لدخلها من أول مرة، وكان هذا هو تصريحهم من البداية، هو أنه خلال أسبوع أو عشرين يوماً سوف يدخلون صنعاء، وإلى الآن لم نرى هذا الأسبوع يكتمل، ربما تأتي السبع سنوات، وهو لا يستطيع أن يدخل، فربما الأسبوع هو سبع سنوات، وليس أسبوعاً، فإلى الآن مضى ثلاثة أيام من الأسبوع، ونحن دخلنا اليوم الرابع، يبقى معنا أربعة أعوام في تاريخ الحرب الواقعية، وأربع أيام في تاريخ ابن سلمان بحسب تقديراته، ولا يستطيع، وفشل فشلاً ذريعاً، وهو غارق الآن في الملف اليمني، ويحاول قدر الإمكان أن يتحاشى أو يخرج من هذا المستنقع بماء الوجه.
على المستوى الآخر، اتضحت مشاريع دول «التحالف» في إطار حربها في اليمن، وأن الموانئ والمطارات والبحر والجزر البحرية هي هدفهم الأول، وسيطرتهم عليها هو ما يتم… هل أنتم كسياسيين كنتم مدركين لهذه المشاريع الخفية، التي ظهرت واكتشفت اليوم؟ وماذا تقول عنها؟
نحن من البداية قلنا إن الهدف هو السيطرة على الموانئ اليمنية. الامارات العربية المتحدة وضعت استراتيجيتها في السيطرة على ميناء عدن بعد أن خرج من يد الامارات، وهي تعمل على أن يبقى ميناء عدن معطلاً، لأنه مهمٌ، ولو أنه فُعّل بالشكل الصحيح، سوف تكون ضربة لموانئ دبي.
أعتقد أن التجارة الدولية ورجال المال والأعمال، يفضلون أن لا يقطعوا ألف ميل للوصول إلى موانئ دبي، وعندهم ميناء عدن يوفر الوقت والجهد والمال. وهذا ما يقلق الإمارات. ومن استراتيجيتهم أيضاً، السيطرة على مضيق باب المندب، وسقطرى، وكذلك السيطرة على المطارات اليمنية، وما يؤكد ذلك، هو الاستهداف الممنهج والكامل للموانئ اليمنية والمطارات، وكل ما يتعلق بحياة المواطن اليمني، والحصار المفروض عليه… ما الذي فعلوه في المناطق والموانئ التي سيطرون عليها سوى الدمار؟
الرئيس هادي بات تحت الإقامة الجبرية في الرياض، وبعد أن كانت هذه العملية إشاعة، أصبحت حقيقة، ويتحدث عنها مسؤولون في «الشرعية». احتجار الرئيس بهذه الطريقة كيف يمكن تبيان أسبابه؟ وإلى أين سينتهي الأمر برأيك؟
هادي يخضع للإقامة الجبرية من اليوم الذي خرج فيه من عدن فاراً وهارباً، وهو كان فاقداً للسيطرة حينما كان داخل قصر المعاشيق، والذي كان يحكم ويتصرف، هو السفير السعودي، والآن هو فاقد لكل شيء، لا يمكن له أن يتصرف بشيء، من دون أن يملي عليه أو ما تملي عليه السعودية. ورأينا أيضاً كيف فعلت السعودية برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ورأينا كيف كان موقف هادي في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الظهران، وأيضاً عدداً من وزرائه استقالوا احتجاجاً على بقاء هادي تحت الإقامة الجبرية، وأيضاً تصرف نجل هادي… كل هذا أثر على موقف هادي وأصبح ضعيفاً تماماً.
