اليمن .. بين اختلال الداخل واحتلال الخارج
يمنات
صلاح السقلدي
لا شك أن لحزب الإصلاح اليمني “إخوان اليمن” والفئة الجنوبية النفعية المحيطة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي دوراً لا بأس بصنع الحراك الشعبي في محافظة” المهرة” ضد التواجد العسكري والنفوذ الإماراتي المتنامي هناك منذ عام ونصف تقريباً والذي تلاه بأشهر تواجد سعودي كثيف بتلك المحافظة الواقعة جنوب شرق البلاد على حدود سلطنة عُــمان, ولكن المؤكد أيضاً أن ثمة رفض شعبي تلقائي لأي حضور عسكري غير وطني هناك, سيما حين يكون هذا التواجد غير واضح الأهداف ومريب التصرفات, ويكــرّس نفوذه بشكل فج دون أي اكتراث لأصحاب الأرض أو أخذ الأذن منهم ولو من باب التأدب, وحين يكون هذا الوجود العسكري معززا بجماعات دينية متطرفة عنيفة الفكر والفعل وتسعى الى ترسيخ موطئ قدم لها في محافظة مسالمة -كمحافظة المهرة- كانت الى قبل عام 2015م وهو عام الحرب التي أعلنتها الرياض ضد قوات الرئيس السابق صالح والحركة الحوثية” أنصار الله ” بعيدة عن أفكار التطرف وعبث الجماعات المتشددة, وتحاول أي هذه الجماعات بدعم سعودي إماراتي الى تشييد مراكز دينية متشددة في المحافظة كنسخة لمراكز السلفية الجهادية المثيرة للجدل بعدة محافظات, وأبرزها وأشدها خطورة تلك التي ظلت لعقود في محافظة صعدة شمال غرب اليمن باسم مركز “دماج السلفي”الذي تم غرسه بأموال وبأفكار السلفية الجهادية ذات الفكر الوهابي الخطيرة وما ترتب على ذلك من فتن وتداعيات دامية ضربت صميم المجتمع في مقتل.
هذه المراكز الدينية التي يتم التحضير لها بالمهرة من قبل السعودية والإمارات كان وما زال الغرض منها بدرجة أساسية زرع مخالب طائفية ناشبة بظهر سلطة عُــمان ,التي ترى فيها الرياض وأبو ظبي دولة متمردة ,تدور في الفلك الإيراني,يمكن تأديبها بالسوط الطائفي السلفي الجهادي, هذا التيار الجهادي الذي يرى فيها “عُـــمان” دولة واقعة تحت سيطرة المذهب الأباضي الضال يجب تخليصها منه….كما أن غرس هذه الجماعات في المهرة سيمثل بالنسبة للسعودية والإمارات مستقبلاً التُــرس والمتراس بوجه أي تيارات سياسية يمنية كاليسارية المتغلغلة بالمجتمع الجنوبي اليمني أو الجماعات الدينية التي لا تروق للرياض وأبو ظبي سياساً ولا فكريا كحركة الإخوان المسلمين والحركة الزيدية الحوثية والصوفية وغيرها, وبوجه أية قوى أخرى تناهض الوجود الخليجي التواق دوماً الى جعل اليمن مستعمرته الخلفية التي يمرر من خلالها نفطه الى الأسواق العالمية( هروبا من شبح مضيق هرمز) ويسيطر على موانئها وجُــزرها وقدراتها الطبيعية والبشرية الهائلة شمالا وجنوباً ضمن الطموح الخليجي بعيد المدى في المنطقة وبالذات في القرن الأفريقي وبحر العرب والأحمر.
