تصوروا “برمنجهام” بلا أطفال
يمنات
لطف الصراري
85 ألف طفلٍ يمني دون سن الخامسة، ماتوا خلال الثلاث سنوات والنصف الماضية من عمر هذه الحرب الملعونة. هذه أكبر إحصائية، تنشرها منظمة أجنبية عن ضحايا الحرب من الأطفال الذين يفتك بهم سوء التغذية الحاد.
في سياق الإحصائية ذاتها، ذكرت منظمة «أنقذوا الأطفال» نهاية الأسبوع الماضي، أن هذا العدد من الأطفال اليمنيين الذين فارقوا الحياة، يساوي إجمالي عدد الأطفال دون سن الخامسة في برمنجهام، ثاني أكبر المدن البريطانية. لنتخيل فقط أن مدينة برمنجهام أو أي مدينة أوروبية أو أمريكية، تخلو فجأة من الأطفال دون سن الخامسة! ومع الأخذ بالاعتبار أن هذه الإحصائية قد تكون بلا شك، أدنى من العدد الفعلي لوفيات أطفال اليمن جراء سوء التغذية، وسيكون هناك عشرات الآلاف من حالات الوفاة بسبب سوء التغذية وأسباب أخرى.
قائمة الأسباب الأخرى من أسباب موت اليمنيين في ظل الحرب القاتم، تكاد تكون معروفة؛ مثل القتل المباشر، أوبئة، أمراض مزمنة، أمراض موسمية، أخطاء طبية، انعدام الأدوية، وأخيراً وليس آخراً، الجوع. نعم، من كان يتصور أن زمناً سيأتي على اليمنيين ينعكس فيه المثل القائل: «ما حد يموت من الجوع!»
ها نحن نصل إلى مرحلة من الحرب صرنا فيها نرى أطفالنا يموتون جوعاً وليس بوسعنا فعل شيء. الحرب تتشعب وتعزز أسباب الانقسام بين القادة العسكريين والمدنيين وصولاً إلى أفراد المجتمع. ومقابل ذلك، تبدو فرص السلام ضئيلة الحظ، لكي تتغلب على نزعة القتال.
غادر المبعوث الأممي الى اليمن، مارتن جريفيث، صنعاء، قبل أيام تاركاً علامات استفهام كثيرة عن إمكانية نجاح مساعيه في تقريب الفرقاء من الإحساس بمأساة شعبهم. لقد شهدنا من الفظائع ما يكفي لدفع القادة المنقسمين إلى تغليب العقل على القوة، وإلى تقديم تنازلات حقيقية من أجل عودة الحياة للمدن والبلدات والقرى. لا يوجد شبر في اليمن لم تطله نار الحرب، لا يوجد فرد من المجتمع لم يلفحه سعيرها. وفوق ذلك، لا يلوح في الأفق خلاص.
85 ألف طفل دون سن الخامسة ماتوا، بسبب سوء التغذية خلال ثلاث سنوات ونصف. كم عدد الأطفال الذين قضوا لأسباب أخرى إذن؟ ضحايا الهجمات الجوية والبرية والاشتباكات في المناطق المأهولة بالسكان، وضحايا العنف الناتج عن استمرار الحرب وانهيار الاقتصاد، وتدهور الرعاية الصحية وأجهزة الأمن والقضاء. كم عدد الأرواح التي أزهقت في جبهات القتال وفي الخلافات الشخصية وما إلى ذلك من أسباب الموت التي جلبتها الحرب؟
وفي حين يستمر التصعيد القتالي في الحديدة، وجبهات أخرى بالتزامن مع المساعي الأممية والدولية لإنعاش جولة مفاوضات جديدة، مازال يموت طفل كل عشر دقائق. يموتون بين أذرع آبائهم وأمهاتهم العاجزين عن فعل شيء لإنقاذ حياتهم. والأقسى من ذلك، عندما يموتون بين أيدي الأطباء المجردين من الإمكانيات الطبية والدواء. وفي حال مضت الأوضاع نحو استمرار التصعيد، ترى كم سيتضاعف عدد الوفيات على إثر انخفاض حركة الواردات التجارية والمعونات الإنسانية عبر ميناء الحديدة..؟
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.