صحيفة امريكية ترصد الخطوط الأمامية للحرب السعودية الغير مرئية في اليمن
يمنات – صنعاء
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن أزمة مقتل المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية قبل اسبوعين جعلت العالم ينتبة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن لأكثر من ثلاث سنوات، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين، وخلق ما تسميه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وفي تقرير للكاتب ديلكان والش ترجمه “المهرة بوست” فإن ولي العهد السعودي المتهور محمد بن سلمان، الذي يخضع للتمحيص بشأن قضية خاشقجي يواجه اليوم حسابات عنيفة لمتابعته الحرب في اليمن، وهو ما أعتبره كارثة أخرى للسياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، وكارثة لأشد دول العالم العربي فقرا.
خارج اليمن، تم تجاهل الحرب الكارثية إلى حد كبير منع السعوديون الصحفيين الأجانب من شمال اليمن، والذي يعد مسرحا لأكبر فظائع الهجوم الجوي والتجويع الأعمق، كما دعم الأمريكيين حملة التحالف الذي تقوده السعودية بالذكاء والقنابل والتزود بالوقود، مما أدى إلى اتهامات بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة وفقا للصحيفة.
منذ يونيو الماضي تركزت الحرب على ميناء الحديدة على البحر الأحمر ورصدت الصحيفة في زيارة لها هذا الشهر إلى ساحة المعركة عند بوابات المدينة ما تبدوا عليه حرب الأمير محمد عن قرب.
وتضيف الصحيفة “في الحديدة، استقرت الحرب واصبح ايقاع الحرب متقطع، حيث يشتد القتال عند الغسق والفجر، عندها يمطر المقاتلون من كلا الجانبين قذائف الهاون على خط الجبهة”. وفي غضون دقائق، تتوقف الشاحنات الصغيرة في طريقها إلى الخروج من المستشفى الميداني، والتي يتم ملؤها بالمقاتلين الذين يتم اسعافهم الى المشفى، وتحوي المستشفى الأمهات اللواتي أصبن بسقوط قذائف الهاون، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية السيئ أو أولائك الذين يعانون من الإسهال الحاد، وكبار السن الذين يعانون من أرجل متورمة بسبب الألغام الأرضية.
أسس المسعفون اليمنيون المستشفى الميداني في الدريهمي، على الطرف الجنوبي من الحديدة، في يونيو / حزيران عندما انهالت عليهم قذائف الهاون، وبات عبور الشاطئ معضله كبيرة بالنسبة لهم.
ويسود المستشفى الممول من الهلال الأحمر الإماراتي الفوضى العارمة، وليس لديها أي قيود على الأسلحة أو المخدرات، حيث يتجمهر المقاتلون الشباب الذين يرتدون الكلاشينكوف في غرفة الطوارئ ويقفون على نحو مقلق بجانب المسعفين الذين يعملون لإنقاذ رفاقهم الجرحى، وتمضغ بعض الممرضات القات، وهو ورق مخدر يحبه اليمنيون، وفي الليل يجتمعون في مهاجع مزدحمة لتبادل القصص والفكاهات لتجنب نيران العدو.
يتابع الكاتب “قبل وصولنا بقليل، قالوا إن طائرة حوثية بدون طيار انفجرت فوق غرفهم”، يقول الدكتور هزاع عبد الله، 34 عاما، وهو طبيب مناوب في المستشفى إن الذهاب للسباحة في البحر خلال فترة هدوء القتال قد يجعلك في مواجهة الغام بحرية تطفو نحوك.
وأضاف “في عام 2011، عندما اجتاحت احتجاجات الربيع العربي اليمن ودول عربية أخرى آمنت بموعد التغيير”. وقال: “اعتقدت أنه سيكون مثل الثورة الفرنسية، وأنها ستفتح الأبواب، وبدلاً من ذلك، فإننا نمر بالجحيم”. وتدور المعارك في أرض قاحلة من المزارع المهجورة على الحافة الجنوبية من الحديدة، بين مطار المدينة المليء بالألغام وتقاطع استراتيجي يدعى كيلو 16.
