وكالة: مع تنامي أزمة خاشقجي .. الملك سلمان يؤكد سلطته ويكبح سلطة نجله الأمير الشاب
يمنات
قالت خمسة مصادر على صلة بالعائلة المالكة في السعودية إن تداعيات اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي كانت من الضخامة بحيث شعر الملك سلمان بضرورة تدخله في الأمر.
يوم الخميس الموافق 11 أكتوبر/تشرين أول 2018، أوفد الملك أقرب مساعديه، الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة، إلى اسطنبول في محاولة لنزع فتيل الأزمة.
و قالت المصادر إن القلق كان يتنامى في بعض جوانب الديوان الملكي من أن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الذي فوضه الملك في صلاحيات واسعة، يواجه صعوبات في احتواء التداعيات.
و خلال زيارة الأمير خالد اتفقت تركيا والسعودية على تشكيل مجموعة عمل مشتركة للتحقيق في اختفاء خاشقجي.
و في أعقاب ذلك أمر الملك النائب العام السعودي بفتح تحقيق بناء على النتائج التي تتوصل إليها المجموعة.
و قال مصدر سعودي على صلة بالدوائر الحكومية، إن اختيار خالد وهو من كبار أفراد العائلة وله مكانة عالية، له أهميته لأنه المستشار الشخصي للملك و ذراعه اليمنى و تربطه صلات قوية وصداقة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
و قال رجل أعمال سعودي يقيم في الخارج لكنه على صلة وثيقة بالدوائر الملكية إن الملك سلمان أكد سلطته في إدارة هذه المسألة منذ الاجتماع الذي عقد بين الأمير خالد و أردوغان.
و لم يرد مسؤولون سعوديون على أسئلة عن فحوى هذا التقرير. و أحالها متحدث باسم الأمير خالد إلى ممثلين للسلطات في الرياض.
كان خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة و أحد منتقدي الأمير محمد، قد اختفى عقب دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين أول الجاري.
و يقول مسؤولون أتراك إنهم يعتقدون أن خاشقجي قتل داخل القنصلية و نقلت جثته منها. و نفت السعودية هذه الاتهامات بشدة.
و قال اثنان من المصادر على دراية بما يدور في الديوان الملكي إن الملك، الذي سلم إدارة شؤون المملكة اليومية لابنه، لم يكن في البداية على علم بحجم الأزمة.
و قال المصدران إن ذلك يرجع في جانب منه إلى أن مساعدي الأمير محمد كانوا يوجهون الملك للأخبار الإيجابية عن البلاد على القنوات التلفزيونية السعودية.
و تغير هذا الوضع مع تنامي الأزمة.
و قال أحد المصادر الخمسة، حتى إذا كان محمد بن سلمان يريد حجب هذا الأمر عن الملك فلا يستطيع ذلك لأن خبر اختفاء خاشقجي على كل القنوات التلفزيونية العربية و السعودية التي يشاهدها الملك.
و أضاف المصدر، بدأ الملك يسأل مساعديه و الأمير محمد عنه. و اضطر الأمير محمد لإخباره و طلب منه التدخل عندما أصبحت قضية خاشقجي أزمة عالمية.
و منذ ارتقاء الملك سلمان عرش المملكة في يناير/كانون ثان 2015 منح ابنه الأثير الأمير الشاب سلطات متزايدة في إدارة شؤون المملكة. غير أن المصادر الخمسة قالت إن تدخل الملك الأخير يعكس انزعاجا متزايدا بين بعض أعضاء الديوان الملكي بشأن مدى أهلية الأمير محمد للحكم.
و قد نفذ الأمير محمد “33 عاما” سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية و الاقتصادية منذ ارتقاء والده العرش، و كان منها رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات و فتح دور السينما في المملكة المحافظة.
لكنه عمد أيضا إلى تهميش أعضاء كبار في العائلة الحاكمة و أحكم قبضته على أجهزة الأمن و المخابرات.
و اقترنت إصلاحاته بحملة تضييق على الأصوات المعارضة و عملية تطهير لشخصيات كبرى من الأمراء و رجال الأعمال بتهم الفساد كما اقترنت بحرب اليمن باهظة الكلفة.
و نال اختفاء خاشقجي من صورة الأمير و زاد التساؤلات بين الحلفاء الغربيين و بعض السعوديين.
