الحديدة .. معركة «التحالف الخاسرة»
الإمارات لا تريد للحوار أن ينجح، لتنفيذ أهدافها الرئيسية التي اتضحت منذ سيطرتها على ميناء المخا ومن ثم سقطرى وشبوة
يمنات
معاذ منصر
هي ليست المرة الأولى ربما التي يعود فيها «التحالف» إلى التصعيد العسكري، تحت عنوان الضغط على حركة «أنصار الله» للذهاب نحو المفاوضات. في الحقيقة وطبقا للشواهد ومعلومات «العربي»، فإن «التحالف» وكلما عاد إلى التصعيد العسكري خصوصا في الساحل الغربي والمناطق الحيوية، يحاول أن يحقق اختراقاً باتجاه البحر والموانئ والمنافذ، التي يعتقد أنه بغير تحقيق أي تواجد له فيها، فإن لا لا معنى لمشاركته في هذه الحرب، وسيكون من دون أي هدف أو إنجاز، وتظهر أبو ظبي في واجهة هذا المشروع الذي يصطدم حاليا بصمود ومقاومة ومعارضة سياسية على كل المستويات.
مصادر سياسية في جنيف، كشفت لـ«العربي»، أن «أبو ظبي كانت تشعر بقلق بالغ منذ أن بدأت الأنظار تتجه نحو جنيف بجدية، فالإمارات لا تريد للحوار أن ينجح، لأن الحوار لا يعني لها شيء، وسيقطع الطريق أمام محاولاتها في تنفيذ أهدافها الرئيسية التي اتضحت منذ سيطرتها على ميناء المخا ومن ثم سقطرى وشبوة، وهي الان عيونها على البحر الأحمر، وكلما فشلت المحاولات في تحقيق تقدم بهذا الاتجاه تحاول أن تكرر المحاولة تحت عناوين مختلفة».
وأكدت أن «أبو ظبي حاولت وبكل السبل أن تدفع بـ جنيف3 إلى الفشل بطريقة إعاقة طائرة وفد صنعاء التفاوضي، وذلك من شأن أن يكون أمر عودتها إلى إشعال جبهة الحديدة أمراً ممكناً ومبرراً، وهو ما حدث». ولفتت المصادر، إلى أن المبعوث الأممي كان مدركا لهذه الخطوات، والتي على إثرها شعر بالإحباط.
مراوغة «التحالف» و«الشرعية»
المصادر السياسية والدبلوماسية التي كانت متواجدة حينها في جنيف، كشفت لـ«العربي»، عن أن «المبعوث تأكد من عدم جدية التحالف والحكومة الشرعية بالمفاوضات، وذلك أثناء لقائه بوفد الشرعية في يوم 6 سبتمبر، حيث طلب منهم رؤيتهم لملف المعتقلين والسجناء، ولكنهم برروا أنهم لن يقدموا رؤيتهم حتى يأتي وفد صنعاء، واتضح للمبعوث أن الحكومة قدمت إلى جنيف بدون رؤية والافشال هو ما كانوا يعملون عليه».
وأكدت المصادر المقربة من مكتب جريفيث، أن «التحالف لم يكن جادا في إنجاح الحوار في جنيف، وأنه لو كان الحوثيون هم من عرقلوا اللقاء، كان المبعوث سيظهر غاضبا عليهم وكان سيوجه لهم الاتهام بشكل مباشر».
المعطيات على مستوى هذا الملف، تؤكد بأن الطرف الذي ذهب نحو استئناف القتال في الساحل وتحريك جبهة الحديدة من جديد، هو من كان يقف وراء إفشال جنيف. وكما لو أن السيناريو كان جاهزا، يعلن المبعوث تعليق المشاورات، فيذهب هذا الطرف نحو استئناف معركته التي يعتقد أنه بإمكانه أن يكسبها ولكن الواقع يخذله كل مرة.
الرسالة
بعد فشل «جنيف3»، أعلن المبعوث الأممي «أنه سيقوم بجولة جديدة الى المنطقة ستشمل مسقط وصنعاء، مؤكدا على أنه لا يمكن السباق بين الحلول العسكرية والحلول السياسية في اليمن، وأن استئناف المفاوضات هو المخرج الجيد والوحيد». في حين ذهب «التحالف»، وتحديدا أبو ظبي، نحو إشعال المعركة في الساحل، وبعد أسبوع من تعريض المدنيين للقتل والدمار والحصار ومعارك الكر والفر وعدم قدرة أبو ظبي على تحقيق أي نصر، توجهت هذه الأخيرة برسالة إلى مجلس الامن الدولي مساء أمس السبت، تؤكد فيها مضي «التحالف» في دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، تماشياً مع القرارات الأممية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
وأكدت الرسالة على «إيمان التحالف بأهمية الانخراط في العملية التفاوضية السياسية لإحراز السلام والأمن المرجوين في اليمن». واعتبرت أبو ظبي أن «الإجراءات العسكرية يجب أن تكون آخر الخيارات من وجهة نظر التحالف، إلا أن تحرير الحديدة أصبح أمراً ضرورياً من أجل ضمان انخراط الحوثيين ثانية في محادثات السلام».