هناك –وفقا للكاتب- شاهدنا شاحنات صغيرة محملة بمقاتلين يتسابقون في الصحراء، وعجلات تدور، ومحركات تسرع، لتجنب نيران القناصة وقذائف الهاون. وبالقرب من خط المواجهة، كان المقاتلون المهاجرون ينحنون خلف السواتر الترابية أو يتجمعون تحت الأشجار، فيما تسمع طنين الطائرات في سماء المنطقه، وتم رصد زوج من الأبقار، علقوا في مرمى النيران، متعفنه في الغبار.
انضممنا إلى مجموعة من المقاتلين الجهاديين لتناول طعام الغداء في منزلهم بالقرب من الخط الأمامي، غرف المقاتلون حفنة من الأرز والدجاج، بقيادة قائد مبتهج يضع ضمادة كبيرة على جبهته بسسب خدوش تعرض لها برصاصة قناص، كانت هناك صناديق للصواريخ الروسية المضادة للدبابات، مكدسة في الزاوية، تحمل علامات تحدد أن من اشتراها إماراتيون، وفي وقت لاحق، مع حلول الظلام، عاد المقاتلون إلى مواقعهم.
وفي سعيه للسيطرة على ميناء الحديدة، يأمل التحالف في حرمان الحوثيين من ملايين الدولارات من إيرادات الضرائب الشهرية وإجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكن الحديدة هي أيضا بوابة لتجويع الشعب حيث يعتمد ثلاثة أرباع سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة على شكل من أشكال المساعدات الإغاثية، والغالبية العظمى منها تمر عبر الميناء.
تحت ضغط دولي مكثف، وعد التحالف المسؤولين الغربيين بأنهم لن يقاتلوا في المدينة أو الميناء، وأنهم سيسعون بدلاً من ذلك لتطويقها، وقد حفر كلا الجانبين مواقع على أطراف المدينة، وهناك تبادل لإطلاق النار ولكن قليل من الأراضي يتم السيطرة علها. تمتد الجبهة الثانوية والموازية للطريق الساحلي الذي تسيطر عليه قوات التحالف لمسافة حوالي 80 ميلاً إلى الجنوب، حيث تدور المعركة في القرى النائية والبلدات الصغيرة، و يحاول كلا الطرفان قطع خط إمداد الطرف الآخر.
وتقول الأمم المتحدة إن هذه الجبهة الثانوية هي أكثر المناطق دموية بالنسبة للمدنيين، مع فرار ما لا يقل عن 500 ألف شخص من ديارهم، أُجبر العديد منهم على اللجوء إلى مخيمات مزرية للاجئين في مدن تقع على طول الساحل مثل المخا، وهو ميناء صغير كان يشتهر بصادراته من البن، وهو مجاور للخوخه، إحدى مدن الصيد الهادئة، حيث يتجمهر المقاتلون وسط المدينة، يمضغون القات، وكثيرا ما يختلط اللاجئون والجنود والجواسيس الحوثيون في سوق البلدة.
يندلع إطلاق النار في الليل، رغم أنه عادة ما يكون احتفاليًا من حفلات الزفاف، وقد اعتبرت الأمم المتحدة ومعظم وكالات الإغاثة الغربية أن المنطقة غير آمنة لتقديم الخدمة، ومن الاستثناءات البارزة “أطباء بلا حدود”، التي افتتحت مؤخرًا مستشفى في المخاء.
بالنسبة لمعظم اللاجئين، فإن مصدر القلق الرئيسي هو وجبتهم التالية، وفي مقلب النفايات في المخا، يفتش ثابت بجاش عن الزجاجات وعلب الصفيح. قبل طرد المقاتلين له من منزله، كان بجاش مزارعًا يقول بجاش بوجه يملؤة الإزدراء، “أما الآن فقد انحدرت إلى هذا”. و أن تمكن من جمع حفنة من العلب، فقد يكسب 1.40 دولارا – وهو ما يكفي لإطعام أطفاله الخمسة لبضعة أيام.
قد يكون 80 ميلاً فقط من مكب النفايات، وغرفتين في الطابق العلوي في المستشفى الميداني، كما لو انك على كوكب آخر. ففي أحدها ، قام الهلال الأحمر الإماراتي بتثبيت قاعة جدبدة للعمليات، وفي الأخرى وحدة العناية المركزة مكونه من ستة أسرة.