تعيد الامارات الآن انتاج نظام صالح عبر الدفع بطارق صالح في الجنوب لقيادة الملف العسكري، وعبر محاولة الدفع بنجل صالح الأكبر أحمد لتولي رئاسة «المؤتمر الشعبي العام»، ليكون حليفاً لأبو ظبي في الشمال، كما يطرح مراقبون… هل ستنجح هذه المحاولات برأيك؟ وماذا تقول بشأن ما يطرحه المراقبون؟
أولاً الامارات تدفع بالسلفيين. وكون طارق صالح له علاقة وينتمي إلى التيار السلفي، ووجوده هناك هو من أجل تجميع هذا التيار، ليكون قائداً عسكرياً للقوى السلفية هناك. وهي تريد (الإمارات) أن تسيطر عليه، وأن يكون تحت سيطرتها، والتحكم به يتم عبرها. أما في ما يتعلق بنجل صالح، أحمد، فهو لا يزال تحت الإقامة الجبرية في الإمارات. ولو كانت الإمارات جادة في أنها تريد أن تدفع بنجل صالح، لكانت ضغطت، ولكنا رأينا أن تدفع الامارات و«التحالف» لإزالة إسم صالح من قائمة العقوبات. أنا أعتقد أن الامارات والسعودية لا تعتمدان إلا على المنهجية الدينية المتزمتة، فالإمارات ذات توجه سلفي، والسعودية ذات توجه وهابي، وإن حاولت أن تظهر السعودية نفسها أنها تتجه نحو العلمانية، بحسب ما يدعي به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
محاولات إحياء المفاوضات السياسية عادت إلى الواجهة عبر المبعوث الأممي الجديد، مارتن غريفيث، وخلال جولته الأولى، التقى الرجل بجميع الأطراف اليمنية، ويقول إنه هناك حديث إيجابي عن عودة الأطراف المتحاربة إلى الطاولة. من خلال هذه الجولة الأولى، هل تتوقع عودة للمفاوضات؟ وكيف؟
يبدو أن المبعوث الأممي لديه طريقته الخاصة في أن يستمع إلى جميع الأطراف، وعلى ضوء ذلك، يكوّن رؤية متكاملة، بحيث يقدمها إلى الأمم المتحدة، ومن ثم يضعها على طاولة الحوار، وهو يحاول أن يستفيد من كبوات المبعوث السابق، ويريد ألاّ يفشل. أنا اعتقد أن المفاوضات سوف تعود، والحرب لن تنتهي إلا بحل سياسي، أما استمرار الحرب، فلن يخرج بنتيجة، وسوف تتطور معاناة الشعب اليمني، لأنه وصل إلى مرحلة المجاعة والموت، والمجتمع الدولي يدرك ذلك، ويجب أن يعالج هذا الأمر بأسرع وقت، ونتمنى أن نرى حواراً جاداً، ينقذ الشعب اليمني من الأزمة والكارثة التي حلت عليه.
جماعة الرياض ما تزال تتحدث عن مرجعيات ثلاث وأسس وقرارات مجلس الأمن، وتقول إنها أسس لا بد الأخذ بها في أي مفاوضات قادمة؟ ما رأيك بهذه الأسس؟ ألا تعتقد أن الواقع تجاوزها، ويجب أن يكون الحديث السياسي والدبلوماسي قد تغير؟
هذه الأسس من الصعب العودة إليها، وإلا ماذا تعني تضحيات ثلاث سنوات من الحرب؟! لو كان الناس متفقون على هذه الأسس التي يدعون إليها، مع أنهم تجاوزا الأساس الرئيس، الذي شكل قاسماً مشتركاً لليمنيين، وتمثل باتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهو كان خلاصة للمرجعيات، وكان خلاصة للمبادرة الخليجية وللحوار الوطني. أما المرجعيات الثلاث، وخاصة القرار 2216، لم يكن منطقياً من أساسه، بل كان دافعاً لهذه الحرب واستمراريتها. والواقع الآن تغير بشكل كبير، ولم يعد لهذه المرجعيات أساس، والمجتمع الدولي يدرك ذلك.
سوريا هي الأخرى تتعرض لعدوان كبير ومؤامرات، وقد تعرضت لهجمات وعدوان ثلاثي قبل أيام… أنت كسفير لليمن في سوريا، ما هو الجديد في هذا الملف، وما رأيك بما يجري؟
العدوان الثلاثي كان سببه تهديدات كثيرة، والسبب الرئيسي، هو الانتصارات الكبيرة التي يحرزها الجيش العربي السوري، خصوصاً عندما استطاع أن يطوي ملف الحرب تماماً، وتجاوزها، وكانت القوى الداعمة للإرهاب، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني وفرنسا، ومن خلفهم الممول السعودي والقطري، وغيرها من دول الخليج، التي تخشى من أن يطوى ملف دمشق بالكامل، شعروا بالرعب، بعد التقدم الكامل الذي أحرز في الغوطة الشرقية، وبقي جيش الإسلام، ورقة تفاوض بها منصة الرياض، فعندما انتهى جيش الإسلام في دوما، والذي كان يعتبر الخنجر الذي يهدد به النظام السوري، ويهدد به العاصمة دمشق خلال استهدافها للقذائف الصاروخية، التي تستهدف المدنيين بشكل كامل، هذه أيضاً دوافع للعدوان، عندما وجدوا أن قواهم وأرواقهم تسقط، لم يكن أمامهم غير تمثيلية الكيماوي، التي عجلوا فيها قبل أن تأتي لجنة الخبراء الدوليين.