هذا الوجود العسكري السعودي الإمارتي في المهرة أتى بعد تمهيد إعلامي واسع النطاق تحت مسمى التصدي لتهريب الصواريخ البالستية الإيرانية التي تهرب عبر عمان للحوثيين.وبرغم سذاجة هذا المبرر وصعوبة تصديقه فقد استطاعت السعودية والإمارات ارسال الآلاف من جنودهما وعتادهما وجماعاتهما الدينية المؤدلجة الى تلك المحافظة ,وتموضعتْ تلك القوات بعاصمة المحافظة وما تزال تتوافد بكل أريحية الى مَنفذيْ شحن وصرفيت وميناء نِشْطون ومطار الغيضة الدولي وغيرها، في وقت ولم نعد نسمع فيه أي حديث عن تهريب صواريخ بالستية مزعومة بعد أن قضت هذه الدول وِطرها من هذه المحافظة ومن اليمن عموما ورسخت قواعدها فيها بكثافة حتى توشك هذه المحافظة على التخمة العسكرية في ظل مجاعة مروعة.
قد يقول قائل: لماذا حزب الإصلاح “إخوان اليمن” والفئة الجنوبية المحيطة بالرئيس هادي تقف بوجه هذا التواجد العسكري في المهرة وهما شركاء مع الإمارات والسعودية في خندق واحد ضد الحركة الحوثية, وكيف لهذا الحزب وهذه الفئة الجنوبية أن يتحدثا عن السيادة اليمنية في محافظة المهرة دون سواها من المحافظات؟. الجواب أن حزب الاصلاح المدعوم قطريا يخوض حربه الإعلامية والجماهيرية في المهرة بشكل انتقائي مضطرب ضد الوجود الإمارات بدرجة أساسية ,على خلفية الخصومة المستمرة بينهما جرّاء الأزمة الخليجية المستعرة التي تقف دولة قطر أحد قطبيها, فكلما بالأمر ان التنافس الإخواني الإمارتي في السيطرة على الأرض هو بيت القصيد في هذا السجال.أما الفئة الجنوبية النفعية المحيطة بالرئيس هادي في تناصب الإمارات الخصومة كون هذه الأخيرة تدعم القوى الجنوبية الغير موالية لهادي كالمجلس الانتقالي الجنوبي خشية أن يسحب من تحتها بسلط العيش الرغيد,وبالتالي فهذه الفئة الجنوبية ترى في أي تقويض للدور الإمارتي تقويضا للقوى الجنوبية الغير موالية لهادي وتقوية للرئيس الذي يغدق عليها بالأموال والمناصب.
أما بخصوص السيادة اليمنية التي تنتهكها الإمارات بالمهرة والتي يندد بها حزب الاصلاح والفئة الجنوبية المحيطة بهادي بشكل مضطرب ومتناقض فهي ليست أكثر من كلمة حق أريد بها الظفر بمكاسب ومصالح حزبية وشخصية نفعية بحت. فحزب الاصلاح وهذه الفئة النفعية الجنوبية هما من أوائل القوى اليمنية التي رحبت بالتدخل العسكري الإماراتي السعودي باليمن عام 2015م بل وطالبت كل جيوش العالم للقدوم الى بلادها واستعادة سلطتها المفقودة,وأكثرها ترحيبا بانتهاك السيادة اليمنية والدوس عليها تحت جنازير العربات الإماراتية, وهي من أوائل القوى التي أيدت إعلان مجلس الأمن تطبيق الفصل السابع على بلادها, في حالة نادرة ومخزية بالتاريخ…فهذه القوى التي ترى بالقوات العسكرية الإماراتية في محافظة مأرب “معقل الإخوان” قوات تحرير, وفي المهرة وعدن قوات احتلال ليست مؤهلة للحديث عن السيادة أبدا, فمن يفعل كل هذا يكون من السخف تصديقه وهو تتحدث عن الكرامة والسيادة ورفض التدخلات الخارجية. نقول هذا من واقع تجارب متكررة متناقضة وخطابات ديماغوجية أنانية ضحلة التفكير نشاهدها كل يوم تقريبا من هذه القوى المختلة القول والفعل.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.