بين التعاطي الخليجي مع انقلاب حركتَــي طلبان.. والحوثي ثمة مفارقات
يمنات
صلاح السقلدي
في نهاية عام 1996م سيطرتْ حركة طالبان الأفغانية المصنّــفة على نطاقٍ واسع بالعالم بحركة إرهابية, والمدعومة من تنظيم القاعدة المتشدد- بقيادة الشيخ أسامه بن دلان,على الحكم في كابول وعموم افغانستان عن طريق القوة المسلحة” بعد هزيمتها وطردها للسلطة الحاكمة المعترف بها دولياً -حينها- برئاسة “برهان الدين رباني”. ومن حينها وحتى إسقاطها أمريكياً في 2001م على خلفية العمل الإرهابي الذي طاول بُــرجَــيّ نيويورك لم تحظ إلّا بأي اعترف سياسي سوى من بضعة دول إقليمية منها: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أيار مايو 1997م.!
..وبهذا تكون المفارقة العجيبة في أوضح صورها-ونحن هنا بصدد الحديث عما يدور اليوم باليمن من حرب شاملة عنوانها المعلن القضاء على الانقلابين وإعادة الشرعية الى الحكم بصنعاء- أن الدولتين العربيتين” السعودية والإمارات” اللتان اعترفتا بحكومة طالبان التي اغتصبتْ الحكم بطريقة انقلابية من السلطة الشرعية المعترف بها دوليا في كابول,سلطة الرئيس “رباني” هي ذاتها الدولتان اللتان تخوضان اليوم باليمن حرباً ضروسا منذ أكثر من ثلاثة أعوام بدعوى محاربة الانقلابين” الحوثيين” وإعادة السلطة الشرعية للحكم في صنعاء سلطة الرئيس هادي.!
ففوق أن الاعتراف بحركة مسجلة بقائمة الإرهاب – على الأقل بالقائمة الأمريكية والغربية- كحركة طالبان, ينطوي عليه آثاراً خطيرة أمنيا وسياسيا على المنطقة والعالم, ويضع صاحبه في زاوية ضيقة خصوصا حين يتحدث عن ضرورة مكافحة الإرهاب, ورفض الانقلابات العسكرية, ناهيك عن خطره” الاعتراف” البالغ عن المنطقة برمتها كونه يمثل إرهابا من خلف الستار ويضع أصحابه في مربع تهمة دعم الإرهاب دعما مباشرا, فأنه في ذات الوقت يمثّــلَ دعماً واعترافا بسلطة انقلابية اغتصبت الحكم السياسي بقوة الحديد والنار من سلطة شرعية معترفا بها شعبيا ودوليا,مما يعني هذا بالضرورة أيضا تشجيعا صريحا على أسلوب اغتصاب السلطة بالقوة, وتحفيزا على طريقة الاحتكام للسلاح بالوصول للحكم.
وبهذا يكون الاعتراف السياسي السعودي الإماراتي بحكومة طالبان قد حمَــلَ خطأً جسيما ومتناقض – وفقا لمبرر ومفهوم الحرب التي تخوضها الدولتان باليمن , فضلاً عن أنه اعترافا لم يقتصر فقط على البُــعد السياسي والتطلع نحو تحقيق المصالح والأطماع الاقتصادية والاستحواذ على الجفرافيا اليمنية شمالا وجنوبا, فهو اعتراف مركب: فهو في الوقت الذي يشّــجع تشجيعا سياسيا صريحا على السيطرة على مقاليد السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية, فأنه يشجّع حركة ارهابية-يشكل وصولها للحكم خطرا على الساحتين الإقليمية والدولية- على اغتصاب السلطة,ما يعني بالضرورة تشجيعا ودعما للتطرف باسم الدين وتأييدا ولو بشكل غير مباشر للحركات الإرهابية التي تعتمد اسلوب الإرهابي من قتل وتفجير انتحارية ومذابج وبطش باسم الدين,باسم الدين والطائفة,كما هو باسم الوطن والوطنية.
فأن أسقطنا ما جرى في افغانستان بالأمس,على ما يجري باليمن اليوم.ففي أفغانستان كانت ثمة سلطة سياسية حاكمة معترف بها دولياً, تم اسقاطها من قِــبلِ حركة سياسية مؤدلجة عن طريق العمل الإنقلابي العسكري, وأحجم العالم عن تأييد حكومتها باستثناء بضع دول أقليمية. وفي اليمن كانت هناك سلطة شرعية قائمة ” سلطة الرئيس هادي” تم أسقاطها من قبل حركة” الحركة الحوثية وقوات الرئيس السابق صالح” عن طريق العمل العسكري.مع فارق أن الحركة الأولى” طالبان” حركة تعتمد على اسلوب الإرهاب الذي عصف بالعالم اليوم وعلى ثقة وثيقة فكريا وعسكريا وسياسيا مع حركات ارهابية كثيرة كالقاعدة وداعش وبعض الجماعات السلفية الجهادية المنتشرة بأفغانستان حتى غرب افريقيا مرورا بنيجيريا وسيناء وليبيا.
و على ما تقدم يتضح جلياً أن ثمة معيار مزدوج وطريقة متناقضة تعاملت وتتعامل بها السعودية والإمارات بالشأن الإفغاني واليمني,مما يعني بالضرورة أن الحرب باليمن لا علاقة لها البتة بموضوع انقلاب وسلطة شرعية ولا حتى بالنفوذ الإيراني” المفترض” باليمن. وأن المسألة بمرتها مرتبطة بتحقيق تطلعات اقتصادية وسيطرة عسكرية سعودية إمارتية باليمن,ناهيك عن هدف احتواء اليمن كدولة تمتلك كل أسباب القوة التي تحولها الى دولة قوية بالمنطقة قد تشكل وفق الرهاب اليمني المسيطر على العقل السياسي السعودي منذ عقود خطرا على مستقبل المملكة واسرتها الحاكمة ,وعلى البوابة الجنوبية السعودية بالذات إن هي أي اليمن شهدتْ حالة استقرار سياسي . كما أن هذه الحرب لا علاقة لها بمسألة مكافحة الإرهاب أو بكبح جماح الحركات الطائفية كما تقول السعودية بشأن حركة الحوثية الشيعية, وهي أي السعودية التي اعترفت بحركة طالبان الإرهابية النسخة الأصلية للقاعدة بالأمس, وداعش باليوم, وإلا لكان العالم قد شهد عاصفة حزم سعودية خليجية منذ عام 2003م باتجاه جنوب العراق الشيعي الذي يزخر بملايين الشيعة وكبار المرجعيات والحوزات, و فضلاً عن الوجود الإيراني الفعلي هناك بكل صوره عسكري سياسي استخباراتي اقتصادي فكري.
كما و أن العالم كان قد شهد قبل هذا عاصفة حزم إماراتية خليجية صوب الجزر الإمارتية التي تحتلها أيران بالخليج” طمب الكبرى والصغرى وأبو موسى”.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.