و قال مصدر سعودي رابع له صلات بالديوان الملكي، حتى إذا كان ابنه الأثير فلابد أن يكون لدى الملك رؤية شاملة لبقائه في الحكم و بقاء العائلة المالكة. ففي النهاية سينال ذلك منهم جميعا.
و لم يرد المسؤولون السعوديون على الفور عندما تم الاتصال بهم للتعليق على الأمر.
خطأ في الحسابات
نفت المملكة مرارا ضلوعها بأي شكل من الأشكال في اختفاء خاشقجي. غير أن المصادر المطلعة على شؤون الديوان الملكي قالت إن رد فعل الولايات المتحدة حليفة السعودية منذ عشرات السنين كان له دوره في تدخل الملك.
و قال مصدر آخر على دراية بمجريات الأمور في الديوان الملكي، عندما خرج الأمر عن السيطرة و ثارت ضجة في الولايات المتحدة أبلغ الأمير محمد والده أن هناك مشكلة و أن عليهم مواجهتها.
و أضاف ذلك المصدر أن ولي العهد ومساعديه اعتقدوا في البداية أن الأزمة ستمر لكنهم “أخطأوا في حساب تداعياتها”.
و كان المسؤولون الأتراك قد أوضحوا أنهم يعتقدون أن خاشقجي قتل داخل القنصلية، و قال مصدران تركيان إن الشرطة لديها تسجيلات صوتية تدعم هذا الأمر. و قال المصدران إن هذه المعلومات نقلت إلى السلطات السعودية و الأمريكية.
و يوم الثلاثاء اتهم السناتور الأمريكي لينزي جراهام، الجمهوري المقرب من الرئيس دونالد ترامب، الأمير محمد بإصدار الأمر بقتل خاشقجي و وصفه بأنه “معول هدم” يعرض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر. و لم يذكر ما الدليل الذي استند إليه في هذا الادعاء.
و قال ترامب يوم الخميس إنه يفترض موت خاشقجي لكنه ما زال يريد الوقوف على حقيقة ما حدث. و ردا على سؤال عن العواقب بالنسبة للسعودية قال” “حسنا، يتعين أن تكون بالغة الشدة. أعني، هذا شيء سيء، لكن سنرى ما سيحدث”.
و كان ترامب قد قال في وقت سابق إن “قتلة مارقون” ربما كانوا مسؤولين عن ذلك و استبعد إلغاء صفقات سلاح بعشرات المليارات من الدولارات.
و يوم الثلاثاء قال ترامب إنه تحدث مع الأمير محمد الذي أبلغه أنه لا يعلم بما حدث في القنصلية عندما اختفى خاشقجي.
و تمثل القضية معضلة للولايات المتحدة و لبريطانيا و دول غربية أخرى. فالسعودية أكبر الدول المصدرة للنفط و تنفق بسخاء على صفقات السلاح الغربية كما أنها حليف في المساعي الرامية لاحتواء النفوذ الإيراني.
إلا أنه في علامة على ما وقع من ضرر، قررت مجموعة من رؤساء المؤسسات المصرفية و الشركات العالمية من بينهم كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي و جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لمؤسسة جيه.بي مورجان و بيل فورد رئيس مجلس إدارة شركة فورد الانسحاب من مؤتمر استثماري مهم في السعودية هذا الشهر.
و قرر وزير الخزانة ستيفن منوتشين يوم الخميس أيضا التراجع عن خططه لحضور المؤتمر لينضم بذلك إلى وزير التجارة البريطاني و وزيري المالية الفرنسي و الهولندي الأمر الذي أثار علامات استفهام حول مصير المؤتمر.
و كان مسؤولون سعوديون قالوا إنهم يعتزمون المضي قدما في عقد المؤتمر المقرر في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر/تشرين أول الجاري رغم موجة الانسحابات.
و لم تعلق جيه.بي مورجان أو فورد على سبب الانسحاب أو ما إذا كان اختفاء خاشقجي عاملا مؤثرا في اتخاذ هذا القرار.
و كانت لاجارد قالت في وقت سابق إنها “روعت” بسبب التقارير الإعلامية عن اختفاء خاشقجي. و لم يذكر متحدث باسم صندوق النقد الدولي سببا لإرجاء زيارتها للشرق الأوسط.
المصدر: رويترز
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.