أين ذهبت مليارات القذافي؟ سؤال يبحث عن إجابته المدعي العام البلجيكي و جهات ليبية وأمريكية تعرقل التحقيق
يمنات
لا نَشُكْ مُطْلَقًا في أنّ سبعَة مَلايين مُواطِن ليبيّ يعيش نِصفْهم لاجِئًا في دُوَلِ الجِوار، مِصر وليبيا، أو يتشَرَّدون في المَنافي الأُوروبيّة، يُتابِعون ما آلَت إليه بِلادُهم مِن قِتالٍ ودَمارٍ وتَشرذُمٍ جُغرافيٍّ وقَبَليٍّ واجتماعيٍّ وسياسيّ، وعَجْزِ الأُمم المتحدة، والمُجتمع الدوليّ بالتّالي، عَن إيجادِ حَلٍّ لمُشكِلَتهم، ووضْعِ حَدٍّ لمُعاناتِهم، وهو المُجتمع الذي أعطَى الضَّوء الأخضَر لحِلف “الناتو” لغَزو بلادهم تَحت عَناوين الحُريّات وحُقوق الإنسان ومُحارَبة الفَساد، لكن ما نَشُك فيه هو مُتابَعتهم لِما آلَت إليه أكثَر مِن 350 مِليار دولار ما زالَت مُجَمَّدة في بُنوكٍ غربيّةٍ تتضاءَل حجمها بشَكلٍ مُتسارعٍ بسبب أعمال النَّهب والسَّرِقات مِن قِبَل “القادة” الجُدد ومِيليشياتهم التي وصَلت إلى السُّلطة بهَدفِ إسعادِهِم، وإقامَة الدولة الليبيّة الفاضِلة.
بلجيكا تعيش الآن فضيحةً كُبرَى، رُبّما تَكون قِمّة جبل الثَّلج، عُنوانها اختِفاء حواليّ 10 مِليارات يورو مِن أموال الدولة الليبيّة المُودَعة في زَمنِ العقيد الراحل معمر القذافي، مِن مجموع 14 مِليار دولار كانَت مُودَعةً في أربعةِ بُنوكٍ بلجيكيّةٍ.
النائب العام البلجيكيّ طالب بفَتحِ تَحقيقٍ رَسميٍّ حول اختفاءِ هَذهِ المِليارات، والجِهات التي استولَت عليها، كما بادَرت الأُمم المتحدة بالخُطوةِ نَفسِها، ولكن جِهات أمريكيّة تُريد عَرقَلة هَذهِ التَّحقيقات حتّى لا تتكشَّف أسماء عُملائِها الذين لَعِبوا دَوْرًا رَئيسيًّا في “الثَّورة” الليبيّة، لتَنفيذِ مُخطَّط الانتقام من ليبيا، وتَهيِئَةِ المَجال لتَدخُّل حِلف “الناتو” وتغيير النِّظام، وإعدام رئيسه بطريقةٍ دمويّةٍ بَشِعَةٍ.
التَّحقيقات الأوّليّة التي كَشَفَت عن بَعضِ تفاصيلها صُحُف وقنوات تلفزيونيّة بلجيكيّة تُؤكِّد أن بعض هَذهِ المِليارات ذهبت إلى جَماعاتٍ مُسلَّحةٍ مُتطرِّفةٍ لَعِبَت دَوْرًا كبيرًا في إطاحَة النظام الليبي، وإلى شخصيّاتٍ سياسيّةٍ كَبيرةٍ وتُجّار سِلاح، بَل وعِصابات الاتِّجار بالبَشر، والنَّقلِ غير القانونيّ للمُهاجِرين.
إنّها فَضيحةٌ عالميّةٌ كُبرَى تَكشِف حجم المُؤامرة التي تَعرَّض لها الشَّعب الليبيّ ودَولته وتَشعّبها، ولذلِك يَجرِي بَذْل جُهود كبيرة لتَطويقِها مِن قِبَل قِوىً عُظمَى بقِيادَة أمريكا، ومِن المُؤكَّد أن فضح القَليل مِن فُصولِها سيُطيح برُؤوسٍ كُبرَى، ليبيّة وغربيّة، أو هكذا يأمَل الكَثيرون.
أكثَر مِن ثلاثة ملايين ليبي يَعيشون على الكَفاف في مِصر وتونس ولا يَجِدون ثَمَنَ العِلاج، بينما تتعرَّض أموالهم للسَّرِقَة وبلدهم للتَّدمير على يَد ميليشيات باسم حُقوق الإنسان ومُحارَبة الفَساد.. إنّها مُفارَقةٌ كُبْرَى.
الشَّعب الليبيّ كان مُحِقًّا في انتفاضِه ضِد الفَساد والديكتاتوريّة في شباط (فبراير) عام 2011، ولكنّه لم يَكُن يعلم أنّ هُناكَ قِوىً غربيّةً استعماريّةً وظَّفت هَذهِ الانتفاضة مِن أجلِ بَذرِ بُذور الفَوضى وعدم الاستقرار، وتفتيتِ بلاده، ومِن المُؤسِف أنّ الجامعة العربيّة، ودُوَل خليجيّة جَرى استخدامها كغِطاءٍ لتَشريعِ هَذهِ المُؤامَرة.
الحقائق التي ستَظهَر حتمًا، جُزئيًّا أو كُلِّيًّا، ستُزيل الغَشاوة عن أعيُنِ مَلايين اللِّيبيين حتْمًا، وسَيجعلهُم يُعيدون حِساباتِهم مُجدَّدًا، ويَنظُرون إلى مُستَقبَلِهم نَظرَةً مُختلفةً ومَسؤولةً، عُنوانُها الأبْرَز إعادَة بِناء الدولة الليبيّة على أُسس العَدالة والديمقراطيّة والقَضاء المُستَقِل، والمُحاسَبة، مُحاسَبة كُل المُتورِّطين في مُؤامَرة تدمير بِلادِهِم.
الشَّعب الليبيّ الوَطنيّ العَربيّ المُسلِم المُتواضِع الشَّهم، يستَحِق العَيش الكَريم، والتَّمَتُّع بثَرواتِ بِلادِه التي خَصّه الخالق بِها، ولا بُد أنّه سيُحاسِب كُل مِن ساهَمَ في ايصالِه إلى هذا الوَضعِ المُؤسِف كَذِبًا وخِداعًا.
افتتاحية “رأي اليوم”
اشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.