السلفيون والباب المغلق في الحرب اليمنية..
يمنات
وضاح اليمن الحريري
يقال أن السلفيين شكلوا في دفاعهم عن عدن العمود الفقري للمقاومة فيها، بعد أن كانوا قد اصطدموا في السابق مع الحوثيين في اكثر من موقعة لعل أشهرها معارك دماج، وعندما اجبروا على الرحيل كانت فلولهم تدرك ان حربا قادمة لا شك ستأتي عما قريب، لذلك جهزوا احوالهم وتهيأوا لهذه الحرب، التي لو اعدناها الى التاريخ يوما، نتوقع ان يقول ان الطرفين هؤلاء بحكم ارتباطاتهم الأقليمية كانا اكثر الاطراف ادراكا أن حربا ستشب في اليمن، وهنا يتوقف حديثه، لنعاود القول، ان الطرفين انتصرا فعلا في فرض وجودهما على الساحة العسكرية في اليمن، وما يعنيه هذا الأمر من استحقاقات سياسية ووظيفية وادارية في جهاز الدولة واجتماعية على صعيد المجتمع، ولأن الحوثي ليس هو موضوعنا هنا فبالتأكيد ان السلفيين كتيار سياسي وعسكري ضارب هم موضوع كتابتنا.
إن النظر في خريطة بنيان القوى المتحاربة وتوزع مناطق النفوذ، وبقليل من تأمل وفحص، نجد أن الوضع الحالي في عدن لا يبعد كثيرا عن سطوة هذا التيار، الذي يتنامى طموحه يوميا بالاعلان عن سلطته الرسمية في هذه الساحة السياسية الضيقة التي تمتلئ، بمنشورات النشاط السياسي النظيف والكيدي، هذه السطوة ورغبة من التيار في ابعاد نفسه عن مناخ الوطنية اليمنية، هربا من الجلوس على طاولة سلام واحدة مع الحوثي، يسعى بكل تأكيد الى التقارب مع الانفصاليين الجنوبيين، ليصبغهم بصبغته ويحتوي الجميع معه في ظل رايته، الممتزجة طبعا بالمشروع السياسي الذي يحمله، بينما يمكن تفسير ارتباطه بالرئيس هادي باعتباره ولي الأمر المؤقت الذي سيسير معهم حتى مبتغاهم طالما هم أحد مفاتيح تأمين حضور الشرعية، ولو في ظاهر الأمر على الأقل.
السلفيون اذن صاروا احد كروت اللعب والسيطرة في عدن والمناطق المحررة، معبرين عن نهج جديد لم تظهر خطورته بعد، على المجتمع المدني المتعدد والمتنوع في هذه المدينة المبهرجة بطبول الحرب وانواع الماكياجات التجميلية، بخلاصة تفيد أن مدنيتها وحضريتها تبدوان بخير، بالرغم من ان اكثر التيارات خطرا على هذه المدنية في عدن والمناطق المحررة هو هذا التيار المتعدد والمنغمس في تحضير حاله لاستلام السلطة ولو بعد حين قريب يبتدأ في عدن ولا يقف عند حدود محافظة صعدة اليمنية في أقصى الشمال.
يقف اليوم التيار السلفي مع احترامنا لمتاصريه واعضائه وقياداته، موقف المتربص القريب جدا من هدفه، غير عابئ كما يبدو أن لعدن كمدينة بالذات، قاعدة عمل يحترم فيها التنوع والتعدد، بغير احتكار او هيمنة او استئثار، قد تقود بصاحبها الى جرف هاوية تليدة، اسمها مقبرة التاريخ، وقد حاول كثيرون من قبل ان يفرضوا على مدينة عدن شروطهم الثقيلة والمزعجة لكنها مدينة ترفض ان يسلب قرارها او تهشم ارادتها الجمعية، المبنية بروح المواطنة المتساوية التي لاتفرضها قوة السلاح او صوت الخطابة العالي، بقدر ما يستطيع فرضها الانصات والاعتراف بالآخر وشراكته، كمفاتيح يمكن ان تفتح الأبواب التي اغلقت في وجه كثيرين كان اخرهم الحوثيين، وسيلحق بهم كل من اعتقد ان السلاح هو المعقل الأخير لتنفيد افكاره وفرضها على أهالي ومواطني هذه المدينة الصابرة.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.