وأضافت أنه «من أجل تحقيق هذا الغرض، ستقوم قوات حكومة اليمن بدعم من التحالف، بتكثيف عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في منطقة الحديدة، والجبهات الأخرى، وهي عمليات محسوبة بإمعان لتحقيق غرض واضح، ألا وهو بدء العملية السياسية مجدداً».
توجيه أبو ظبي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، يقول عنها مراقبون أنها «دليلاً واضحاً على أن أبو ظبي هي من تقود معركة الحديدة، وإلا لماذا لم يتم توجيه الرسالة من قيادة التحالف العربي، أو من قبل الحكومة الشرعية؟». إضافة إلى هذا الدليل، هناك تصريحات المسؤولين عن معركة الحديدة، بينهم وزير خارجية الامارات أنور قرقاش، الذي يغرد بين اليوم والأخر بشأن معركة الحديدة.
صنعاء والضغط المقابل
وبالعودة إلى إمكانية أن تمثل معركة الحديدة ضغطاً على حركة «أنصار الله» للذهاب نحو المفاوضات، تؤكد الحركة أنهم أساساً «لم يرفضوا الذهاب الى جنيف، وأن التحالف هو من عرقل وصول الوفد الوطني التفاوضي».
أما عن الخطاب الأخير لقائد الحركة عبد الملك الحوثي، ففيه أكد «أنهم طلبوا ان يتم الاشراف على خروج الوفد من صنعاء من قبل روسيا أو الكويت أو عمان، إلا أن التحالف هو من عرقل خروج الوفد لأنه أساسا لم يكن جادا في الذهاب نحو التفاوض والحوار». ولذا تبدو مبررات أبو ظبي في اشعال معركة الحديدة بمثابة اللعب المكشوف واللعب في دائرة مفرغة.
وفي ما يتعلق بموقف حركة «أنصار الله»، تقول مصادر سياسية في صنعاء في حديثها إلى «العربي»، «أنهم مستعدون لمواجهة أي خيار يختاره العدو، فإذا هو مستعد للسلام فالحركة جاهزة للسلام وفي حين اختاروا الحرب فإنهم مستعدون للحرب».
قبل يومين، التقى رئيس «الوفد الوطني» (وفد صنعاء) محمد عبد السلام وعضو الوفد عبد الملك العجري، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، ونائبه معين شريم، ومساعديه في العاصمة العمانية مسقط. حيث ناقش اللقاء «الوضع السياسي وإطار الحل الشامل والأزمة الإنسانية، والاقتصادية، التي تسبب بها الحصار»، طبقا لعضو الوفد عبد الملك العجري.
عبد السلام، لخص لقاء مسقط في منشور له على صفحته عبر موقع «فايسبوك»، قال فيه: «خلاصة لقاء مسقط مع المبعوث الدولي: مسار سلام متعثر وقيود اقتصادية وأزمة إنسانية متفاقمة، وأسرى ومعتقلون، وأمّم متحدة عاجزة عن فعل شيء بسبب الغطاء الأمريكي الداعم لاستمرار العدوان والحصار باعتبار حرب اليمن بنظر واشنطن سلعة تجارية لتوفير المال وتمرير صفقة القرن».
مصادر عسكرية ميدانية، وفي حديثها إلى «العربي»، قالت إن «التحالف العربي ومنذ استأنف معركة الحديدة لم ينجح حتى الان في إحداث أي فرق في الموقف السياسي للحوثيين، ولم يحقق أي تقدم أو نصر، ومسألة أن يقدم الحوثيون تنازلات سياسية نتيجة الضغوطات العسكرية مسألة غير واردة في الميدان، لأنه في الأساس لا وجود لأي ضغوطات عسكرية سوى في قتل مدنيين وابرياء، والمعركة تتراوح بين الكر والفر، ولا صحة لما يقال عنه تقدمات وما إلى ذلك».
وقالت المصادر، إن الحقيقة على الأرض تؤكد أن «معركة الحديدة على هذا النحو تؤكد بأن الحرب باتت تدار من قبل الفاعلين الإقليميين والدوليين الذين لهم أهداف عديدة من بينها المتاجرة والابتزاز، بينما اليمنيين وعلى رأسهم الشرعية فاقدين المبادرة في التحكم بها».
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.o