كهنة الفيسبوك (1)
يمنات
ماجد زايد
للوهلة الأولى قد يبدو لنا أن بعض الأشياء الدقيقة عديمة الفائدة، في الواقع هي ذات أهمية بالغة البديهية، قد تبدو من جهة نقطة بناء لمعارفنا وطريقتنا أمام الأخرين، ومن جهة أخرى كنقطة بادئة لكل أخطائنا وأزمنة إنحطاطنا سوءاً.
الجمعة الفائتة عند الثامنة مساءاً وصلتني رسالة من إمرأة تستغيث على أطفالها الأربعة الذين يتضورون جوعاً في منزلهم الفقير، أوجعتني الرسالة وجعلتني أنشرها لكم هنا في صفحتي قائلاً أنني بلا حيلة أمامها، كان نوعاً من الهروب الإنساني إليكم، بعد وقت قصير وصلتني الكثير من الرسائل التي تبدي رغبتها في التصدق الإنساني لتلك الأسرة وفعلاً قمنا بأعطائم الأشياء اللازمة خلال وقت قصير.
أنا حقاً لم أكن أتوقع كمية التجاوب والرسائل والأتصالات التي وصلتني، تسائت الى صديقي عنها، لن تصدق يا يزن عدد الأشخاص الذين أرسلوا لي وأعتذرت منهم ، قبلت شخصين فقط من قائمة العروض وأوصلتهم لبيت المرأة ليعطوها ما شائوا، والبقية أخبرتهم أننا مكتفيين وتشكرت لهم أرواحهم الطيبة، قال شعبنا عظيم وعاطفي، عاطفته تغشى كل التفاصيل، ماذا عن الأخرين !! هل هم صادقين فعلاً !!
قررت بعد هذه التجربة لن أعود لمثلها، أنا لست بحجم هذه المسئولية على الأطلاق، هذه الأمور حين تزداد لا تصبح بريئة، تصنع منك بطلاً إنسانياً ولا أحد يسألك شيئاً، رادع الضمير لا يكفي والأخلاص لا يكتمل، ماذا عنك يا صديقي.. لا حدود لهذه الأمور مع تزايدها المهول في مواقع التواصل الإجتماعي.
أحد الأصدقاء في الفيسبوك صرخ:
أنهم يسرقون الفقراء هنا أمام أعيننا !!!
كان يتحدث عن جامعي التبرعات للفقراء في الفيسبوك، عن كمال طماح وخلود عبدالله على وجه الخصوص، رجل وأمرأة صنعوا من نفسيهما بطلين عظيمين وجميع المصفقين في قاعة العرض هم من يدفعون لهما أموال ذلك، لا أحد يسأل بعد ذلك عن مصير الأموال، أين ذهبت وفيم صرفت ومن هم المستفيدين !!
لو بحثنا في متون الثقافات الإنسانية عن مصطلح الشفافية لما وجدنا معاني تقابلها أكثر قربا لها من كلمة الأمانة – الصدق – الإخلاص – العدالة ، والشفافية بمعناها المستعار.
الشفافية مبدأ خلق بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال الحالية متاحة ومنظورة ومفهومة وبشكل أكثر تحديداً ومنهج توفير للمعلومات، وجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمجتمع معلومة من خلال النشر في الوقت المناسب والانفتاح لكل الأطراف ذوي العلاقة.
الشفافية هي نقيض الغموض أو السرية في العمل ، وتعني توفير المعلومات الكاملة.
بالمناسبة:
كلنا فاسدون لا استثني احداً حتى بالصمت العاجز .. كما يقول زكي في ضد الحكومة.
بالأمس فقط تسائل صديقي بندر عياش في صفحته عن علاقة خلود عبدالله بـ كمال طماح.
علاقة الفتاة التي تقول أنها تعيش في روسيا بـ كمال طماح الشاب الكومبارس المشهور مسرحياً وفيسبوكياً وفي جمع التبرعات من المغتربين، شكك بندر فيهما خصوصاً مع بروز عوامل الأزدواجية في حسابيهما وطريقة حديتهما، نفس الميكانيزم في جمع التبرعات الفيسبوكية مع نفس الأسلوب في ترويج سلعة الفقراء في الفيسبوك.
علاقة غير واضحة بتاتاً، إستطاع كمال منح خلود خمسين الف متابع من متابعيه النصف مليون خلال عام واحد فقط، كمال يشكر خلود في صفحته عن تجاوبها الإنساني وتواضعها وذوقها الرفيع، وخلود تزف أسمى أيات العرفان لـ كمال طماح الشاب اليمني العظيم وملك الإنسانية الأول وتضع صورته أعلى حائطها بمناسبة أختياره شخصية العام 2018.
في ثنايا صفحتيهما نغمة واحد وتشابه مُريب لا يخفى عن المتأمل للنصوص.
بعد تشكيك بندر ذهبت بنفسي وسألت خلود عن ذلك وطلبت تاكيداً عن سبب تلقيها للتحويلات المالية عن طريق المري للصرافة بصنعاء في نفس الوقت الذي تقول فيه أنها تعيش في روسيا، كمال أيضاً دعوناه ليقول شيئاً لكنهما طفقا يخصفان علينا من لسانيهما مبررات واهية وأعذار سخيفة وفي النهاية تهربا وذهب كل شخص منا في حاله، ذهب كمال ليناجي ربه، يارب أن هناك من جمعوا قوتهم وسخروا أقلامهم ضدي رغم أني لم أمسهم بسوء وأنا يارب قد جمعت لهم قوتي بدعائك فاستجب لدعوتي وأنصرني عليهم، خلود أيضاً ذهبت لجمهورها وقالت وكلت أمري الى الله حسبي الله عليهم ونعم الوكيل.
