شُرفة التاريخ !
يمنات
معاذ الأشهبي
– “لا يُشير التاريخ فقط إلى الماضي” !
قالتها وهي تضع كرسيها إلى جواري في شرفة المنزل، وأضافت: “عليك نسيان فكرة علاقة التاريخ الحصرية بالماضي، وتجاهُل أولئك الذين لا يزالون يخبرونك بها في أروقة الأكاديميات أو على أدراج المنابر أو طي كتب الأدب أو بين سطور الصحف أو عبر إيهام السينما” !
أطفأت سيجارتي، ثم سألتها: “وهل من السهل إزاحة الغبار عنه وقطع صلته بالموتى هكذا فجأة” ؟!
ابتسمت وهي تعيد تثبيت وضع عويناتها، ثم قالت: “ثق يا عزيزي أن ارتباط التاريخ بما تقصد مسألة جزئية لا أكثر، والحقيقة أن لا موتى ولا غبار وأننا نحمله في داخلنا” !
قلت لحثها على قول المزيد: “هذا يعني أننا نمارسه أو نصنعه” !
ردت طي ابتسامة رضا: “أحسنت، إنه موجود وحاضر في كل ما نقوم به من أفعال”.
وأردفت على سبيل التوضيح: “لهذا لا تعليل سواه للأسباب التي تفسر قابلية بعض العرب للارتهان أو ارتضاؤهم للتبعية أو استطابتهم للانبطاح، وهي نفسها الأسباب التي تجعلنا مقبرة للغزاة وتفسر اصرارنا على المواجهة ومقتنا للأجنبي المحتل” !
أومأت لها بالموافقة وقلت: “أنت أكثر من رائعة” !
ردت بإمتنان قائلة: “الرائع ادراكك الفائق”.
ثم نهضت فجأة وتابعت تقول: “لن أطيل؛ إذ ثمة خلاف ناشئ في الداخل يشي به تعالي أصوات الصغار، لكن التيقن من حقيقة أن التاريخ لا يشير إلى الماضي فقط، وأنه يتضمن أيضاً تفسيراً أو إجابات فورية للقضايا الراهنة، يتيح لنا – كما لخصومنا الذين ربما مكنتهم همجيتهم وعدوانهم من إعادة التعرف علينا مجدداً – ادراك المعلومات الأساسية اللازمة لإبانة صورتنا كما هي وصوغ السياسات العامة، تجاهنا أو توقعها منا، في المستقبل” !
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.