دور النخبة السياسية في ادارة التغيير السياسي أو اعاقته
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
في كثير من بلدان العالم التي تحقق التغيير السياسي وفق نضال شعبي تولت نخبة سياسية إدارة التغيير السياسي (وهي نخبة تتشكل من جماعات جديدة وأخرى جزء من ذات النخبة التي تم الاطاحة بها او المطالبة بتغييرها) مثل جنوب افريقيا والبرازيل وتشيلي واثيوبيا وحتى اسبانيا بعد فرانكو واليونان ايضا جميعها اظهرت النخب الجديدة ومعها جزء من النخب القديمة ولائها والتزامها بالوطن الذي تعيش فيه والتزمها بإجراء تغييرات واسعة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتجدد معها الخطاب الحزبي والحكومي وتوسعت الاصلاحات الاقتصادية التي استفاد منها قطاع واسع من المجتمع.
و مع هذه النخبة واصلاحاتها تحقق قدر من الاستقرار السياسي والتزام باللعبة السياسية وفق قواعد الديمقراطية. كل ذلك ترتب عليه ارتقاء هذه البلدان في سلم التطور العالمي..
السؤاااااااااااااااااااال هل النخبة السياسية الراهنة في دول الربيع العربي – وهي جزء من نظام سابق – اكتسبت وعيا ومعرفة وخبرة بالتغيير السياسي مفهوما وفلسفة..؟ وهل عندها التزام وولاء تجاه الوطن وهل تستطيع اجراء تغييرات سياسية واقتصادية ايجابية لصالح المواطن مع التأكيد على تعزيز بناء الدولة ومؤسساتها والتزام القانون وقواعد اللعبة الديمقراطية .. هل استفادت او اطلعت هذه النخبة على ما تحقق في دول اخرى سابقة لنا في مشروع التغيير السياسي والمصالحة بل وتحقيق العدالة الانتقالية.
كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والامنية التي تسجلها منظمات دولية وإقليمية ومحلية لا تعطي دلالات وايحاءات ايجابية بل على العكس تماما تعكس هذه المؤشرات فشل النخبة في إدارة التحول السياسي مع عدم القدرة على تخفيف حدة الازمات سياسيا واقتصاديا بل وفقدت قدرا كبيرا من ثقة المجتمع نتيجة الاخفاقات المتعددة وتمكن مناهضوها – كما في حالة اليمن – من التوسع والتمدد مجتمعيا وسياسيا وفقا لتلك الاخفاقات.
و وفقا لهذا المعطى تساءل المراقبون عن معوقات التحول والتغير السياسي والنظر الى النخبة السياسية كنخبة عاجزة عن الإدارة السياسية ووضع المسار العام في تصرف الخارج الإقليمي والدولي الذي يعمل على تصنيع نخب تابعة تتولى إدارة الشأن السياسي في اطار دولة رخوة او ضعيفة يسهل تسييرها عبر وكلاء محليين .. في هذا السياق ومع عدم القدرة على الحسم العسكري او تعزيز الاصطفاف الشعبي فان اي مفاوضات او مشاورات لن تكون ممكنة وناجحة لان الطرف المناهض للتغيير المدني الديمقراطي يفرض شروطه وفق دعم خارجي وحضور في الداخل .. الخطير في الامر ان الامريكان ومعهم بريطانيا تدعم جماعات ذات هويات فرعية لتكون في صدارة المشهد مما يمنحها حضور سياسيا في إعادة بناء الدولة خصما من مشروعها الثوري ونظامها الجمهوري..
في عموم دول الربيع يتم تعويم الدولة والمجتمع في أزمات بنيوية تتداخل وتتقاطع مع أطماع الخارج ووكلائه محليا هنا يستمر المشهد في صورة الفوضى والعبث ومزيد من الازمات وافقار المجتمع ورهن ثرواته الاستراتيجية للخارج وهنا أيضا تفقد الدول سيادتها وحضورها وهو امر يرتبط بفشل النخبة السياسية في إدارة التحول بل ساهمت في استمرار الازمات مع غياب البديل السياسي الوطني الذي لايزال في طور تشكل ضمن مشروع مدني ديمقراطي لامجال معه لأوهام جهوية او مذهبية بل مشروع يتجه نحو المستقبل مع القطع بنيويا مع مروث سياسي ومعرفي مخاصم للواقع ومتغيراته ضمن مسار عولمي يتسم بمتغيرات واسعة وشاملة لابد من استيعابها والاستفادة منها إيجابيا..
جميع دول الربيع تتصف بضعف في الأداء السياسي وتزايد مظاهر الفساد واستغلال الوظيفة العامة وغياب الشفافية مما يجعل من التغيير السياسي مشروعا مؤجلا الى جانب تأجيل مشاريع التنمية وبناء الدولة والديمقراطية وهو الامر الذي يؤكد الحاجة الى نخبة سياسية جديدة لا ترتبط بماضي استهدفته ثورات الشباب في ربيعهم الذي صار خريفا نخبة تقود البلاد نحو المستقبل وانهاء كل مظاهر الفوضى والاستقطاب الراهن. وهذا هو التحدي الأساسي لدول الربيع بل وعموم دول المنطقة..؟
المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.