تحالف الجنرال وقبائل طوق تعز .. ابتزاز وسيطرة مسلحة
يمنات
إسماعيل أبو جلال
ظلت مدينة ومحافظة تعز، طيلة العقود الأربعة الماضية من أهم المناطق التي تحظى بأولوية اهتمام القيادات العسكرية والسياسية في نظام علي عبد الله صالح، وظلت اليد الطولى فيها للفريق علي محسن الأحمر، الذي استطاع تحقيق أهداف النظام منذ سنواته الأولى، خاصة بعد نجاحه في تجييش قوى الإسلام السياسي في أوائل الثمانيات من القرن الماضي، وتفويجها في الحرب ضد قوى اليسار (الجبهة الوطنية)، وهزيمتها في مديريات شرعب وشمير وجبل حبشي، الواقعة في شمال وغرب المدينة.
علي محسن الأحمر، ظل منذ ذلك الوقت هو الممثل الأول لعلاقة هذه المناطق بالنظام وعلاقته بمختلف تيارات الإسلام السياسي على الساحة اليمنية برمتها، لذلك ظلت هذه المناطق تتصدر أولويات اهتمامه، وظلت أبرز شخصياتها القبلية والدينية والعسكرية والحزبية من أهم الشخصيات المقربة منه، باعتبارها تدين بالولاء لشخصه، قبل أي ولاءات أخرى.
واستطاعت من خلاله أيضاً تحقيق مكاسب في مناصب وزارية ودبلوماسية وعسكرية، مما جعل هذه المنطقة تتحوّل إلى منطقة سياسية وعسكرية مغلقة، لا تدار إلا بتكتم وسرية تامة من قبل النافذين من حول الجنرال علي محسن منفرداً، حرصا منه على الكم الهائل من الأسلحة التي تم نقلها من مستودعات الجيش في الجنوب، بعد انتهاء حرب صيف 1994.
وكان لعلي محسن الأحمر ولتحالفه كما يريد، وبرز ذلك جلياً في الصراع الدامي في 2011 بين القوات الموالية للرئيس السابق علي صالح، والقوات التي أقحمت تعز في حرب شوارع، تحت مبرر حماية الثوار السلميين، ثم في الحرب الأخيرة، التي بدأت في 2015، وبدا فيها قادة قبليين وعسكريين من داخل هذا التحالف كقادة للمقاومة، ونواة للجيش الوطني، الذي تم تشكيله، ليكون من أهم ركائز بقائهم والحفاظ على مصالحهم في المدينة والمحافظة.
ضمانات البقاء
بعد مضي عقود من عمر تحالف الجنرال علي محسن مع قوى الإسلام السياسي ومعها الوجاهات القبلية النافذة في شمال وغرب مدينة تعز، وتمكنها من القوة، التي أهَّلتها السيطرة الكاملة على مختلف المنافذ الغربية للمدينة، والتحكم بشريانها الحيوي الذي يربطها بالحديدة وميناء المخا، الذي صار تحت سيطرتها الكاملة، بكل مقدراته، ليوفر بذلك مداخيل مالية كبيرة لقوى هذا التحالف، الواقع جغرافيا تحت السيطرة العسكرية للجنرال علي محسن، باعتباره قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، التي ظلت لعقود تمتد من باب المندب إلى صعدة.
أضف إلى ذلك ضمان السيطرة العسكرية على المدينة والمحافظة، من خلال قرارات التعيين للقادة العسكريين، خاصة بعد فشله في إيصال أي من العناصر الموالية له الى سدة التحكم بالسلطة المحلية.
ويرى مراقبون؛ أن ذلك كان من الأسباب التي أدت إلى إغراق مدينة تعز بالدماء، وتحويل التظاهرات السلمية في المدينة، التي هدفت الى إسقاط النظام في 2011، الى مواجهات مسلحة، بين العناصر القبلية والإسلامية الموالية له (حزب الإصلاح) وقوات الجيش والأمن التابعة للرئيس السابق علي صالح.
إلى ذلك تحدث إلى «العربي» الناشط علي الشرعبي، قائلاً، «كلنا ندرك اليوم مخاطر خطط الجنرال علي محسن، والمنظومة القبلية والعسكرية التي ظلت تمارس السياسة النفعية الى جواره، وظلت طيلة العقود الثلاثة الماضية تمثل كياناً قبلياً ومناطقياً يحيط بمدينة تعز وممولاً بالسلاح والأموال»، مضيفاً «والمؤسف جداً أن النخب الثقافية والسياسية في تعز واليمن برمته، لم يكونوا على علم بتلك التكتلات الخطيرة إلا بعد أن ظهرت بقرونها الخبيثة في أحداث 2011، وظهور الأسلحة النوعية من مخازن سرية، ظلت لسنوات في مناطقنا التي مازالت تدين بالولاء الكامل له، ولأياديه القوية في شرعب بمديرياتها الثلاث، والمناطق المجاورة».