لكن المعدات الطبية المطلوبة باهظة الثمن ولم يمسها أحد، ولم تتمكن السلطات من العثور على فريق طبي للعمل هناك – يمنيون أو إماراتيون. بدا ذلك رمزا لطريقة الحرب الإماراتية، وتدفع الإمارات العربية المتحدة أجور المقاتلين وتزودهم بالصواريخ والمركبات المصفحة بملايين الدولارات.
ومع ذلك “يشير الكاتب إلى أن الجنرالات الإماراتيين يديرون المعركة من منطقة عدن الأمنه نسبيا، وهي المدينة الرئيسية في جنوب اليمن، حيث تتمركز غالبية الجنود الإماراتيين المقدر عددهم بـ 5000 في اليمن، حيث تضرب الطائرات الحربية والقوارب البحرية الإماراتية الأهداف في الحديدة من الجو والبحر، وتقوم زوارق البحرية السعودية بدوريات في المياه قبالة الحديدة.
و يصعب العثور على الجنود الإماراتيين والسعووديين في الخطوط الأمامية للجبهة، ويحرس المجندون السودانيون قواعد الائتلاف على طول الطريق السريع الساحلي والعديد منهم من دارفور وفي المستشفى الميداني، كان القتلى والجرحى الذين رأيناهم من اليمنيين.
ربما كان قد فات الأوان على “محمد كليب” عندما اسرع به أصدقائه إلى المستشفى في الساعة 7:30صباح الأحد، وقد أصيب المصور البالغ من العمر 20 عاما في صدره خلال مناوشات في مطار الحديدة، وبعد محاولة قصيرة لإحياء المقاتل، أعلن أحد الأطباء أنه مات. وقف شقيق كليب بجانب الجثة في غرفة الطوارئ، وقال “لقد اصابنا الحوثيون فجأة”، “كانت قذائف الهاون شديدة للغاية، كان من الصعب حتى استعادة جثته”.
كان الأخوان جزءًا من المقاومة التهامية، التي يأتي مقاتلوها من الساحل، وهي واحده على الأقل من عشرات الميليشيات اليمنية، التي تحمل مشاريع متباينة على نطاق واسع، وتقاتل تحت رأية التحالف. في ركن من غرفة الطوارئ، عندما رحل الممرضون، أنحنى يحيى كليب إلى أخيه المتوفى، و قبله على جبهته، وقام بإسدال غطاء رمادي على وجهه، ثم ربط عقده برفق في كفنه.
وقد أثارت مشاهد لمراكب الطويلة والمحملة بالجنود والذخائر فضلاً عن الإرتفاع الحاد في الضربات الجوية، التقارير في الأسابيع الأخيرة بأن التحالف يستعد للقيام بحملة جديدة على الحُديدة، لكن حتى لو استولى التحالف على المدينة، فإن الخبراء يشككون في أنها ستغير مسار الحرب.
وعلى الرغم من أكثر من 18 ألف غارة جوية للتحالف منذ عام 2015، فإن الخطوط الأمامية تبقى إلى حد كبير دون تغييرحول الحديدة، حيث قام الحوثيون بزرع مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالألغام. وفشلت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوسط في تحقيق السلام مراراً وتكراراً – لأن معظم الأطراف يشعرون بأنهم سيكسبون من خلال المزيد من القتال، كما يقول غريغوري دي جونسن، الباحث في الشأن اليمني في مؤسسة العربية.
قال جونسون: “لقد فشلت سنوات من الغارات الجوية في إزاحة الحوثيين، ويشعر قادتهم الآن بالأمان”، “إنهم يعتقدون أنهم يستطيعون انتظار السعوديين”.
في غضون ذلك، تلوح كارثة إنسانية في الأفق، حيث سارعت موجة الهبوط الحاصلة بسبب الحرب في قيمة العملة اليمنية الشهر الماضي في انهيار اقتصادي حاد، وحذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليز غراندي، من أن 14 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة في الأشهر المقبلة. وبالنسبة لولي العهد الأمير محمد، فإن الحرب تعتبر بمثابة خطأ فادح، إلى جانب الحصار الفاشل الذي قاده ضد قطر، وخطف رئيس الوزراء اللبناني، والعملية المعترف بها رسميا والتي أدت إلى وفاة السيد خاشقجي في اسطنبول.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.