أنتم كسفير لليمن في دمشق؟ ما هو موقفكم مما تتعرض له سوريا؟ وما هو تقييمكم لهذا الملف؟
اليمنيون بأكملهم سواء في الداخل أو في الخارج، يقفون إلى جانب سوريا، وضد هذا العدوان، وموقفنا واضح، وكان هناك بيان من وزارة الخارجية من قبل المهندس هشام شرف، إلى نائب رئيس الوزراء وليد المعلم، ورسالة من رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد، إلى الرئيس بشار الأسد، كان هذا الموقف اليمني واضح وداعم. وتقييمنا لهذا الملف أن سوريا تمضي إلى الأمام، وهذا الملف طويت صفحاته، ولم يتبقى إلا تقرير الخبراء الدوليين، وهنا تكتشف فضائح العدوان، مثلما انكشفت كذبة الكيماوي أو الأسلحة النووية في العراق.
هناك من يربط ما تعرضت له سوريا قبل أيام، بالزيارات التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان إلى أمريكا وفرنسا وبريطانيا. هل هناك علاقة فعلاً بين العدوان والجولة؟ وهل ما حصل مدفوع القيمة والتكلفة؟
دفع محمد بن سلمان في جولته إلى الدول الثلاث، ثمن العدوان على سوريا. وقضية دفع الثمن أو التكلفة طرحا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ قالها بصريح العبارة إنه سيسحب القوات الأمريكية من سوريا. وأن على السعودية إذا ما أرادت بقائها أن تدفع. هو بهذا التصريح يكشف أن أي عملية عسكرية في سوريا، على الرياض أن تتحمل تكاليفها. وهذا ما حدث بالفعل.
هناك من يربط انفراجه الأزمة اليمنية بانفراجه الأزمة السورية؟ والبعض يتحدث عن مقايضات بشأن الملفان اليمني والسوري. ما حقيقة هذا الطرح وما طبيعته؟
إذا انفرجت الأزمة في سوريا، ستخفف على اليمن في أزمته، لأن الأولى تأخذ حيزاً كبيراً من الإعلام والإهتمام الدولي. وعندما تنفرج في سوريا، ستسلط الأضواء إلى اليمن، وأيضاً ستتضح معالم الإجرام في اليمن أكثر للعالم. لذلك، مملكة آل سعود تعمل على أن تظل الأزمة في سوريا قائمة، لكي تغطي على جرائمها في اليمن، ولكي يبقى العالم مهتماً بسوريا، على أن يبقى اليمن استثناءً. هذا هو ما تهدف إليه السياسية السعودية والأمريكية والإسرائيلية. وهناك أيضاً نوع من المقايضات تحصل، ولو انتصر النظام السوري سوف يطوى هذا الملف.
ما هي توقعاتك للحرب في كل من سوريا واليمن؟ وما مصير الحلول السياسية التي تطرح لكل منهما؟
الحرب في سوريا في مراحلها الأخيرة، وهي القضاء على الإرهاب. وأصبحت المواجهة الىن مع الدول التي كانت تحلم بتقسم سوريا، لأن الصراع لم يكن من أجل ثورة. تماماً كما في اليمن، الصراع من أحل الغاز الموجود في المتوسط. في سوريا، كل طرف يريد أن يأخذ نصيبه من الكعكة، لكن أوراق (خصوم سوريا) صارت ضعيفة، خصوصاً ممولي الإرهاب، من أمريكا إلى تركيا والسعودية وبريطانيا وفرنسا. الحرب في اليمن لن تستمر كثيراً. ولا بد من الحلول السياسية أن تطرح وتفرض. يبدو الأمر معقداً لكن الإنفراج في سوريا سوف يسهّل انفراج الأزمة في اليمن بإذن الله.
رسالتك الأخيرة ولمن توجهها؟
الرسالة الأخيرة أوجهها أولاً إلى موقع «العربي»، وأشكره على هذا التواصل، ومن ثم إلى حكومة الإنقاذ الوطني، وأيضاً إلى المجلس السياسي الأعلى. عليكم أن تستدركوا واقع المواطن اليمني، فالمواطن اليمني يعاني الكثير، وحل أزماته ورواتبه هي الانتصار الحقيقي في مواجهة العدوان.
وسيكون له تأثير كبير، والصواريخ تدك معاقلهم، والفساد يجب أن يحارب، والمواطن يجب أن يكون ضمن الالتفات، وأيضاً الانفتاح الكبير مع الخارج، والتعامل مع الخارج هو قائم على مصالح، ويجب أن نتعامل مع المجتمع الدولي بناءً على تبادل المصالح، ولن يقف معك أحد من دون أن يكون له مصلحة، ولكن يجب أن يتم ذلك بحيث لا تتعارض مع السيادة اليمنية، وهي مصالح متبادلة ومشتركة، كما هو حاصل بين جميع بلدان العالم.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.