السيطرة على المحافظة
ويؤكد مراقبون أن تعز لا يمكنها تحقيق الخلاص من الطرق الاحتيالية والابتزاز الممارس من قبل قوى التحالف بين الجنرال محسن والجماعات القبلية والدينية، وقد تأكد ذلك في السنوات الأربع الأخيرة، من خلال قدرتها على إلغاء أي دور للمنظمات والأحزاب السياسية في المحافظة.
واستطاعت الظهور بمظهر المقاومة الشعبية، ما ترتب عليه فرض شروطها في اختيار القيادات العسكرية الموالية لها في قيادة المحور، وقيادات معظم الألوية التابعة له، ناهيك عن تجنيد عناصرها، لتحقق بذلك السيطرة الكاملة بغالبية عظمى للأفراد في الجيش الجديد، والتي من خلالها يمكن السيطرة على القرار داخل المحافظة.
إلى ذلك، تحدث إلى «العربي» الصحفي نائل المقطري، قائلاً: «لو أخذنا بالاعتبار موقف جماعة حزب الإصلاح الممثلة لمخططات الجنرال علي محسن من المحافظ الأسبق شوقي هائل، لأدركنا جيدا، أن طموح هذه الجماعة هو الوصول الى منصب المحافظ بالدرجة الأولى، ولم تتمكن من تحقيق هذا الهدف».
وعلل طريقتها في مواجهة أي قيادة في المحافظة، بقوله: «ولهذا وجدناهم أقوياء في استخدام الدعاة، في تكفير أي مسؤول أو ناشط على مستوى المحافظة، وقدرتهم على استخدام منابر المساجد في التفويج للتظاهرات المناوئة، تمهيدا لاستخدام القوة المسلحة»، مضيفاً «هذا ما حدث للمحافظ السابق علي المعمري الذي نجا من الموت المحقق بأعجوبة، بعد محاصرته في شركة النفط من قبل قوات من الجيش الموالية له، بقيادة العميد صادق سرحان، الذي يعتبر الرجل الأول للجنرال في تعز».
وتابع «ها هي ذات القوات تحاول محاصرة المحافظ الدكتور أمين محمود، قبل شهرين حاولوا محاصرته في مقر شركة النفط، ثم في منزله، تحت مبرر المظاهرات الليلية لجرحى الحرب، وأخيراً في مهاجمة حراسته الخاصة في الاسبوع الماضي من الشهر الجاري، والهجوم على منزله بحي المجلية».
وأنهى المقطري حديثه بالقول: «ستظل تعز مسرحاً للابتزاز من قبل هذه الجماعة، ولن يتحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي في أنحائها، لأن ذلك سيؤدي إلى حرمانها من إيرادات غير مشروعة لا يمكن حصرها، لهذا هي تستميت من أجل إبقاء تعز دائرة مغلقة لمصالحها، وهي على استعداد للتضحية من أجل ذلك الهدف بالكثير».
إدانة الجرائم
كانت الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة تعز، خاصة الهجوم على حراسة المحافظ أمين محمود، من قبل قوات تابعة للواء 22 ميكا، قد قوبلت بالإدانات الواسعة النطاق، وفي مقدمتها اللجنة الأمنية، التي قررت في اجتماعها يوم الأحد 16 من الشهر الجاري إخراج قوات الجيش من داخل المدينة، وتسليم كافة المواقع لقوات الأمن الخاصة والشرطة. كما لحق ذلك اجتماع ضم قيادات الأحزاب السياسية في المحافظة، وأصدرت بيانا (لم يوقع عليه حزب الإصلاح فقط)، أدانت فيه ما أقدمت عليه القوات الموالية للفريق الأحمر وحزب «الإصلاح».
يذكر أن ما أقدمت عليه تلك القوات، جاء على إثر الاتهامات الموجهة من المحافظ لقائد محور تعز، عبر مذكرات رسمية وجهت إلى العميد خالد فاضل الموالي لتحالف على محسن، طالبته بتوضيح طرق صرف المليارات التي خصصتها الرئاسة لتحرير ما تبقى من المدينة، ناهيك عن ضياع مليارات غيرها، خصصت خلال السنوات الماضية لمداواة جرحى الحرب، في الداخل والخارج، وكان من نتائج ذلك السفر المفاجئ لقائد المحور الى خارج اليمن، وسط توقعات بعدم عودته الى تعز.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.