من أرشيف الذاكرة .. إجادة أعضاء البرلمان للقراءة والكتابة
يمنات
أحمد سيف حاشد
– تشترط أصغر شركة أو مؤسسة خاصة في اليمن، لتشغل وظيفة دنيا في سلمها الوظيفي، أن تكون لديك على الأقل شهادة الثانوية العامة .. و يشترط قانون السلطة المحلية في المادة (63) الحصول على مؤهل جامعي لتشغل منصب مدير عام المديرية .. وحدهما مجلس الوزراء و مجلس النواب اليمني، و هما أكبر مؤسستين و سلطتين في اليمن، (السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية) لا يشترط فيهما الدستور و القانون أي مؤهل علمي، لتكون عضوا في أي منهما، و اكتفيا بشرط إجادة القراءة والكتابة..
– المادة (64) من الدستور، و المادة (56) من قانون الانتخابات العامة و الاستفتاء، تشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مجيداً للقراءة و الكتابة. و المادة (131) من الدستور تشترط أن تتوفر في رئيس الوزراء و نوابه والوزراء الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس النواب، و منها بالطبع إجادة القراءة والكتابة.
– ليست هذه المفارقة هي كل شيء .. و ليس هذا فقط ما هو صادم، فحقيقة الواقع أشد وقعا، و أسوأ مما تتوقعه من سوء .. إنه دون ما تحكيه و تمليه النصوص من شروط و لوازم .. فحتى إجادة القراءة و الكتابة لم تتوفر لدى البعض .. لقد مرق بعضهم إلى مجلس النواب مرقا، هم و سهامهم، رغم افتقادهم حتى لشرط إجادة القراءة و الكتابة.
– في الاستمارات الخاصة بكل عضو من أعضاء المجلس، و المطلوب منهم ملئ بياناتها، كتب بعضهم أمام حقل مؤهلهم العلمي عبارة (يقرأ و يكتب)، و آخرون تركوا حقل المؤهل العلمي فارغا، دون أن يكتبوا فيه شيئا، فيما فريق ثالث من ذلك البعض، كتب في حقل المؤهل العلمي، كلمة (بدون).
– هذه الـ “بدون” يرجع استخدامها ربما لواحد من التفسيرات أو الاحتمالات الآتية: أما أنه لا يوجد لدى هذا العضو مؤهلا البتة، أو أن هذا العضو يخجل من تسمية مؤهلة، بسبب تواضع ذلك المؤهل، أو عدم امكانية الاحتجاج به، لعدم وجود جهة تعتمده أو وثائق مؤيدة تؤكده، و الاحتمال الثالث هو أن بعض هؤلاء الأعضاء عاقد النية على دعم مؤهلة، بطريقة ما، و بشهادات و مؤهلات ربما يستخرجها لاحقا بطريقته الخاصة، و قد صار وجاهة اجتماعية يشار لها بالبنان!!
– الدستور نص على أن يُقسِم عضو مجلس النواب قبل مباشرة مهام العضوية أمام المجلس اليمين الدستوريـة في جلسـة علنيـة .. و قانون مجلس النواب المسمى “اللائحة الداخلية لمجلس النواب” الصادرة بالقانون رقم (18) لسنة 2003م تنص في المادة (9) على أن كل عضو في مجلس النواب قبل مباشرة مهام العضوية أمام المجلس في جلسة علنية يؤدي اليمين الدستورية الآتية: أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكاً بكتاب الله و سنة رسوله، و أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، و أن أحترم الدستور و القانون، و أن أرعى مصالح الشعب و حرياته رعاية كاملة، و أن أحافظ على وحدة الوطن و استقلاله و سلامة أراضيه.
– تم تسمية أكبر الأعضاء سناً لإدارة الجلسة الإجرائية، و تم انتخاب رئيس و أعضاء هيئة رئاسة المجلس، و على نحو يدمي العين ـ تطرقت إلى هذا في موضع سابق ـ و تم قراءة قرار رئيس الجمهورية بدعوة المجلس للانعقاد، ثم أتى دور أداء اليمين الدستورية من قبل أعضاء المجلس.
– شاهدت بعضهم يقرؤون اليمين بصعوبة، و شاهدت أحدهم قرأ بعض اليمين، ثم ندع بعضه من رأسه، و آخر تعثّر في القراءة من أولها، ثم قرأ اليمين فيما يخص الكتاب و السنة، و تمه بعد تعطيف بعضه، فيما بعضهم كان و هو يقرأ اليمين الدستورية، في وضع يشبه بما تمر به المرأة أثناء المخاض و الولادة..
– هل أعضاء مجلس النواب بروا بأيمانهم، و بما أقسموه باسم الله العظيم، و أجلّوه التزاما و فخامة، و بجلّوه وعدا و مهابة و يقينا، بوضع كل منهم، راحة كف يده اليمنى على ظهر المصحف الكريم ـ كلام الله و كتابه ـ مستهلا قسمه باسم الله العظيم؟!!
– هل بر أعضاء مجلس النواب بجليل القسم، لاسيما فيما يخص: الحفاظ على النظام الجمهوري، و احترام الدستور و القانون، و مراعاة مصالح الشعب، و حرياته، رعاية كاملة؟!! هذا ما لنا معه تناول لاحق في قادم ما سيأتي، مع الإشارة هنا أن بعضهم بل أكثرهم لم يبر بيمينه، حتى في حدود قاعة و ردهات المجلس..
***
يتبع..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.