لقد غزوناهم في عقر دارهم وأغتصبنا كل من في المدينة، لا بل ودمرنا الأخلاق وقتلنا صغار القبيلة، هذا ما بدا لي من إستجارتهما المتشابهة وطريقتها في تسويق نفسيهما ضد أيّاً كان قد يقول عليهما شيء أو يتسائل في حضرتهما شيئاً !!
كان طلبنا منهما من كبائر الذنوب، الصالحين من الناس لا يثبتون الشكوك ولا يحسمونها، قد عصمهما الله حتى من السؤال.
عجيب جداً أمر جرائتنا عليهما !!!
منبر الإنسانية قلبها الصامت لاعقلها الثرثار ، هكذا أجاب جبران خليل حين سُئل عن الأشخاص الذين أهلكوا الناس بطريقتهم في الحديث عن الإنسانية.
كمال طماح أو الكمبارس المسرحي، سوق نفسه في الفترة الأخيرة بطلاً إنسانياً ومنقذاً معيشياً للفقراء، لقد جلب الطعام والحليب والخبز للفقراء ، لقد كسى الأطفال وبنى المخابز وشّيد خزانات المياة ولا زال يجمع التبرعات ولن يتوقف وسينتصر للأخلاق والله أكبر، لقد كرموه وقالوا عنه الشخصية الشابة الأولى وعمله الإنساني لا تقوم به حتى المنظمات والكثير الكثير.
نحن نصنع لصوص مقدسين بأيدينا وأموالنا ومن ثم نصفق لهم ولا أحد منا يسألهم عن شيء.
في المجتمع اليمني يقولون “المال السايب يعلم أهله السرقة” وهنا أنا لا أعني أن كمال سارق، لا ، في الحقيقة كمال لص ذكي عرف كيف يسوق نفسه ويترزق بطريقة نبيلة، ملايين الريالات بالأضافة الى مشاريع كبيرة في المأوى والمعيشة والسكن والووش والغذاء وفي عدة محافظات دون تقرير واحد عن تفاصيل مالية لما يدور !! هذا يسمى فساد ولصوصية ، ليس في يدي أوراق لتثبت ذلك ولكنها علامة إستغراب كبيرة تحولت مع تزايدها ونموها الى أحتياج إضطراري لأن يكون المسمى المقارن بالقرب منه فتاة تجلب تحويلات وموارد مالية أضخم وأكبر، فتاة أسمها خلود عبدالله يديرها عقل واحد أسمه كمال طماح.
في المعيار الإنساني الأدنى ومعيار أسفير الذي يُسير وينظم أغلب برامج الإغاثة الإنسانية على مستوى العالم ينص أهم البنود الأساسية فيه على الشفافية والوضوح والكفائه، يجب أن تكون على مستوى كفائي يليق بما تخطط للقيام به، لا حاجة للطريقة الفردية في العمل الإنساني لأن ذلك يسمى تسويق شخصي أبعد ما يكون من الجانب الإنساني.
العمل الإنساني الذي يراعي قدرات السكان وإحتياجاتهم ويضمن أساسيات التنسيق والتعاون والتقدير والإستجابة والتصميم وأفراغ كل ذلك في تقارير عملية واضحة ومتاحة للمانحين والمستفيدين والمراقبين، تلك هي أقل ما يجب توافره في أي عمل يُراد منا تسميته إنساني على السواء وما سواه فليس أقل من تسويق شخصاني.
كمال طماح تحول من ممثل كمبارس الى أستاذ أصلاحي يجمع التبرعات ويلقي المواعظ على طريقة محمود حسونة، طريقة الواعظون المنتفعون المنافقون المنتفخون الذين ينذرون البائسين المساكين ، ويهللون و يوقرون ويغتبطون الأقوياء الظالمين ، منطق عجيب !! لقد اعتاد هؤلاء رؤية الناس تحفهم وتزفهم نفاقا، فظنوا أنهم على حق وأنهم أولياء صالحون في خدمة المصلحة العامة، بل ذابوا في ذلك ، لقد خُدعوهم أيضا وداروا في حلقة مفرغة لا نهاية لها ، فهم يسرقون الفقراء ، فيصفق الفقراء لهم نفاقا و تزلفا ودرءاً ، فيظنون أنهم محبوبون عظماء والناس توقرهم و تحترمهم ، فيزداد تصديقهم لأنفسهم !!
وفي الحقيقة:
هناك فرق كبير بين الإحساس بالفقر وبين الوعي بالفقر
يقول جان جاك روسو : “ليس الظلم ما يدعوا لاضطراب المجتمع ، وإنما الوعي بالظلم “
أخيراً..
هي دعوة لوضع حد لوباء التبرعات الملوث بالغموض من قبل المعنيين بالأمر، دعوة لتفعيل مبادئ الشفافية وأخلاء المسوليات عن كل شيء غامض له صلة بحقوق الفقراء.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.