من أرشيف الذاكرة .. صحيفة المستقلة .. استبدال اسم “المجانين” باسم “المستقلة”
يمنات
أحمد سيف حاشد
(2)
استبدال اسم “المجانين” باسم “المستقلة”
– كان المتاح فقط اصدار صحيفة أُخرى، و هو ما خلصت إليه الجهود و الوساطات، و كانا الشيخان سلطان البركاني و محمد هزاع عبد الغني قد لعبا دورا مهما في اتاحة هذا الخيار البديل و الممكن، و ما عداه كان معدوما أو مستحيلا..
– لم أكن راضيا على هذا الخيار في قرارة نفسي، بل كنت مستثار منه، غير أن لقائي مع مجيد الشعبي، و قريبي عبده فريد حاشد أقنعاني بهذا الخيار؛ كونه الخيار الوحيد المتاح..
– شعرت في البداية أن قبولي بهذا الخيار قد تم على مضض، و من باب الاضطرار لا سواه .. و لكن لاحقا تشبثت بهذا الخيار .. فالحياة كما يقول “باولو كويلو” توفر دوما فرصة أخرى. لقد اعتبرتها فرصة ينبغي أن لا أهدرها أو أضيعها بحمق، فالمرء محكوما بشروط واقعة، طالما لازال تغييره أو تبديله بعيد الحين و المنال.
– أغلب الظن أن من بيده اطلاق قرار منح هذا الخيار المتاح، قد راهن على فشلي؛ لأنه يحتاج إلى رأسمال لإطلاق صحيفة جديدة، و هذا الرأسمال ليس بحوزتي، و غير متأتي لي، و من الصعوبة أن أجمعه، و أنا الذي يتملكني الحياء و الخجل و الحساسية المرتفعة نحو المال و الاقتراض..
– و زائد على هذا سأحتاج إلى وقت طويل لأصنع نجاح أبداه من الصفر، و شروط الفشل في الواقع متوفرة على نحو باذخ، فيما شروط النجاح في الواقع تشبه المعجزة .. و لأبلغ ما بلغته “القبيطة” يحتاج إلى سنوات، و لن أستطيع أن أستمر عدة أشهر في إصدار جديد .. ربما هكذا بدأ الأمر لمن كان بيده خيار منحي ترخيص اصدار صحيفة جديدة..
– مراهناتهم على فشلي كان تحدّيا كبيرا وحقيقيا، وكان ينبغي أن أتجاوز كل الصعوبات التي تنتصب أمامي .. كنت أشعر أن التغلب عليها أمرا ليس باليسير، و لكن لابأس أن أبدأ بمعاملة استخراج الترخيص أولا .. الرصاصة التي لم تقتلك، كما جاء في المثل، يجب أن تقويك، و النجاح كما يقول “ونستون تشرشل” أن لا نفقد الحماس.
– كنت أريد أن تكون اسم الصحيفة الجديدة “المجانين” و ربما هناك أسماء أخرى أكثر جنونا، و لكن محمد شاهر وكيل وزارة الإعلام آنذاك رفض التعاطي مع اسم كهذا، و طلب أولا اثبات حالة الجنون .. و كان محمد شاهر يومها في الواجهة، و هو أكثر شخص في الوزارة بوسعه عرقلة أي إصدار، و الحقيقة لم يكن محمد شاهر وكيلا للوزارة فقط، بقدر ما كان يلعب دور وكيل السلطة الخفية في الوزارة و قفازها الملوث..
– أردت من اسم “المجانين” أن تحمل الصحيفة من أول وهلة دهشة لافتة، و ثانيا لتذكّر الناس بنشرة “القبيطة” التي كانت تعرف عند الكثير باسم “صحيفة المجانين” نسبة إلى الحوارات التي كنت أجريها مع بعض “المجانين” و هي تسمية أردت بها أن أحافظ على الجهد السابق المبذول في “القبيطة” .. و لكن امتنعت وزارة الإعلام عن إجازة هذا الاسم أو التعاطي معه.
– الحقيقة لم أكن أريد أن أعلق عند اسم الصحيفة لتكون مبرر منعي من إصدارها، رغم أنني كنت أشعر بمرارة إرغام التنازل عن حقي القانوني في اختيار اسم الصحيفة التي سأصدرها، و لكن لابأس من محاولة قطع كل مبرر أو ذريعة تحول دون اصداري لصحيفة أتوق أن تكون منبري، و منبر كل الناس البسطاء الباحثين عن منبر لصوتهم..
– تدخل زميلي عضو مجلس النواب علي عبد ربه القاضي رئيس كتلة “المستقلين” في المجلس، لدى وزارة الإعلام لقطع ذريعة امتناع الوزارة عن منحي ترخيص إصدار صحيفة، و هو من أقترح اسم “المستقلة” و نجح بتدخله في تمرير هذا الاسم الذي وافقت عليه وزارة الإعلام..
– و ماذا بعد..؟! كان علي أن أوفر ما هو ملح و أساسي .. رأس المال الضروري لإصدار صحيفة .. علي أنتظر قليلا من الوقت لبدل العلاج السنوي التي أتقاضاه من المجلس، و هو أربعة ألف دولار .. و لكنه مبلغ لا يكفي لأن أستمر، بل و ربما لأن أبدأ بالعدد صفر..
– عليّ أن أسخّر جزء من المكافأة التي استلمها من المجلس .. عليّ أن أجمع بعض التبرعات بحرج شديد لأستطيع أن أبدأ و أستمر .. علي أن أقترض مبلغ من سندي و صديقي الصدوق الأستاذ محمد عبد الرب ناجي، و لكن ما أقترضه منه يجب أن يكون مبلغ اضطراري، و في حدود القليل، و يتوجب أن أفي بسداده في أقرب فرصة ممكنة، و هو ما حدث بالفعل..
– لغرض الإصدار اشتريت جهاز كمبيوتر متواضع “ماك” للإخراج، بمبلغ يزيد عن ألف دولار تقريبا، لأنه لا يمكنني شراء جهاز ماكنتوش الذي يصل قيمته بين الثلاثة آلاف و الخمسة آلاف دولار .. اشتريت برنامج الناشر الصحفي بـ 600 دولار لاستخدامه في الإخراج .. اشتريت طابعة ليزر بمبلغ 350 ألف ريال .. اشتريت أيضا جهاز كمبيوتر عادي بمبلغ مائة و عشرة ألف ريال .. نقلت مقر سكني إلى نفس العمارة التي فيها مقر الصحيفة في عمارة الفاقوس في جولة تعز..
– اشتريت طاولة و أحضرت أخرى من البيت، و مثلها عملت مع الكراسي، كما أحضرت كمبيوتري الشخصي القديم ليتعلم فيه بعض المحررين الطباعة .. فرشت أرضية الصحيفة، و ساهمت بعض مقتنياتي القديمة في فرش المجلس في مقر الصحيفة .. أودعت الضمان أو التأمين اللازم الذي يفرضه قانون الصحافة في البنك .. كان من اللازم أن لا أبقي لوزارة الإعلام أي حجة أو ذريعة لإعاقة ما أنا بصدده، و هو اصدار الصحيفة..
– أخترت صديقي باسم الشعبي ليكون رئيسا للتحرير، و استكملت ما يطلبه القانون من شروط، بل و أضفت عليها ما أحتاط به، و لم أبقِ أي ثغرة صغيرة، و لا ذريعة يمكن أن تستخدمها وزارة الإعلام لإعاقة الإصدار إلا و سديتها بإحكام..
***
يتبع..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.